بر الوالدين وكيفية التعامل مع تصرفاتهما!

0 295

السؤال

السلام عليكم

إرضاء الوالدين وإدخال السعادة عليهما، والسعي دائما في قضاء حوائجهما ليس بالأمر السهل، وهذا مسعى كل مؤمن ومسلم يخاف الله، لكن هناك بعض الآباء أو الأمهات -إن لم أقل جلهم- يتربصون بأولادهم، ويبحثون على إدخالهم في بعض المتاهات التي قد لا تنتهي، ومن الممكن أن تصل في بعض الأوقات أو الظروف ردة فعل من الأبناء -في أغلب الأحوال- لا ترضي الآباء, وتشتد المشاحنة وخاصة مع المتزوجين، ويصبح كل واحد في جهة، وإن حاولت إرضاءهم فمن المستحيل!

مثلا: أبي وأمي دائما في مناقشات وتصادمات مع إخواني, وهما –والداي- كل ما يصدر من أبنائهم غير صالح وغير منطقي، وكل تصرفات إخوتي لا تعجبهم ولا ترضيهم، وهما أشد مراقبة عليهم، ويتدخلون في كل كبيرة وصغيرة, وكثرة النقد والتدقيق دون تشجيع الإيجابيات، وكلما سعيت في تلطيف الأجواء لا أنجح.

أخيرا أو في الأيام القليلة: أردت أن أصاحب الوالد معي، ومحاولة مني مشاركته في مشروعي؛ حتى يطمئن عني، فوجدته لا ينتهي من مداخلته في كل شيء، وإن حاولت بلطف إيقافه فلا يعجبه الأمر، ويغضب، فكيف المعاملة معهما؟

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Said حفظه الله.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله أن يفرج الكرب، وأن ينفس ما تعسر على البشر تنفيسه، وأن ييسر بقدرته ما كان عسيرا على خلقه، وأن يلهمك طريق الصواب، وأن يرشدك إلى الحق، وأن يأخذ بناصيتك إليه.

أما بخصوص ما تفضلت به فإنا نحب أن نجيبك من خلال ما يلي:

أولا: لا يخفى عليك -أخي الحبيب- تكرار وصية القرآن بالوالدين، والتحذير الشديد من عقوقهما، فقد جاء في الصحيح أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (الكبائر: الإشراك بالله وعقوق الوالدين وقتل النفس واليمين الغموس) فعقوقهما كبيرة، وحث القرآن على برهما أشهر من أن يذكر، ويكفي قوله تعالى: {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما * واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا}. وقد قال صلى الله عليه وسلم: (الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه). وقال عليه الصلاة والسلام محذرا كل عاق: (رغم أنف رجل بلغ والداه عنده الكبر أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة).

ثانيا: أمر الشارع بالبر، ولا يخفى عليه سلوك البعض، وعدم فهم البعض، بل وإساءة البعض إلى أبنائهم دون قصد، ولذلك قال أهل العلم: إن حق الوالدين يستمر حتى مع إساءتهما وتقصيرهما في حق الأبناء؛ لأن الله سبحانه لم يربط البر بالإحسان، وإنما ربطه بالأبوة حتى ولو كانا مشركين يدعوان ابنهما إلى الشرك بالله والكفر به، فعليه حينئذ أن يصاحبهما بالمعروف. قال سبحانه: {وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا}.

ثالثا: بعض الأبناء -أخي الحبيب- يجعلون من أنفسهم معيارا للصواب والخطأ، فإذا خالفهم الوالد أو الوالدة فهما على خطأ وإن وافقهم فهما على صواب، وهذا خطأ، فالمعيار لا يتطرق إليه الخطأ، وتصرفاتنا وأعمالنا تخضع للتقييم والصواب والخطأ.

رابعا: لكل زمن فكره وأهله لا ريب، والوالد عاش زمانا لم تعشه، وأنتم تعيشون زمانا لم يعشه، وأولادكم سيعيشون زمانا لم تعرفوه، ولذلك ليس واجبا عليك أن تأخذ برأيه فيما لا يحسن، ولكن وده وصلاحه وبره أمر لا يتغير مع الزمن، ولا يتوقف عند الخطأ.

خامسا: نوصيك بشدة الإحسان إليه، والصبر عليه، وإيصال المعلومة الصحيحة عبر وسائل متعددة، واعلم أنه فاكهة عندك اليوم، فاجتهد –أخي- في الحصول على الأجر في حياته، واعلم أن الأجر على قدر المشقة، نسأل الله أن يحفظك، وأن يرعاك، وأن يهديك ووالدك لطريق الرشاد, والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات