السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
كل عام وأنتم إلى الله أقرب وإلى طاعته أدوم.
أود استشارتكم في أنني عندما أصلي يكون همي متى أنتهي من الصلاة، فأحيانا أخشع وأحيانا لا أخشع فيها، وعندما لا أخشع، أتذكر بأنني أقف بين يدي الله تعالى الذي بيده مقاليد كل شيء، ولا أفكر في الدنيا، وأحاول أن أستشعر عظمة الله سبحانه وتعالى، وأظن أن ذلك من كثرة ما أصليه من نوافل وقيام الليل.
أريد أن تكون قرة عيني في الصلاة كما كان النبي -صلى الله عليه وسلم-، فكيف أحافظ على الخشوع فيها ومحبتها، ولا أشعر بأنها ثقيلة؟
أفيدوني جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الله حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
يسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله -جل جلاله- بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن يتقبل جهودك، وأن يجعلك من مقيمي الصلاة، ومن الصادقات القانتات التائبات العابدات، وأن يجعلنا وإياك من عباده الصالحين وأوليائه المقربين، وسائر المسلمين.
وبخصوص ما ورد برسالتك -أختي الكريمة الفاضلة-: فإن الخشوع في الصلاة أمر نسبي، ويتوقف على الحالة النفسية للإنسان، فقد يكون الإنسان في حالة اعتدال مزاج وعدم وجود مكدرات ومنغصات، فتجدي أن الخشوع عنده يكون مرتفعا، وقد يدخل الصلاة وفي عقله كثير من الأمور التي يعيشها، حتى وإن كانت أمورا بسيطة، فتجدينه في الصلاة لا يركز تركيزا كافيا.
فإذا الإنسان خشوعه في الصلاة حسب الظرف أو حالته النفسية، ومن هنا كان الشرع الحكيم يراعي هذا الأمر، فسن الله لنا الأذان -وهو نوع من التنبيه- قبل الدخول في الصلاة بفترة، حتى نهيأ أنفسنا، ونغلق جميع الملفات المفتوحة، لنكون في حالة استعداد لاستقبال ملك الملوك -جل جلاله سبحانه-، ثم إن هذه الفترة ما بين الأذان والإقامة هي لهذا الغرض، ولتفريغ العقل والذهن والذاكرة للقاء الله تعالى.
ثم عملية الوضوء، ثم الذهاب إلى المساجد، كذلك صلاة السنة القبلية، والصلاة جماعة، أو الصلاة في البيت، كل هذه مقدمات ضرورية، حتى يتفرغ الإنسان لربه ومولاه، وحتى يفرغ قلبه للقاء الله -تبارك وتعالى-، وكلها مقدمات تعين على الخشوع في الصلاة، ورغم ذلك نجد أن الناس مشغولون، لأن الإنسان إذا كان متأثرا بشيء أو متفاعلا معه بقوة، فإنه يصعب عليه أن يتخلص منه في أي مرحلة من الزمن، ومن هنا فإني أقول -بارك الله فيك- هذا أمر نسبي، فلا ينبغي أن تشغلي بالك به كثيرا.
ولكن الذي أنصح به:
أولا: قبل تكبيرة الإحرام عليك أن تفكري في ثوان معدودة بين يدي من ستقفين الآن؟ هذا السؤال وجهيه لنفسك، فنفسك ستقول: (بين يدي الله تعالى).
ثانيا: ما الواجب علي وأنا في حضرة الله تعالى؟ أن أكون في غاية الانتباه، أن أكون في غاية الخضوع والانكسار، أن أكون في غاية التأثر والخشوع.
ثالثا: كلام من الذي سأقرأه؟ كلام الله -تبارك وتعالى-.
رابعا: ماذا ينبغي علي عند قراءة القرآن؟ ينبغي علي أن أقرأ بتدبر، ولذلك أنصحك أن تقرئي القرآن آية آية، وأن تقفي على رأس كل آية، وأن تحاولي أن تتدبري الآيات التي تقرئينها، حتى وإن كانت سورة الفاتحة التي ترددينها في كل صلاة وفي كل ركعة.
كذلك أيضا في حالة التسبيح، وكذلك أيضا في حالة الركوع والسجود، وفي حالة الرفع من الركوع، عليك -بارك الله فيك- أن تخرجي الكلام من قلبك، لا يخرج من طرف لسانك، واجعلي الكلمات تخرج من قلبك، وركزي على ذلك، مرة بعد مرة، فأنت تحتاجين إلى دعاء، وإلحاح على الله تعالى أن الله -تبارك وتعالى- يعينك على الخشوع، لأنه نعمة عظيمة.
هناك أيضا عدة عوامل أو أسباب للخشوع ذكرها أحد المشايخ في أحد الأشرطة، فاكتبي في موقع البحث جوجل: (أسباب الخشوع في الصلاة)، وستجدين أفضل ما في هذا الباب كتيب أو محاضرة للشيخ محمد المنجد، وهي موجودة على الإنترنت، هناك حوالي أكثر من ثلاثين عاملا من عوامل الخشوع، ابحثي عن العوامل التي تتناسب معك، ولكن أنا أقول: التركيز على الآيات والطريقة التي ذكرتها لك مع الدعاء -بإذن الله تعالى- كفيلة بأن تكون السبب في إعانتك على الخشوع.
حاولي أن يكون المكان الذي تصلين فيه خاليا من المغريات، ومن الأصوات ومن الملهيات، ومن الزينة ومن ملفتات النظر، بذلك -إن شاء الله تعالى- سيكون الأمر أسهل، والدعاء هو رأس كل ذلك، وأسأل الله -تبارك وتعالى- أن يوفقنا وإياك لطاعته ورضاه، وأن يعيننا وإياك على صلاة خاشعة متقبلة عنده -جل جلاله-، موافقة لهدي نبيه -عليه صلوات الله وسلامه-.
هذا وبالله التوفيق.