السؤال
السلام عليكم.
مشكلتي طويلة، ولكني سأحاول أن أختصر.
كنت طفلة هادئة جدا ومسالمة، وكان أبي في شبابه صاحب مشكلات، ولكن ثبات أمي تجاه مشكلاته العديدة واستهتاره كان سببا في إصراري على النجاح، ولكن في سن 13 أقدم أبي على عقد قراني بواحد من أقاربي، وهو شاب مستهتر، وكانت هذه أول نقطة غضب من والدي انزرعت في قلبي، ودام هذا العقد سنتين، ثم أحس أبي بغلطته، وفسخ عقد القران بيننا.
ولكن رجع والدي بعدها وأنا في سن 15، وزوجني من أحد أقاربي الذي كانت مشاكلي معه كثيرا، وكان شابا أيضا يتبع الملذات والسهر والشرب، مع أنه يحبني، ولا يستطيع التخلي عني، ولا يحتمل فكرة طلاقي!
أحس بأن سيول الغضب التي في قلبي أخذت تنفجر على من حولي، تغيرت من فتاة هادئة إلى امرأة لا أطيق الخطأ بشتى صوره حتى البسيطة منها. ومثل ما يقولون أرى بأن كل من يخطئ من حولي يخطئ بسبب أنه لا يحبني، أو لأني لست ذات قيمة.
أحاول كثيرا كبح أعصابي، والهدوء، ولكن كل ما أرى تقصيرا من ناحية خادمتي، أو من ناحية أبنائي، أو من ناحيتي أنا، أجعل منه ذنبا لا يغتفر! وأقوم بحركات عصبية في لحظات الغضب، منها عض الشفاه، وصك الأسنان على بعضها، حتى قمت مؤخرا باتخاذ الضرب كأحد الأساليب التي أؤدب بها من حولي.
انصحوني رجاء، فأنا مع قناعتي بأن ما أفعله خاطئ إلا أني أحس دائما بأن من حولي يتعمد أن يغلط علي، فماذا أفعل؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم أحمد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
لعل ثورة الغضب التي تعتريك حيال بعض تصرفات الأبناء تحول بينك وبين جادة الصواب، فتطغى عليك انفعالاتك في الوقت الذي هم فيه بحاجة ملحة للتعقل والرشد اللازمين، للأخذ بيد فلذات الأكباد نحو بر الأمان.
وقد يؤدي بك الغضب ويدفعك إلى السب والشتم والتشهير بأبنائك، مما يكسر جسر الثقة والتواصل بينكما، فالغضب والانفعال الزائد يلقي بغشاوة على الأعين والقلوب، فتجرفكم إلى ما لا تحمد عقباه.
ولهذه القسوة -أختي الكريمة- آثار نفسية مؤلمة عليك وعلى أولادك، فتصبحين عصبية إلى أقصى حد، ولا تطيقين أحدا، ولا تقبلين أحد يتكلم معك، ويصبح قلبك فظا غليظا، تعيشين في حرب دائمة مع من حولك، وتتشاجرين معهم دون سبب ظاهر، وتلجئين إلى الغضب والتكسير في بعض الأحيان، كما يسبب لك أيضا العدوانية، ولهذا فإن الشخص الفظ ينفر الآخرين من حوله، ويخسر محبتهم، ويكون من الصعوبة بمكان التأثير عليهم وكسبهم، فقد قال الله تعالى وهو يخاطب رسوله صلى الله عليه وسلم: ((فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين))[آل عمران:159].
أما أبنائك فيشعرون بالإهانة والتحقير أمام أقرانهم، فتضعف ثقتهم بأنفسهم، وينفرون من الآخرين المحيطين بهم، وكثيرا ما نكرر عبارات مثل: (فقدت أعصابي، أو ابني يفقدني صوابي، أو ابني يثير غضبي)، لماذا لا نحاول أن نمتص غضبنا ونتعامل بالمشاعر الإيجابية بدلا من المشاعر السلبية مع الآخرين؟ فيجب أن ننزه ألسنتنا عن كلمات التحقير والإهانة؛ حتى لا ترسخ في نفس الولد الآفات النفسية والانفعالات الغضبية، ولا شك أن هذا من حسن التربية والإعانة على البر، وانظري –أختي- إلى وصية النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل، فقد أخذ بيده وقال: (يا معاذ! أوصيك بتقوى الله، وصدق الحديث، ووفاء العهد، وأداء الأمانة، وترك الخيانة، ورحم اليتيم، وحفظ الجوار، وكظم الغيظ، ولين الكلام).
- حاولي أن تبتعدي عن الأمور التي تقلقك والتزمي الابتسامة دائما مع الآخرين.
- اعلمي أنك معهد التربية الذي يتربى فيه الطفل، وأي سلوك خاطئ تقومين به فسينقله طفلك كما هو.
- علمي أولادك الصراحة في الكلام، والابتعاد عن الكذب؛ لأن الغضب والضرب يولد لدى الطفل الخوف وضعف الشخصية.
- إذا رأيت نفسك في حالة غضب حاولي أن تقومي وتتوضئي؛ فإنه لا يطفئ النار إلا الماء.
- أكثري من قراءة القرآن والأذكار المشروعة؛ فهذا يبعد عنك الغضب.
وبالله التوفيق.