لماذا لا نرى عظماء من النساء كما نرى في الرجال؟

0 37

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة عمري 19 سنة، أريد أن أسأل لماذا معظم العظماء في العالم وفي كل المجالات ومن كافة الأديان والأجناس هم من الرجال؟

صحيح أن هناك عددا لا بأس به من النساء اللاتي حققن مهاما كبيرة، ولهن فضائل على هذا العالم، ولكن لا أحد ينكر أن معظم العظماء كانوا رجالا حتى في الإسلام، فعندما نتحدث عن الخلفاء، والأطباء، والحكماء، والشعراء، معظمهم من الرجال، وليس لدينا أسماء تذكر من النساء إلا قلة قليلة.

وأنا لا أعتب في هذا على الإسلام "حاشاه ديننا"، لكن هذا أمر ظاهر على البشرية ككل، فمثلا علماء العلوم الحديثة الذين برزوا بعد الثورة الصناعية في أوروبا من اينشتاين، وأديسون، وتسلا، وغيرهم الكثير ايضا من الرجال، وفلاسفة اليونان رجال، وأبرز قادة الثورات الأوروبية رجال، وعظماء التاريخ والعلوم من أي دولة كانوا رجالا، مع استثناءات قليلة من النساء اللاتي عددهن قليل، ونكرر أسماءهن دائما، فليس لدينا غيرهن في التاريخ لنتحدث عنه، والرسول عليه أفضل الصلوات والتسليم قال كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا مريم وامرأة فرعون.

أنا متعجبة من الأمر، وأعرف أن الله عز وجل لن يظلم النساء يوم القيامة، وقد لا تكون المرأة عالمة أو حاكمة وتدخل الفردوس الأعلى في أعلى درجات الجنان، لكنني في الحقيقة لدي طموح أن أصبح عالمة فلك، وأن أستغل علمي بالنهوض في الأمة، وأن أصبح من قادة هذه الأمة، وأن أكون خيرا لها كما كان عمر بن الخطاب، وأن أقدم للأمة وللإسلام الكثير، ولا أريد أن أكون في الخلف وأنتظر من ينصرني، أو يعينني، بل أريد أن أنصر وأعين الناس.

أنا دائما آمنت أني أستطيع أن أكون كذلك، ولم أشعر يوما أن الله عز وجل لا يرضيه ذلك مني، على العكس تماما، فأنا دائما أحس أن الله يريد مني أن أكون هكذا بل وإنه يعينني على ذلك، وعلى الرغم من استهزاءات الناس وإحباطاتهم؛ لا زلت مصرة على ما أريد، ولكن مع اطلاعي على التاريخ، وقصص النساء في العالم، وقصص العظماء، بدأت وللأسف تراودني شكوك وخوف ليس بأني غير قادرة على ذلك؛ بل على العكس لازلت مؤمنة بنفسي، وبأن الله خلقني لحكمة ككل إنسان، وبأن الله كما قال: "أنا عند ظن عبدي بي"، لكني أخشى أنني ممنوعة من ذلك، وأنها سنة في البشرية أن الرجل هو الناصر، وهو الفاتح، وهو القادر، وهو الوحيد الذي يستطيع أن يقوم بأمة، أنا أعرف أن الأمة لا تقوم بشخص وإنما تقوم ككل، لكني أرغب أن أكون كما كان عمر، وأن أكون ناصرة للإسلام وللمسلمين، ليس بأن أنجب طفلا وأربيه على ذلك فحسب، بل أن أكون أنا نفسي وبذاتي هكذا، وليس مجرد مربية، مع عدم التقليل من شأن المربية، فهي لولاها لما كان الرجل الناصر والخليفة والفاتح.

وطبعا معظم النساء اللاتي حققن نجاحا عمليا أو علميا لم يستطعن الزواج، أو بناء حياة أسرية ناجحة، وهذا أيضا يخيفني أن لا أجد الرجل القادر على تحملي ومساندتي وقبول إرادتي، فإما أن أعيش وحيدة، أو أن أتخلى عن رغبتي وحاجتي لتقديم كل ما لدي لأمة الإسلام.

