بسبب المشاكل التي واجهتني من أبي وإخوتي لم أعد أشعر بالانتماء لهم، فماذا أفعل؟

0 303

السؤال

السلام عليكم.

مشكلتي أني لا أشعر بالانتماء لعائلتي، ولا أرتاح لهم، وأنا فتاة عمري 23 سنة، أبي معدد، وأمي هي الثانية، لدي 8 إخوة كبار من أبي، وأخت واحدة شقيقة، وأخ وأخت من أمي.

منذ زمن بعيد كنت أنا وأختي وأمي بعيدين عن عائلتنا لأسباب مجهولة، كانوا يحملون لنا الكره، كانت تمر فترات يتحسنون فيها معنا، ثم يعودون لسابق عهدهم بدون سبب مقنع، من تجاهل، واستحقار، وتلفظ بكلمات لا معنى لها.

مرت السنين ونحن نعيش معهم في عمارة وكأننا أغراب، مواقف لا تعد من القهر والضغط النفسي، وكنا أطفالا، ونجهل السبب، ويشهد الله أن أمي لم تكن امرأة شريرة لأقول أنها سبب المشاكل.

مرت السنين، كبرت أنا وأختي، وأصبحنا في الثانوية، متفوقات -ولله الحمد-، وأصبحنا نتقرب منهم، لم يرفضونا، وتحسنوا معنا بشكل ملحوظ، ليس الكل، ولكن بعضهم، ولكن استمرت تصرفاتهم الغير مبررة.

يخطبون ويتزوجون من دون علمنا، وللأسف أبي لا يخبرنا إلا قبل الزواج بأسبوع، أو نعلم من الناس، كنت أسأل أبي لماذا ألسنا إخوة؟ لماذا أعلم من الناس؟ كان الجواب دائما يزيد الطين بلة: لا داعي لتكبير الموضوع!

مواقف كثيرة، قبل 9 أشهر حدث خلاف بسيط، ولكنها كانت لحظة انفجرت فيها على أبي وإخواني، وأخبرتهم بأنهم ليسو عائلتي، وأنهم أناس لا فائدة منهم، ولا أشعر بأنهم إخوتي.

أخي الأكبر تفهم موقفي، ووافقني الرأي، وأني على حق، وأن هناك خطأ، واقترح على أن يعمل اجتماع ونغير هذا الحال، واجتمعنا، وتكلمنا، وأصبحنا أفضل، ولكن لا زالت التصرفات موجودة.

إخوتي المتزوجين أعلم بمناسباتهم من الناس، وأنهم اجتمعوا جميعهم ولم يخبرونا، مع أنهم يقولون لنا كلاما ويتصرفون معنا بطريقة فوق الراقية، وأخلاق عالية، إذن لماذا هذه التصرفات؟

بادرت وتكلمت معهم بأننا أخواتكم، وأن هذه التصرفات لا مبرر لها، فيقولون معك حق، ويعودون لمثل السابق.

لم أكن أحتاجهم كثيرا في وجود أمي، لأنا كنا مرتبطين بأهل أمي وإخواني من أمي وخالاتي أكثر منهم، وكان تعلقي بأمي أكثر من أي شيء في الدنيا، وأبي شخص شبه غريب، كان بينه وبين أمي خلافات لا تنتهي، وكانت أمي صابرة، ولا تخرج من بيتها إلا قليلا، ولا تأخذ من أبي مصروفا لأنه قاس معها ومعنا جدا، مع أننا بناته الوحيدات بين الأولاد.

