السؤال
السلام عليكم.
أنا يئست، والحياة انتهت بالنسبة لي، والسبب أن التي أحبها انخطبت.
هي تحبني وأنا أحبها، ولكن ظروفي المادية غير جيدة، وقلت لها يجب أن نفترق، ووضحت لها الأمر، وهي اقتنعت وبصعوبة، وتقدم لها بعد أسابيع شاب وخطبها.
لكن والله ليل نهار أبكي كالمجنون عليها، والآن أريد إرجاعها حتى لو كلفني هذا الشيء حياتي.
رجاء لا تقل لي كل شيء قسمة ونصيب، ولا تحزن، شبعت من هذا الكلام.
طبعا مستحيل أن أفكر ولو 1% بأن أتزوج غيرها؛ لأن الله قذف حب هذه الفتاة في قلبي.
سؤالي: أنا أعرف رقم الشاب الذي خطبها، وأريد أن أكلمه وأفهمه بالموضوع، فما هو رأيكم؟ والله ثم والله أنا شبه ميت من قهري لأني فرطت بها.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ فراس حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يربط على قلبك، وأن يعوضك خيرا عما فقدت، وأن يجعلك من صالح المؤمنين، ويوفقك لطاعته ورضاه، وأن يستخدمنا وإياك فيما يعود علينا بالنفع في الدنيا والآخرة.
وبخصوص ما ورد برسالتك -أخي الكريم الفاضل- فإني أحب أن أقول لك أن هذه الطريقة التي تريد أن تستعملها ليست بطريقة لائقة بالنسبة لك كرجل مسلم يحب الله ورسوله، فهذه الفتاة كانت بين يديك واستمرت فترة في بيت أهلها وكانت متعلقة بك، ولكن قدر الله تبارك وتعالى عندما أبديت لها ظروفك وكنت رجلا جادا وصادقا، أعتقد أنك بذلك كنت أمينا، وسيعوضك الله تبارك وتعالى بهذا الموقف خيرا، لأنك لم تعطل مسيرتها، ولم تعطل ظروفها، نتيجة أن ظروفك لم تسمح، ولم تربطها معك أكثر مما ينبغي، واتخذت موقفا شجاعا وجريئا ورائعا، وبينت لها أنه يجب عليكما أن تفترقا، لأن ظروفك لا تسمح لتأسيس أسرة أو الارتباط بها.
فأنا أحييك حقيقة على هذا الموقف الرائع، وأسأل الله تبارك وتعالى أن يجزيك عليه خيرا، فأنت رجل مملوء شهامة ورجولة وشجاعة وصدق.
أما فكرتك أن تتكلم مع هذا الشاب، فأرى أن هذا لا ينبغي لك ولا يليق، لا إنسانية، ولا ديانة، ولا أخلاقا، ولا شهامة، ولا عروبة، رجل قد تقدم بطريقة صحيحة شرعية، وأصبحت هذه خطيبته؛ فكيف بك تطلب منه أن يتركها بعد ذلك؟ وكيف حتى تسمح لنفسك أن تتقدم لأهلها، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه، ولا يبع على بيع أخيه).
أرى - بارك الله فيك - أن تترك الأمر لله وحده، وأن تسلم أمرك لله الواحد، واعلم - أخي الكريم - أن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، واعلم - أخي الكريم - أن من عف نفسه عن شيء في الحرام ناله في الحلال.
فأنا أرى - بارك الله فيك - الآن أن تتوجه إلى الله عز وجل بالدعاء، وأن تحاول أن تغير من طريقة حياتك، حتى تتمكن من نسيانها ولو لفترات على الأقل، لأني معك أن هذا التعلق القلبي الصادق ليس من السهل إخراجه من النفس البشرية، لا أنت ولا أنا ولا أحد من الناس، لأن القلوب بيد الله تبارك وتعالى كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف شاء)، ولكن تعلم أننا مسلمون، وأننا مطالبون بضوابط شرعية في حياتنا، فهذه امرأة الآن أصبحت حراما عليك، لأنها أصبحت خطيبة رجل مسلم آخر، ولا يجوز لك أن تعتدي على عرض أخيك المسلم، لأن (من أربى الربا استطالة المسلم في عرض أخيه)، أي من أكبر أنواع الربا والجرم أن يتجرأ الإنسان على عرض أخ من إخوانه المسلمين.
ومن هنا فإني أقول لك - بارك الله فيك - أتمنى أن تأخذ قرارا شجاعا كالقرار الأول الذي أخذته عندما واجهتها بالحقيقة، وأقنعتها بضرورة الافتراق، كذلك أتمنى أن تأخذ قرارا اليوم بأن تتوقف نهائيا عن علاقتك بها، أو الاتصال بهذا الشاب، أو التواصل معها بأي صفة من الصفات، وأن تأخذ قرار نسيانها، تقول: (صعب ومستحيل)، وأنا أقول وبكل قوة إنك قادر على ذلك، لأني واثق أنك رجل، وأنك لست طفلا صغيرا، وأنك رجل تحب الله ورسوله، وواثق أنك شجاع، لأنك أخذت موقفا أقوى من ذلك في الأول، وأنت الذي تركتها برغبتك، فالآن أتمنى أن تتركها أيضا برغبتك واختيارك من أجل الله تبارك وتعالى، من أجل دين الله عز وجل، اترك هذا الأمر عنك، وسل الله أن يعوضك خيرا، وثق وتأكد -والله وبالله وتالله- لو أنك صرفت هذه المرأة من ذهنك، وأبعدتها من حياتك، وابتعدت من حياتها، من أجل الله وحياء منه، ليعوضنك الله تبارك وتعالى خيرا منها وأفضل، وليوسعن الله رزقك، وليجعلك في أسعد الأحوال وفي أطيب صور الحياة؛ لأن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه.
أسأل الله أن يعينك على ذلك، إنه جواد كريم.
هذا وبالله التوفيق.