متى يكون الكلام غيبة؟

0 324

السؤال

السلام عليكم

تسأل سائلة عن أحوال هل تأثم بها وما يترتب عليها؟

أولها: في مجلس جديد للتعارف بين النساء وكونها جديدة لديهن ولم يتعودن عليها، ولا يخلو البعض من التحدث عن الغير، فمثلا: قالت فلانة عن امرأة أنها مسكينة لتعبها بأمور المنزل، أو أنها مسكينة لأن لديها صغارا تعبت برعايتهم.

المثال الثاني: قول إحداهن أيضا: ذهبت لمنزل فلانة ورأيت بها مشقة شديدة، لأنها تفكر كثيرا عند مجيء الضيوف لها، بمعنى تشق على نفسها وتغضب من حرصها على فعل ما يعجب ضيوفها.

المثال الثالث: تحدث إحداهن عن زوجها بأنه يذهب لقرية تبعد عن منزله بضع ساعات لمراقبة مزرعته وشؤونه، وأنه مسكين ويتعب، وأخبرته ولا يعتبر لما تقول، فترد إحداهن: إنه لا يفعل إلا الذي برأسه ولا يأخذ بكلامك، بالعامي (عنيد أو اللي برأسه بيسويه).

هل هذه الأمور تعتبر من الغيبة، ولو كان حال الشخص لا ينطق بلفظ مسكين إلا بتعود اللسان على أنه بمعنى يتعب؟

ثانيا: عند جلوسها مع امرأة حديثها لا بد وأن يكون غيبة، فتتكلم بكلام لا غيبة فيه وتدخل لموضوع آخر تغتاب فيه أفعالا سريعة، نعلم حرمة سماع الغيبة والجلوس بتلك المجالس، لكن الموقف لهذه المرأة هو مثلا بتكلمها عن فلانة، وللعلم تم إرسال حكم الغيبة لها، ولكن تكمل حديثها وتسأل سؤالا لتغير الموضوع فتغيره وتعود لما تفعله من غيبة، وللعلم أن تلك المرأة لا بد من الحديث معها.

المختصر: رد الغيبة لكي لا تكون السائلة آثمة هل يكون بـ:

1- تغيير الموضوع، فعند الحديث لموضوع تسأل عن موضوع آخر ليدور النقاش عليه؟
2- وهل يكون بأن لا تتكلم بذلك وتعبير ملامحها تدل على عدم الرغبة؟ وهل الجلوس بعد كل هذا الرد تأثم؟
3- أو هل بالقيام من المجلس مباشرة وعدم الرد لكثرة النساء والموعظة تكون فردية؟ وكيف يتم نصح مجموعة؟ وللعلم أنها لو استمرت بالنصيحة لنفروا منها، وهل إنكار المنكر يكفي بالوقوف وقول: هذا الأمر لا يجوز؟

والله الموفق.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ريثا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فنسأل الله أن يفرج الكرب، وأن ينفس ما تعسر على البشر تنفيسه، وأن ييسر بقدرته ما كان عسيرا على خلقه، وأن يلهمك طريق الصواب، وأن يرشدك إلى الحق، وأن يأخذ بناصيتك إليه.

وأما بخصوص ما تفضلت به فإنا نحب أن نجيبك من خلال ما يلي:

أولا: جزاك الله خيرا -أختنا الفاضلة- على هذا السؤال، والذي يدل على خير أنت فيه، نسأل الله أن تكوني كذلك وزيادة.

ثانيا: ما ذكرتيه من الحديث عن المرأة كونها مسكينة بمعنى متعبة هو أمر في ظاهره لا يعد غيبة، لأنه عبارة عن وصف، وقد قال الشاعر:

القدح ليس بغيبة في ستة ---- متظلم ومعرف ومحذر
ومجاهر فسقا ومستفت ومن ---- طلب الإعانة في إزالة منكر

هذه الأمور -أختنا لا تسمى- غيبة:
1 - التظلم: كأن يقول شخص للقاضي: فلان ظلمني.
2 - معرف: كأن يقال: الأعمش على سبيل التعريف لا على سبيل التنقص.
3 - محذر: كالحديث عن أهل البدع.
4 - ومجاهر فسقا: هو الذي أسقط الحياء وجاهر بمعصيته أمام الناس.
5 - مستفت: كما قالت هند للنبي -صلى الله عليه وسلم-: إن أبا سفيان رجل شحيح.
6 - طلب الإعانة في إزالة منكر: كأن يطلب من السلطات المختصة أو ممن ولاه الله أمرا ما أن يزيل منكرا.
فهذه كلها لا تعد من الغيبة.

ثانيا: ما قامت به الأخت -حفظها الله وهداها- من فعل يشير إلى تنقص هو من الغيبة المحرمة.

ثالثا: التعامل مع المغتاب يكون بما يردعه بدون أن يتسبب ذلك في الوقوع في منكر أكبر منه، وهذا يختلف من حال إلى حال، ومن مكان إلى مكان، ومن شخص إلى آخر، فإن كانت تردعها النصيحة الكتابية فخير، وإن كان يردعها القيام من المجلس فخير، وإن كان يردعها تغيير الحديث فخير، المهم أن تكون هناك وسائل رادعة.

نسأل الله أن يحفظك وأن يرعاك، وأن يقدر لك الخير حيث كان وأن يرضيك به، والله المستعان.

مواد ذات صلة

الاستشارات