قبل خمسة أشهر توفيت أمي فجأة قبل تخرجي من الجامعة بشهرين، كانت صدمة أكبر من أن أبكي، كان شعورا بالغربة، لا أستطيع أن أصفه، شعرت أن الدنيا انتهت، تذكرت أمي وهي تربينا على الصبر على الأقدار، وأنها كانت دائما تخبرنا أن الحياة الحقيقية في الآخرة، وأن الدنيا دار مرور، ودعاءها الدائم ربي لا تردني إلى أرذل العمر، ولا تجعلني عالة أو ثقيلة على أحد من خلقك، وكانت تقول: يا بناتي يجب أن تبروا أباكم، وليس لكم علاقة بمشاكلنا، طبعا لم نكن نلتفت لكلامها، ودائما نقول لها أنت تتكلمين بمثالية، فهو لا يساعدنا فكيف نبره؟

بعد وفاتها سلمت أمري إلى الله، ولم يخيبني، فقد ربط على قلبي، وأكملت ما تبقى من دراستي، وأنا الآن أخصائية علاج طبيعي.

تغير أبي، وأصبح مريضا وهزيلا، وأصبح أفضل معنا، وكأنه كان معتمدا على أمي في جميع أمورنا، وأصبح يلتفت إلينا، ويحمل همنا، وأصبحت أخاف عليه، وأفكر أنه ربما أمي ذهبت لأرى أبي وأبر فيه قبل فوات الأوان، مع هذا كله لا أزال لا أستطيع أن أحس بأنهم عائلتي، أكره التواجد معهم، لا أثق بهم، ليس لخلل بي، أنا متأكدة، ولكن تصرفاتهم تجبرني، فما الحل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ عنود حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا العاقلة الكريمة- في موقعك، ورحمة الله على أمواتنا ووالدتك، وزادك الله قربا من والدك، وحرصا على إخوانك وأسرتك، ونتمنى أن تكوني لهم كالشجرة الظليلة التي يأوي إليها من تلفحه حرارة الحياة، ونسأل الله أن يوفقك، وكم هي عظيمة تلك النصائح التي سمعتها من والدتك، ونسأل الله أن يصلح حالنا وحالك، وأن يؤلف بينك وبين إخوتك.

والشيطان وحده هو من يسعد بفساد ذات البين، وعدونا قد يئس أن يعبده المصلون، ولكن رضي بالتحريش بين الناس، ونشر العداوة والبغضاء، واعتراف إخوانك لك بأنك على الحق دليل على قناعتهم بكمال عقلك.

ونتمنى أن تشجعي وتساعدي وتتوقفي عن اللوم والعتاب، فإن اللوم قد يتسبب في إغلاق أبواب الخير، واعلمي أن الذي رد إليكم الوالد سوف يردهم إليك، فقلوب العباد بين أصابع الرحمن يقلبها ويصرفها.

وننصحك بعدم استخدام عبارات مثل قولك: لستم عائلتي، وأنه لا فائدة منهم، وغيرها، فإن الشيطان يضخم مثل تلك الكلمات، والأهم من ذلك أن الشريعة تدعونا أن نصل من قطعنا، ونعطي من حرمنا، وأن نعفو عمن ظلمنا، فكوني الأحسن والأفضل لتنالي الفوز عند الله، وثقي بأن إحسانك وصبرك ووصلك لهم هو الذي يردهم بعد توفيق الله إلى الصواب.

وهذه وصيتنا لك بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، ونشكر لك هذه الروح التي حملتك للكتابة إلينا، والتي ازددنا بها ثقة بأنك تستطيعين أن تصلحي وتؤثري، فاحتسبي الأجر، واصبري، وثقي بأن العاقبة للصابرين، وتعوذي بالله من شياطين الإنس والجن، وأصلحي ما بينك وبين الله يصلح الله لك ما بينك وبين الناس، وكوني مركزا للأسرة، توجهين وتعطفين وتجمعين، وأبشري بثواب الله، واستبشري بتحسن الأحوال.

وهنيئا لك القرب من الوالد والسعي في بره، ولا تلتفتي إلى الماضي، وأكثري من الدعاء لوالدتك، واعلمي أن والدك هو الباب الباقي إلى الجنة بعد وفاة والدتك، ونسأل الله أن يوفقك وأن يسعدك.

سعدنا بتواصلك، ونسعد باستمرارك، ونشرف بخدمة بناتنا وأبنائنا، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات