أجد صعوبة في مواجهة أسرتي والمجتمع بسبب أنني مطلقة!

0 271

السؤال

السلام عليكم.

أنا سيدة عمري 24 سنة، مطلقة منذ سنتين، وأم لطفل عمره سنتان ونصف، وقد طلقت بعد خمسة أشهر من ولادة طفلي، ورغم كل مشاكلي استطعت أن أكمل تعليمي الجامعي.

أنا جميلة وموظفة، وأبي من وجهاء العائلة، وأخواتي متزوجات وسيرتهن حسنة، كل هذه الامتيازات لم تغفر لي لقب المطلقة.

كثير من السيدات يسألنني عن وضعي الاجتماعي، وعندما يعلمن أنني مطلقة، يقلن لي: الله يعوضك خيرا، ولا يتقدم لخطبتي أحد من محارمهن!

أنا لا أريد شيئا من الدنيا إلا زوجا حنونا، يعوضني عن كل ما قد مررت به مع زوجي الأول من ضرب وحرمان وسب وشتم وقذف، وربي وحده يعلم مقدار ما تحملته في سبيل إسعاد بيتي، ولكن زواج طليقي ونجاح زواجه، جعل مني السبب في ذلك الفشل، وطليقي من أقاربي، فيشعرونني أحيانا أنني ما زلت ملكه، ولا يحق لي الزواج، حتى أمي تقول عند السؤال عن بناتها: ليس عندي فتيات للزواج، وماذا عني؟ قالت لي مرة: لعل شخصا كبيرا في السن لا يهتم لفكرة المطلقة يطلبك ويعوضك، أليس لي الحق أن أعيش مثل أي فتاة أخرى؟ فقط من أجل سنة وخمسة شهور زواج.

أنا شخصيا قاومت وتحملت كل شيء، وكنت متفائلة وطموحة، واعتبرت أنها تجربة فاشلة، وخالطت المجتمع، وأهلي ساندوني، ولكن بأسلوب الشفقة الذي جعلني أتقطع، وأشعرني أنني سبب تعاسة أمي وأبي.

أنا صابرة، -والحمد-لله- أصلي وأقرأ القرآن، وأدعو ربي، وأقرأ الأذكار، وأتصدق، وأحفظ كتاب الله، وأربي طفلي، ولكنني أشعر كأنني كل يوم أنتظر شيئا، أعلم أن الزواج ليس كل شيء، ولكنني أحتاج من يكون بجانبي حقا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ سلمى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا الكريمة- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام وحسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يوفقك، ويصلح الأحوال، وأن يقدر لك الخير ويحقق الآمال.

لن يضيع الله من تصلي وتقرأ القرآن وتتصدق وتدعو الله، بل ماذا فقدت من وفقها الله للطاعات؟ ألم يقل العظيم:" ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه"، ثم قال بعد ذلك:" ورزق ربك خير وأبقى"، يعنى ورزق ربك من الدين والصلاة والصلاح خير وأبقى، فاثبتي على ما أنت عليه، وثقي أن الخير سيأتيك، وأن ما يقدره الله لك أفضل مما ترغبين فيه، ولو كشف الحجاب لما اخترت إلا ما قدر لك.

لا شك أن نظرة المجتمع للمطلقة ظالمة وخاطئة؛ لأنها ناتجة عن ثقافة المسلسلات، وليس من الثقافة الشرعيه التي تحفظ للمطلقة حقها وللأرملة حقها، فكان الكرام من السلف يتزاحمون على أبواب المرأة بمجرد انتهاء عدتها، والطلاق من شريعة الله، ويتعين حلا للمشكلات في بعض الحالات، وقد طلق النبي -صلى الله عليه وسلم- حفصة -رضي الله عنها- وتحولت محنتها إلى منحة، وجاء جبريل يأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بأن يراجعها، بل جاءها الوسام:" فإنها صوامة قوامة"، وجاءتها البشارة:" وهي زوجتك في الجنة"، فلا تلتفتي لتصرفات الفضوليات، ولا تحزني لتعليق الوالدة وغيرها، وثقي بأن نجاح طليقك لا يعني أنك فاشلة، بل أنت -ولله الحمد- تمكنت من تجاوز الموقف، وأكملت دراستك، وها أنت تعلمين وتربين ابنك، فاحمدي الله على هذه النعم وعلى غيرها، لتنالي بشكرك المزيد، ولا تنزعجي من المفاهيم المغلوطة، واعلمي أن الزواج بتقدير القدير، وأنت أعلم من غيرك بما يصلحك، وفي الحديث: "والثيب أحق بنفسها"، وقرارك بيدك، فإذا طرق الباب طارق، فانظري في دينه وأخلاقه، ولا تقبلي إلا بمن تجدين في نفسك الارتياح والانشراح والقبول له، وأسسي حياتك على طاعة الله واتباع الرسول -صلى الله عليه وسلم-.

وهذه وصيتنا لك بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، ولا تتأثري بطرق النساء والمجتمع في التعامل والكلام، وأنت ممن تعلمن وفارقن حياة الجهل والانهزام، واشهدي مواطن الخير وأظهري بين النساء ما عندك من الخير، وثقي أن إيمانك بالله ورضاك به وعنه هو أهم سلاح تواجهين به جهل الجهلاء، وتذكري أن نعم الله مقسمة، وليس كل متزوجة سعيدة، والعظيم إذا منع شيئا عوض بأشياء، والسعادة هي نبع النفوس المؤمنة بالله، الراضية بقضائه وقدره، المواظبة على ذكره وشكره وحسن عبادته.

وفقك الله وسدد خطاك، وحفظك وأيدك وتولانا وإياك، وسعدنا بتواصلك، ونتشرف بمتابعة موضوعك، وكل من في الموقع من مستشارين ومستشارات لكم في مقام الآباء والأمهات، ونسأل الله أن يقدر لك الخير، وأن يرفعك عنده درجات.

مواد ذات صلة

الاستشارات