السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا موظف، أعمل في إحدى المؤسسات الخيرية، ويوجد موظف في مؤسستنا لا يتورع عن محادثة الفتيات، والتحرش بهن، ومراودتهن عن أنفسهن من خلال المكالمات ومواقع التواصل الاجتماعي، وقد أخبرناه، وأبلغنا المدير عن هذه المواقف أكثر من مرة، ولكن -للأسف- لم يتخذ أي إجراء في حقه، بل على العكس تماما أخذ هذا الموظف بالتمادي، وبدأت الحالات تتوالى وتتكرر دون أي رادع؛ مما أدى إلى ضرر على مؤسستنا، وتشويه سمعتنا؛ نتيجة لما يرتكبه هذا الموظف.
سؤالي لكم: ما الحل لمعالجة هذا الموضوع؟ وهل مراجعة المسؤول وإبلاغه عن هذا الموظف يعتبر تتبعا لعورته وعيوبه، وفضحا له، خصوصا أننا بشر، ولنا عيوبنا ومعاصينا، ونخشى أن لا يشملنا الله بستره وعفوه، وأن نكون ممن تتبع عورة مسلم فتتبع الله عورته؟
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل/ أبو خلدون حفظه الله.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبا بك -ابننا الكريم- في موقعك، ونشكر لك الغيرة على الأعراض، والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يهدي زميلكم ويصلح الأحوال، وأن يعينكم على الخير، وأن يحقق الآمال.
لا شك أن النصح لزميلكم واجب، والأخذ على يديه مطلب، وحماية الأعراض سمت الكرماء، وقد غضب رسولنا لعرض امرأة فأخرج يهود بني قينقاع، كما أن صيانتنا لأعراضنا تبدأ من صيانتنا لأعراض الآخرين، وقد أحسنتم في الذي قمتم به، ونتمنى من المدير أن يتجاوب معكم، ويقوم بدوره في الردع والمنع.
ولا حرج عليكم في تكرار المراجعة؛ حتى يتوقف الزميل عن العدوان على الأعراض، ونتمنى أن يكون الحديث مع من تتوقعون نصرته وتأييده، وليس لكم أن تكلموا كل إنسان، أو تجعلوا ما يحصل منه سببا للعدوان على عرضه، وجعل الحديث عنه فاكهة للمجالس.
وكل أملنا في أن يعجل بالتوبة، ويستر على نفسه؛ ليستره الناس، أما إذا كابر وجاهر فمصيره الفضيحة والانتقام والخذلان، وربنا سبحانه يمهل لكنه لا يهمل {ولا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون}.
وهذه وصيتنا لكم بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، واتخاذ الوسائل الكفيلة بإيقافه، ومن أهم الوسائل الإجراءات الإدارية، كالنقل، أو التهديد بالفصل من المؤسسة، ويمكنكم التذكير له بخطورة ما يحصل منه على عرضه؛ فالجزاء من جنس العمل، والإنسان ينبغي أن يحب للناس ما يحب لنفسه، ويكره لهم ما يكرهه لنفسه، وانتم أعرف به بحكم قربكم منه، فابحثوا عن المداخل المناسبة إلى قلبه، وأظهروا الفرح بأي خطوة إلى الأمام، وأكثروا الدعاء له؛ فإن قلبه وقلوب العباد بين أصابع الرحمن؛ يقلبها ويصرفها.
سعدنا بتواصلكم، ونسأل الله أن يقر أعينكم بهدايته وعودته، وأن يجزيكم خيرا على غيرتكم وحرصكم.