السؤال
السلام عليكم
أنا فتاة عمري 18 سنة، لدي مشكلة منذ شهر تقريبا، أتتنا خادمة جديدة، وبعد مرور أسبوع كرهتها جدا جدا؛ لأني مرتبة، والخدم السابقين مرتبون ومنظمون، وهذه أتت من فقر، لا تعرف أي شيء، تكوم كل شيء فوق بعضه وتظنه ترتيبا، وقد وجهتها في البداية ثم تعبت وغضبت، ولم أعد أكلمها أو أناولها شيئا، وكأنها عدو لدود، بل إني لا أسمح لها بأن تنظف أشيائي، وأتجاهلها، وتركت توجيهها لعدم تكلمها العربية أو الإنجليزية.
أمي غاضبة من ذلك جدا، فأنا التي أدبر المنزل وأوجه، وألقيت بكامل الحمل عليها مدعية أني لا أتحمل رؤية الخادمة، وهم اختاروا وجودها وفضلوها علي، والمشكلة أنها إلى الآن لم تتوجه، فلا موجه بعدي، وعملها مقبول، وكثيرا ما أتخاصم مع أهلي لوجودها، وقالوا لي إن كان هناك سبب رئيسي لقمنا بترحيلها، أما مجرد أنك لا تتقبلينها نفسيا فلا شأن لك بها، ولا نطالبك بتعليمها.
أنا قلقلة جدا، ففي رمضان سنذهب لمكة، وسنسكن في شقة صغيرة، وأعلم يقينا أننا سنتشاجر، فأنا أنوي الانعزال بوجودها، وأمي ستغضب، فأنا من تتكل عليها في أغلب الأمور، وأريد حلا لهذه المشكلة، فوالله منذ أن أتت وكرهتها لم تعد صلاتي صلاة، ولا عبادتي عبادة، ولا قراءتي للقرآن كما هي، أشعر بأن بغضي لها ذنب، وخصوصا في الأيام الأخيرة رأت ذلك مني في سوء خلقي معها، وعدم ردي عليها إذا خاطبتني، فأنا أتجاهلها كثيرا حتى لا أغضب.
أرجوكم ما الحل؟ لا أريد لرمضان أن يخرج بخصام ولجاج مع أهلي، علما بأني عصبية ونظامية، ولا أتحمل فوضويتها، وكيف أنزع ما بقلبي من كره واحتقار؟ أشعر بأن هذه المشاعر تجاهها هي التي حرمتني من لذة العبادة والعلم كما في السابق، وأخشى من حساب ربي يوم القيامة على ما بنفسي لها.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ دان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا المرتبة المنظمة- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والمشاعر التي دفعتك للسؤال، ونسأل الله أن يوفقك ويصلح الحال، وأن يرزقك رضا الوالدة؛ لأنه طريق لإرضاء الكبير المتعال، وأن يحقق لنا ولكم في طاعته الآمال.
تعوذي بالله من شيطان همه أن يحزن أهل الإيمان، وليس بضارهم شيئا إلا إذا قدر مالك الأكوان، واعلمي أنه ليس لك من الخادمة إلا عملها، وثقي بأنكم لن تجدوا خادمة بلا عيوب، كما أنكم لستم خالين من العيوب، ورضا أهلك عنها دليل على أن فيها ما يميزها، ومعظم الخادمات القادمات فقيرات، وتدريبهن من مهام الأسرة؛ لأن العمل ينبغي أن يكون وفق ترتيب ونظام أهل المنزل.
ونتمنى أن تتكيفي مع الوضع، وتذكري أن كل شخص مرتب لم يحصل على ذلك بين يوم وليلة، فالأمر يحتاج إلى دربة وتعلم، فحاولي توجيهها بلطف، واتقي الله فيها، واحمدي الذي جعلك مخدومة وهي خادمة.
وكنا نتمنى أن نعرف هل هذا النفور للأسباب المذكورة الظاهرة، أم أن النفور كان في البداية بدون أسباب؟ وإذا كان ذلك كذلك، فالأمر يحتاج إلى رقية شرعية، وننصحك بالمحافظة على الأذكار، وقراءة المعوذات، وخواتيم البقرة، وتذكري أن الابتسامة صدقة، وأن إرضاء الوالدة مطلب ومغنم.
وأرجو أن تحسني أخلاقك مع الخادمة، وقدري ضعفها وحاجتها، والمهم فيها هو رغبتها في التعلم واستعدادها للعمل، وقد نجد خادمة ماهرة لكن يدها خفيفة أو صلاتها ضعيفة، أو غير ذلك، فكلنا بشر.
وهذه وصيتنا لك بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، واعلمي أن صبرك على الخادمة، وإحسانك إليها، ورعاية مشاعرها، وعدم ظلمها، وسعيك في إرضاء الوالدة أعظم أجرا من نوافل العبادات.
واحمدوا الله على أن عيب الخادمة ليس في أخلاقها، وأنها لا تلام، فقد جاءت من بيئة ليس فيها هذه الرفاهية، وكل الخادمات يبدأن بهذه الطريقة، ومنهن من ينجحن جدا، بل منهن من تقضي بقية حياتها مع الأسرة.
سعدنا بتواصلك، ونسأل الله أن يعينك ويوفقك، ونكرر لك الشكر، ونحيي خوفك من التقصير في حق الوالدة أو الوقوع في الظلم للخادمة.
ونسأل الله أن يزيدك حرصا وتوفيقا وخيرا.