السؤال
السلام عليكم
لدي مشكلة منذ الصغر، وهي أنني لا أحب أماكن الجماعات، مثل حلقات الحفظ والدروس، ومع ذلك لدي أصدقاء كثر وأستطيع أن أتكلم معهم جميعا، لكن عندما أتكلم والكل يكون منصتا إلي يأتيني ارتباك خفيف، مع تقدمي بالعمر، فأنا بعمر 16 سنة، بدأت حالتي تزيد، وبدأت لا أستطيع الكلام مع أصدقائي، ممكن أن أتحدث قليلا.
ليست المشكلة أن أتكلم، وإنما الخجل منهم لمجرد توجه نظراتهم إلي وجهي يصبح أحمر بدون أي أعراض أخرى.
حين صرت في الجامعة وبعمر 19 سنة، تغيرت للأسوأ، وأصبحت أرتجف وأرتعش، وضربات قلبي تنبض بسرعة، ويقل نظري، يعني لا أستطيع أن أرى بوضوح، ولا أستطيع أن أسيطر على تصرفاتي، وتصبح نوعا ما لا إرادية، ويدي ووجهي في تعرق مع أو دون احمرار الوجه، ولا أستطيع إمساك ورقة بسبب رجفان يدي، ولا أستطيع الوقوف جيدا بسبب رجفان رجلي، بمجرد ذكر اسمي لكي أقف وأقول كلمة أمام الطلاب وخصوصا إذا كان هناك نساء في المكان نفسه، ولكنه لا يقتصر على النساء حتى مع الرجال.
أصبحت أبحث عن حلول من خلال قراءة ما تكتبونه هنا من حلول، وأطبقها بحذافيرها، دون أي منفعة!
وصل بي الحال إلى أنني عندما أتكلم أمام أسرتي في طاولة الطعام في بداية الكلام أكون متكلما ومنطلقا، وحينما أشعر بأنظارهم موجهة إلي أو أي تعليق على شيء في وجهي أبدأ في الاحمرار مع عدم الشعور بنفسي إلا بعدما ننتهي من المناقشة وأرجع لوضعي الطبيعي، وأصبحت أخاف أن تصبح بي هذه الحالة أمام الناس، وأريد حلا لهذا الموضوع.
جزاكم الله خيرا على ما قدمتموه لنا من مساعدات.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
شكرا لك على التواصل معنا بما في نفسك في هذا السؤال.
دعنا نؤكد أن التشخيص هو الارتباك أو الخجل أو الرهاب الاجتماعي، بكل ما فيه من مجموعة أعراض ثلاثة عندما تتحدث بين الجمع من الناس، سواء من الرجال أو النساء، وخاصة النساء، وعندما تشعر أو تفكر بأنهم ينظرون إليك، هذه المجموعات من الأعراض هي:
- مجموعة الأعراض النفسية بالقلق والارتباك، والشعور بالخوف والقلق والإحباط، حتى لا تدري ماذا تفعل، والشعور بفقد السيطرة.
- مجموعة الأعراض الجسدية: التعرق واحمرار الوجه والارتعاش، وربما جفاف الفم وتلعثم الكلام.
والمجموعة الثالثة من الأعراض هي الأعراض السلوكية، كتجنب الاجتماع بالناس، أو إذا حضرت فتتجنب الحديث المطول، وتقتصر على الكلام القصير واليسير.
كونك قرأت بعض الأسئلة والأجوبة حول هذا على هذا الموقع أو غيره، وأنك لم تستطع أن تغير الحال الذي عندك، كل هذا لا يغير التشخيص، وهو الرهاب الاجتماعي
من أهم علاجات الرهاب والخوف والأكثر فاعلية هو العلاج المعرفي والسلوكي، وواضح من اسمه أن لهذا العلاج النفسي جانبين:
-الجانب المعرفي، والذي يقوم على التعرف على الأفكار السلبية التي يحملها المصاب، مثل فكرة "لن أستطيع الحديث أمام الناس، وأنهم سوف ينتقدوني"، والعمل على استبدالها بأفكار أكثر إيجابية "هذه ليست أول مرة أتحدث بها أمام الناس وقد استطعت في الماضي أن أفعل هذا".
-الجانب السلوكي والذي يقوم على إعادة تعليم المصاب بعض السلوكيات والتصرفات الصحية كبديل عن السلوكيات السلبية، فبدل تجنب الأماكن والمواقف المخيفة أو المزعجة، وتجنب الحديث أمام الناس، يقوم المصاب بالتعرض والإقدام على هذه المواقف والأماكن حتى يتعلم كيف أن هذه المواقف والأماكن ليست بالمخيفة أو الخطيرة كما كان يتصور سابقا.
يشرف عادة على هذه المعالجة الطبيب النفسي أو الاختصاصي النفسي، والذي يحتاج أن يكرر جلسات العلاج عدة مرات.
بالإضافة لهذه المعالجة المعرفية والسلوكية يمكن للطبيب النفسي أن يصف لك أحد الأدوية، لا أقول التي تعالج الرهاب وإنما تحسن من ظروف العلاج، ويبقى العلاج الرئيسي هو العلاج السلوكي.
هناك العديد من الأدوية المفيدة، ويتحدد الدواء المناسب بعد تقييم الطبيب النفسي لحالتك بالشكل الشامل والمناسب، وأرجو أن لا تطيل معاناتك، وأن لا يمنعك كونك حاولت بعض الطرق من قبل من المحاولة مجددا، ومن مراجعة طبيب نفسي صاحب خبرة عالية.
أدعو الله تعالى لك بالعافية والشفاء في أقرب فرصة، لتنهي الحياة الجامعية بنجاح.
وبالله التوفيق.