هل أنا مخطئة؟ وهل شرعا لا يجوز لي أن أفكر في هكذا طموح؟ أنا لا أطمح لا للشهرة، ولا للرئاسة، ولا للخلافة، ولا للحكم، لكني أريد أن أكون من الفاتحين في عصرنا هذا، عصر الفتنة، وأن يصل اسمي للرسول-عليه الصلاة والسلام-، وأن ألتقي بالجنان بعمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فيقال له أني مشيت على خطاه، وأني كنت بشجاعته وقوته.

أنا طبعا لا أقارن نفسي بهذا الصحابي الجليل، لكني أرجو أن أقدم كل ما بداخلي لهذه الأمة، وأن لا أحتفظ بأي خير لنفسي.

أرجو إجابتي إن كنت على حق أم أنه علي أن أتخلى عن هذه الرغبة وهذا الإيمان.

وشكرا جزيلا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ طالبة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأكثر العظماء من الرجال لكمال عقولهم، قال تعالى: (وليس الذكر كالأنثىٰ ۖ)، ولكونهم ألصق بمثل هذه المهام، وأكثر تفرغا لمجال الأبحاث، وأكثر صلابة وجلادة في تنفيذ المهام بخلاف المرأة، فإن التكوين الخلقي لها يختلف عن الرجل، فالمرأة ناقصة عقل نتيجة للتغيرات الفيسيولوجية التي تحدث لها أثناء الدورة فيحدث عندها اضطرابات وتغيرات في السلوك، والغالب على المرأة ضعف البنية الجسدية، فلا تقوى على تنفيذ كثير من المهام المناطة بها، وتميل إلى العاطفة، وإلى حب الزواج والإنجاب، وتربية الأولاد، وهذا يتنافى مع صفات العظماء الذين يتخصصون في بعض المجالات، وإعراضها عن ذلك من أجل أن تشارك العظماء يخرجها عن أنوثتها، وعن هدف عظيم من أهداف وجودها.

لكن المرأة تستطيع أن تكون من العظماء إن هي أنجبت وربت التربية الحسنة، وصار أبناؤها من العظماء، أو كان لهم دور عظيم في الحياة.

ثم إن هناك وظائف لا تصلح للمرأة لهذه الاعتبارات التي ذكرتها، فالمرأة لا تصلح للولايات العامة كأن تكون ولية لأمر الناس (قائدة أمة)، أو قاضية، أو إمامة صلاة، أو قائدة جند، ولذا فقد صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة)، كما لا تصلح للقتال ضد الأعداء؛ لأنها قد تتعرض للأسر والاغتصاب، ولكنها يمكن أن تكون مفتية، وعالمة، وطبيبة، ومدرسة، وغير ذلك من الولايات الخاصة، ولذلك لا يمانع الشرع أن تكون المرأة عالمة فلك؛ لأن ذلك من جنس الولايات الخاصة، غير أن مثل هذه المهام تحتاج فيها المرأة إلى زوج متفهم لطبيعة عملها، فيتنازل عن بعض حقوقه لتبقى زوجته تخدم في هذا المجال، أو أنها تتزوج رجلا في نفس الاختصاص فيتعاونان في نفس المجال.

ويجب على المرأة في حال الإنجاب أن توجد توازنا في مهامها بين إحسان تربية الأولاد والقيام بشؤون الزوج، وبين العمل في مجال الاختصاص، ثم إن المرأة هي من تنجب هؤلاء العظماء، ويكفيها ذلك فخرا، فبصماتها ستبقى واضحة على ذلك العظيم، لأنها هي التي بثت فيه تلك الروح وربته على الصفات التي تؤهله ليكون عظيما.

أسأل الله أن يحقق لك آمالك، وأن يجعل لك دورا في حياة الأمة. آمين.

مواد ذات صلة

الاستشارات