السؤال
السلام عليكم
أنا خريجة شريعة إسلامية، وأخذت دبلوم دراسات إسلامية، وهدفي هو خدمة المجتمع وإفادتهم من خلال ما درست، واهتممت كثيرا بمجال الأسرة وبالأخص مشاكل المراهقة والشباب، لأن لدي احتكاكا كبيرا ببعض الأسر التي عاشت فترة في بلاد الغرب، لهذا السبب نصحني بعض أقاربي أني قد أصلح لأن أكون مستشارة تربوية لما لدي من اهتمام بهذا المجال، ورأيت أنه ليست لدي خبرة كبيرة؛ ففكرت في دخول كلية علم النفس أو أخذ دبلوم تربية، ولم أنته لشيء معين حتى اﻵن فقد أصبحت في حيرة من أمري.
أتمنى أن تنصحوني في كيفية الوصول إلى هدفي، وأي مجال قد يفيدني أكثر، علم النفس أم دبلوم تربية؟ علما بأنني مقيمة في مصر، وما توجيهاتكم لي حتى أكون مفيدة في مجتمعي؟
جزاكم الله خيرا، وأعتذر عن الإطالة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
يسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن يكثر من أمثالك، وأن يثبتك على الحق، وأن يجعلك من الصالحات القانتات، وأن يملأ قلبك رحمة وشفقة على المسلمين والمسلمات.
وبخصوص ما ورد برسالتك – أختي الكريمة الفاضلة – فإنه مما لا شك فيه أن خدمة الناس والاهتمام بهم من أجل الأعمال وأحبها إلى الله تبارك وتعالى، ولذلك ورد أن رجلا سأل النبي – صلى الله عليه وسلم – قائلا: يا رسول الله أي الأعمال أحب إلى الله وأي الناس أحب إلى الله؟ فقال: (أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على قلب مسلم...) إلى آخر الحديث. ففعلا أحب الناس إلى الله تبارك وتعالى أنفعهم للناس، أسأل الله أن يجعلني وإياك من هؤلاء.
والاهتمام بالناس مجرد الاهتمام في حد ذاته هذا أمر عظيم، وهذا معنى أن الله قد أودع في قلبك قدرا طيبا من الرحمة بعباده، والراحمون يرحمهم الرحمن، وهذه بشرى من بشريات النبي – صلى الله عليه وسلم – لك.
أما فيما يتعلق بهذا الجانب الفني فأنا أنصح – بارك الله فيك – أن تذهبي أولا إلى أخصائية في العلاج النفسي، لأن المستشار الأسري ليس شخصا عاديا، فالاستشارات إذا كانت مجرد تقديم استشارة من الممكن أن تدخلي إلى الإنترنت وتكتبي (المستشار الأسري) فتأتيك بيانات، أو (كيف أكون مستشارة أسرية) سوف تأتيك بيانات كبيرة وكم هائل من المعلومات النظرية.
أما حقيقة الجانب العملي التطبيقي، إن أردت أن تعالجي حالات فهذا يحتاج منك أن تذهبي إلى بعض الأخصائيات اللواتي يمارسن هذا التخصص، وتعرفي منهن، من الممكن أن تجلسي لديها فترة ولو حتى بصفة ممرضة، وتعرفي كيف تتعامل هي مع الحالة، وما الأسئلة التي توجهها للحالة؟ ثم بعد ذلك أيضا في ذات الوقت تعرفين كيف تجيبين الحالة، لأن الحالة أحيانا تتكلم كلاما معينا يفهم المعالج النفساني من خلالها أنه يكذب، وفي كلام آخر يفهم أنه صادق، وهذا الأمر يأتي من خلال الخبرة والدرب والمران، وتبينين لها أنك تريدين أن تقدمي خدمة للناس ابتغاء مرضاة الله، بمعنى أنك لن تنافسيها في مجالها أو غير ذلك، أو ستكوني متخصصة مثلا، لأنها ستقول لك (لا بد من شهادة طب نفسي، وغير ذلك) قولي لها: (فقط أنا أريد أن أساعد الناس في المشكلات الخفيفة).
ثم بعد ذلك اقرئي كتب في فن حل المشكلات، لأن حل المشكلات فن حقيقة، يعني لا تتصوري أنها مسألة سهلة، وإن كان الإنسان منا أحيانا قد لا يحضر للاستشارة تحضيرا دقيقا في وقتها، إلا أن المخزون العلمي الذي عنده عبر سنوات عمره، هو الذي يساعده حقيقة على تحديد المشكلة وتشخيصها؛ ثم بالتالي أيضا تقديم الكلام المناسب لها.
ثم بعد ذلك تدخلين إلى الإنترنت لتقرئي عن كيفية الاستشارة الأسرية، ثم بعد ذلك أيضا عن فن حل المشكلات، حتى يكون عندك نوع من التكامل، ونحن عندنا حقيقة طب نفسي (إسلامي) من الممكن أن تقرئي في الطب النفسي الشرعي، فإنه يوجد منه كم هائل ومخزون كبير من المواد، وحتى تكون المسألة بالنسبة لك عبادة وقربى، ولا تدخلي في مشاكل النفسيين الغربيين الذين يعالجون النفس على أنها شيء آخر غير الذي أراده الله تبارك وتعالى.
هذه نية حسنة وأنت مأجورة عليها قطعا، ولن يضيعك الله تعالى، فإذا كان الأمر يحتاج إلى دبلوم متقدم، على الأقل تستطيعين من خلال الأخصائية النفسية أن تعرفي أي الكليات تساعدك في ذلك، أو أي التخصصات أقرب لتحقيق رغبتك، وبإذن الله تعالى بهذه النية الحسنة سوف يوفقك الله، وتصلي إلى المنشود، إضافة إلى ما ذكرته لك، مع الدعاء والإلحاح على الله تعالى أن يوفقك الله تعالى في ذلك.
هذا وبالله التوفيق.