كيف يمكنني تغيير شخصيتي الحساسة المؤنِّبة؟

0 302

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.

أنا فتاة وبعمر 24 سنة، طالبة طب، أعاني كثيرا من تأنيب الضمير، حتى بسبب الأشياء التافهة، مثلا لو تفوهت بكلمة سيئة لأحد أو جرحته أتأثر، وأفكر في الموضوع كثيرا، مما يعطلني عن أمور حياتي، وأيضا لو أخطأت في إجابة في الاختبار، أحزن وأتعب.

أنا حساسة جدا، أتأثر بأية كلمة توجه لي من أقاربي تنتقد شكلي أو جسمي، فتظل عالقة في ذهني وتحزنني، رغم أنني أحاول أن أحسن الظن بهم، ولكنني أفشل، وأشعر أنني مقصرة في أموري الدينية، وفي بعض الأمور لست راضية بالقضاء والقدر، وهذا الشيء يؤلمني كثيرا، فهل أستطيع تغيير شخصيتي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم البراء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في موقعك، ونشكر لك المشاعر النبيلة تجاه الآخرين، ونحيي فيك روح السؤال، ونسأل الله أن يوفقك، ويصلح الأحوال، ويعينك على طاعته، ويحقق الآمال.

قال عمر بن عبد العزيز: كنا نرى سعادتنا في مواطن الأقدار، وكل ما يقدره الله خير، ومن رضي فله الرضا، وأمر الله نافذ، ومن سخط فعليه السخط، فتعوذي بالله من الاعتراض، وتذكري أن الله فعال لما يريد، وأنه سبحانه: " لا يسأل عما يفعلل وهم يسألون".

كنا نتمنى أن تذكري لنا نموذجا، لأن هذا الاعتراض قد يكون مجرد وسوسة من الشيطان، وأنت -ولله الحمد- كارهة ونافرة مما ينقدح في نفسك، فإن كان الوضع من هذا النوع، فبشرى لك، لأن هذا دليل على الإيمان، كما جاء في كلام رسولنا -صلى الله عليه وسلم- وتوجيهه لمن قال له - عليه الصلاة والسلام-: يجد أحدنا من الكلام ما لزوال السموات والأرض أفضل من أن يتفوه به، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-:" أو قد وجدتموه؟ ذاك صريح الإيمان، الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة".

كون الشيطان لا يملك إلا أن يوسوس، وأنت رافضة لوساوسه، فهذا مؤشر على الخير الذي فيك، فاحمدي الله، واثبتي، وانتبهي للتوجيه النبوي، حيث قال -صلى الله عليه وسلم-:" فإذا وجد ذلك أحدكم فليقل آمنت بالله، ولينته "، يعنى يوقف توارد الخواطر السيئة، وليتعوذ بالله من الشيطان.

أما تأثرك ببعض كلامك مع الآخرين، فلا مانع من الاعتذار إذا اقتضى الأمر، ونتمنى أن لا تكوني حساسة أكثر من اللازم، وبعض الناس لا يبالي بما حصل، وقد لا يأخذ في نفسه شيئا، وتعوذي بالله من شيطان همه أن يحزن أهل الإيمان، فعامليه بنقيض قصده، وتذكري أنه يريد أن يشوش عليك.

أما بالنسبة لما يحصل لك من تدخلات الأقارب أو غيرهم، أو كلامهم عن طولك وشكلك وغيره، فاعلمي أن كلام الناس لا ينتهي، وفضولهم لا يتوقف، ورضاهم غاية لا تدرك، وقد ورد عن الإمام الشافعي أنه قال: من ظن أنه يستطيع أن يرضي الناس فهو مجنون.

العاقل مثلك يجعل هدفه إرضاء الله، فإذا رضي العظيم عنا أرضى عنا خلقه، ومن تعمل بالصالحات وتؤمن بالله، فإن الله يأمر جبريل أن ينادي في أهل السماء: إن الله يحب فلانا أو فلانة، فيحبه أهل السماء، ثم يلقي له أو لها القبول في الأرض، قال تعالى:" إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا".

هذه وصيتنا لك بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، والمواظبة على ذكره وشكره وحسن عبادته، وعاملي الناس بمثل ما تحبين أن يعاملوك به، وإن أصبت فاحمدي الله، وإن أخطأت أو قصرت فاستغفري، واعلمي أن الله غفار لمن تاب.

سعدنا بتواصلك مع موقعك، ونسأل الله أن يوفقك، ونتمنى أن تذكري لنا في المستقبل نماذج من المواقف؛ حتى يسهل التحليل والتصور للموقف، ونسأل الله أن يكتب لك النجاح والقبول.

مواد ذات صلة

الاستشارات