السؤال
السلام عليكم..
ما هي أسباب ضعف الإيمان عند النساء؟ وكيف أقوي إيماني؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ المستغفرة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فنسأل الله أن يفرج الكرب، وأن ينفس ما تعسر على البشر تنفيسه، وأن ييسر بقدرته ما كان عسيرا على خلقه، وأن يلهمك طريق الصواب، وأن يرشدك إلى الحق، وأن يأخذ بناصيتك إليه. وأما بخصوص ما تفضلت به، فإنا نحب أن نجيبك من خلال ما يلي:
أولا: ظاهرة ضعف الإيمان لها أسباب تختلف قوة وضعفا من إنسان إلى غيره، والمؤمن الحق هو الذي يرصد الأسباب بدقة ويتعلم كيف يواجه المشكلة وكيف يزيل الخلل.
ثانيا: إننا سنورد لك –أختنا- بعض الأسباب العامة التي تعود قاسما مشتركا عند الجميع، ونتوقع منك أن تسقطي هذا الكلام على حياتك العلمية، وأن تبحثي أي تلك الأسباب قائمة؟ وكيف أواجهها؟ وهذا هو مبتدأ الطريق، فاقرئي بتمعن -بارك الله فيك وحفظك-.
ثالثا: مظاهر ضعف الإيمان تتمثل في أمور منها:
1) ارتكاب المحرمات مع الولوج في المعاصي والتساهل فيها، وهذا يسبب قسوة القلب والتي هي كما قال القرآن كالحجارة أو أشد: {ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة}.
2) التعامل مع العبادات على أنها تكليف جسدي لا روحي ولا تعبدي، حتى تصبح عبارة عن حركات فارغة من المضمون الحقيقي لها.
3) قراءة القرآن دون تدبر، حتى يغيب التأثر به فلا وعده يحفز ولا وعيد يرد.
4) الغفلة عن الله عز وجل في ذكره ودعائه، وقد وصف الله المنافقين بقوله: {ولا يذكرون الله إلا قليلا}.
5) عدم الغضب إذا انتهكت محارم الله كما أخبر -عليه الصلاة والسلام- في الحديث: (أسود مربادا (بياض يسير يخالطه السواد)، كالكوز مجخيا (مائلا منكوسا)، لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا إلا ما أشرب من هواه).
6) الاهتمام بالظاهر على حساب الباطن، والخلق على حساب الخالق.
7) احتقار المعروف، وعدم الاهتمام بالنوافل والحسنات الصغيرة، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: (لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تفرغ من دلوك في إناء المستسقي، ولو أن تكلم أخاك ووجهك إليه منبسط).
8) فقدان الصاحب الصالح الذي يأمر بالمعروف ويأخذ بناصيتك إليه أحد مظاهر ضعف الإيمان، فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: (ما تواد اثنان في -الله جل وعز– أو في الإسلام فيفرق بينهما إلا بذنب يحدثه أحدهما).
رابعا: تعود أسباب ظاهرة ضعف الإيمان إلى عدة أمور منها:
1. الابتعاد عن المحضن الإيماني الذي يقربك من الله عز وجل: كالصحبة الصالحة والمحاضرة والندوة والعمل الدعوي، الابتعاد عن هذا المحضن –أختنا- مدعاة لضعف الإيمان في النفس يقول الله عز وجل: {ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون}.
2. كثرة الانشغال بالدنيا، والانخراط في بيئة يغلب عليها البعد عن الله عز وجل.
3. التسويف وطول الأمل سبب في ضعف الإيمان، وقد حذر القرآن من ذلك قال تعالى: {ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل فسوف يعلمون}.
خامسا: علاج ضعف الإيمان:
1- التوبة الصادقة والعزم القوي أول الطريق السليم إلى الله عز وجل.
2- البعد عن المعاصي وهو ما يسميه علماء التربية بالتخلية قبل التحلية.
3- الإقبال على الفرائض وتأديتها في أوقاتها.
4- تدبر القرآن العظيم فهو الشفاء: {وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين}، مع استشعار عظمة الله عز وجل وذلك بدراسة أسمائه وصفاته، قال الله تعالى: {إنما يخشى الله من عباده العلماء}.
5- المداومة على حلق العلم وحلق ذكر الله عز وجل فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: (لا يقعدن قوم يذكرون الله إلا حفتهم الملائكة، وغشيتهم الرحمة، ونزلت عليهم السكينة، وذكرهم الله فيمن عنده).
6- الاجتهاد في النوافل والأعمال الصالحة مع المسارعة فيها لقوله تعالى: {وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض}، وقال الله تعالى:{سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض}.
7- الخلوة مع الله في الليل ولو بركعتين أمر هام جدا، وقد قال الله تعالى: {كانوا قليلا من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون وفي أموالهم حق للسائل والمحروم}.
8- التنقل بين أنواع العبادات مما يرقق القلب، جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- يشكو قسوة قلبه، فقال له -صلى الله عليه وسلم-: (أتحب أن يلين قلبك وتدرك حاجتك؟ أرحم اليتيم وامسح رأسه، وأطعمه من طعامك، يلين قلبك وتدرك حاجتك).
9- الإكثار من ذكر الدار الآخرة والموت وما أعده الله لمن أطاعة وما أعده لمن عصاه، وقد حث النبي -صلى الله عليه وسلم- على ذلك فقال: (أكثروا ذكر هادم اللذات يعني الموت).
10- المداومة على محاسبة النفس، يقول جل وعلا: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد}.
وأخيرا: الدعاء، فهو من السهام الصائبة.
نسأل الله أن يوفقك لكل خير، وأن يصرف عنك كل مكروه، والله المستعان.