أخي لا يصلي فكيف أنصحه؟ وما علاج وسواس الخوف من الموت؟

0 331

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا لدي أخ كبير، ونحن من عائلة -والحمد لله- حالتها جيدة، ونحن من سوريا، ولكن الظروف أجبرتنا على الخروج إلى تركيا -أنا وأخي-.

أخي شخص ذو قلب طيب، ولا يدخن، ولا يسرق، ولا يمارس العادة السرية، ولا يفعل تلك المعاصي، وعائلتي -والحمد لله- أبي يؤدي صلاته، وأمي تؤدي صلاتها، وأختي لم تبلغ التاسعة من عمرها.

أنا بعمر (16) وأخي (18) وقد شرحت لكم وضع أخي، فإنه لا يرتكب المعاصي، وعندما أتينا للغربة منذ حوالي شهر بدأ أخي الصلاة، وقراءة القرآن، ولكن فجأة حدثت مشكلة صغيرة تتعلق بالعمل، وبعدها ترك الصلاة، وأنا كنت لا أعلم بأمور الدين وعذاب القبر ...الخ، وعندما علمت بها؛ بدأ الخوف من الموت يسيطر على نفسي، وأصبحت أخاف وحالتي النفسية متعبة، وأخي يغضب؛ لأنني أتصرف هكذا، ولكن إلى هذه اللحظة وسواس الخوف من الموت لا يزال يدور في رأسي، ومنذ ذلك الوقت لم أقطع الصلوات المفروضة، وأصبحت أخاف على أخي، ولكنه لا يريد سماعي بموضوع الصلاة، فتكلمت مع أمي، وقلت لها: إن أخي لا يصلي. فقالت لي: إنها سوف تتكلم معه.

المشكلة أن أخي لا يعرف أمور الدين: عذاب القبر، وعلامات يوم القيامة، والمسيح الدجال، ويأجوج ومأجوج، وأنا أدعو الله أن يهدي قلبه، وأنا واثق إن جلس أبي معه وشرح له أمور الدين، والمسيح الدجال، وعذاب القبر ... الخ؛ فسوف يعود لصلاته، وقال لي أخي: كنت سأعود للصلاة، ولكنك قلت لأمك إني لا أصلي؛ فلن أصلي!

أرجوكم ساعدوني في حل مشكلة أخي، وأريد حلا لمشكلتي، والتي هي أن وسواس الخوف من الموت بات يسيطر على نفسي، أرجوكم الحل.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله أن يفرج الكرب، وأن ينفس ما تعسر على البشر تنفيسه، وأن ييسر بقدرته ما كان عسيرا على خلقه، وأن يلهمك طريق الصواب، وأن يرشدك إلى الحق، وأن يأخذ بناصيتك إليه، وأما بخصوص ما تفضلت به فإنا نحب أن نجيبك من خلال ما يلي:

أولا: جزاك الله خيرا -أخي محمد- على حسن صلتك بأخيك، وخوفك عليه، والتماس طرق نجاته، وهذا يدل على خير أنت فيه، نسأل الله أن تكون ذلك وزيادة.

ثانيا: نبدأ من مشكلتك -أولا، أخي الحبيب- ثم نعرج إلى مشكلة أخيك، قد قيل -أخي الفاضل-: الخوف والرجاء هما كجناحي الطائر، إذا استويا استوى الطير وتم طيرانه، وإذا نقص واحد منهما؛ وقع فيه النقص، وإذا ذهبا جميعا؛ صار الطائر في حد الموت. وقد قيل: لو وزن خوف المؤمن ورجاؤه لاعتدلا.

المعنى أن المسلم لا ينبغي عليه أن يسرف في الخوف؛ لأنه سيقود حتما إلى الهلكة، والإسراف على نفسه قد يؤدي به إلى الارتداد عن الطاعة، كما أن الرجاء وحده من دون خوف يجعله متهاونا في طاعة الله بعيدا عن ذكره، وهذا خطر عظيم، والاعتدال أن يوازن العبد بين الأمرين، فهو يخاف الله في الوقت ذاته الذي يرجو فيه رحمته.

ثالثا: الخوف من الموت هو تسلسل طبيعي لغلبة الخوف على الرجاء، وعلاج هذه الظاهرة أمر يسير -إن شاء الله- ونرجو منك أن تقرأ ما نكتبه لك الآن بعناية تامة:

1- الخوف أمر فطري، والظاهرة التي تعتريك تعتري أي إنسان، فليس هناك أحد يحب الموت، أو لا يخاف منه.
2- ليس هناك وسيلة تخلص الإنسان من الخوف من الموت نهائيا، ذلك أنه قدر ينتظرنا أو ننتظره، قال تعالى: {قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم}.
3- الموت ليس الفناء، بل هو انتقال من حياة إلى حياة، ومن مرحلة إلى أخرى، بل هو انتقال الصالحين إلى حياة أفضل، وجنة عرضها السموات والأرض، هناك النعيم الدائم، ولقاء الأهل والإخوان، ولقاء النبي والصحابة، وانتهاء حياة التكليف، ونحن هنا نحثك على القراءة حول الجنة، وما فيها، وما أعده الله لأهلها.

4- كلما أتاك الخوف من الموت أو القلق تذكر أن الأمور تسير بقدر الله، وأن قضاء الله لا يأتي إلا بخير، حدث نفسك إذا أتاك هاتف الموت قائلا: وما المشلكة؟ الموت قادم قادم، وليس المهم في مجيئه، بل المهم أن ألاقيه وأنا على طاعة، بعد ذلك لا يهم أي شيء. كرر هذا المعنى كثيرا، وستجد الأمور تتغير إلى الأفضل إن شاء الله.

رابعا: بالنسبة لما ذكرته عن أخيك فظاهر أمره أنه صالح ومؤدب، وهذا -إن شاء الله- لا خوف عليه، فعودته بأمر الله إلى الصلاة والذكر قائمة، ولكن نحتاج إلى خطة عملية إلى ذلك، عماد تلك الخطة ما يلي:

1- النصح لا يكون بطريق مباشر، بل كلما كانت غير مباشرة فهو الأوقع والأفضل.
2- ابحث بين أصحابه ستجد صديقا له متدينا، وعن طريق الصديق أوصل ما تريده وبهدوء.
3- أوصي والدك ووالدتك أن يحثاه بهدوء على الصلاة والذكر.
4- أكثر من الدعاء له بظهر الغيب؛ فالدعاء أمره عجيب، ولا تيأس -أخي- من روح الله.

نسأل الله أن يهديه وأن يصلحك، والله المستعان.

مواد ذات صلة

الاستشارات