السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أحييكم على هذا الموقع الرائع والجهود الجبارة التي تبذلونها لسد حاجات المسلمين واستفساراتهم دون مقابل، وفق منهج شرعي وعلمي رصين من الكتاب والسنة بإذن الله، وفي كل المجالات، وجزاكم الله كل خير.
مشكلتي الكبيرة والتي تعيقني في حياتي كثيرا: أنني أثق -والحمد لله- بقدرتي على إنجاز الأمور، لكنني لا أثق بأنني سأكافأ على ما أبذله من جهد وتفان؛ وبالتالي أقلع عن القيام بالأمر كلية.
على سبيل المثال في الدراسة يمكنني أن أقضي ساعات طويلة فيها، لكني لا أثق أن المدرس سيكون عادلا معي، ويعطيني ما أستحق من درجات، وأشعر أنه ربما يهمل تصحيح الأوراق بضمير كامل، فلا أبذل جهدا كبيرا لعدم ثقتي به.
أيضا في المستقبل أخاف إن كنت متميزا في عملي ومجتهدا فيه أن تحصل لي عوائق تمنعني عن نيل ما أستحق؛ مثل أن يكون مدير الشركة من المدراء الفاشلين الذين لا يقدرون قيمة ما أعمله فلا يكافئونه بالمثل، أو أن يكون هذا المدير يكره أن أترقى بسبب تميزي فيقلل من قيمتي، أو أن يراني متفوقا على قريبه في الشركة فينقلني لقسم أقل من قدراتي، وأيضا أخاف إن تميزت أن يحيك لي زملائي في العمل المؤامرات، ويلفقوا لي التهم كي لا أصعد في عملي، وكل هذا يمنعني عن الاجتهاد، ويجعلني لا أبذل أفضل ما لدي.
الحمد لله أملك بعض المواهب مثل: الكتابة، وأشعر أنني مهما اجتهدت في كتابة أفضل وأروع الكتب والأبحاث أنها لن يكون لها شيوع، ليس لأنها سيئة بل لأن الناس عموما لا يقرؤون أو لا يتذوقون الأدب الراقي، فيضيع تعبي هباء، أو مثلا: إن تعبت في اختراع ما فإنه لن يروج بسبب أن الناس لا يفهمون الهدف منه، أو لعدم ضماني أنه لن يظهر أفضل منه في وقت قصير فيضيع جهدي هباء؛ وبالتالي أترك الاجتهاد من الأساس.
الأمثلة التي رويتها أعلاه ليست تفكيرا سلبيا خياليا، بل هي أمورا واقعية تحدث للناس من حولي، ولا أشك أن حضرتكم تعلمون هذا فكم من مجتهد يضيع جهده وعناؤه بسبب شرار الناس بكيدهم وحسدهم، أو جهالتهم، أو تقلبات الظروف التي لا يملك التحكم بها، فهناك الكثير من العباقرة في التاريخ الذين صنعوا المعجزات، ومع ذلك ماتوا فقراء تعساء لم يسمع بهم أحد.
هذه مشكلتي باختصار: أنني -والحمد لله- عندي ثقة في نفسي، وفي قدرتي على الإنجاز، لكنني لا أثق لا بالناس الذين ربما يكونون جهلة أو أشرار يسيئون إلي، ولا بالظروف التي لا أستطيع التحكم بها، والتي قد يضيع جهد وعناء كامل بسبب تقلباتها، فما قولكم في هذا؟ أرجو أن يكون الجواب مقنعا؛ لأنكم ستحلون بذلك مشكلة عظيمة.
وجزاكم الله كل خير.