السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
أشكركم جزيل الشكر على هذا الموقع الرائع.
أنا فتاة مغربية، بدوية، غارقة في بحر من الأحزان، بل كأنني في متاهة لا أعرف كيف أخرج منها، أحب الدين وكل ما يتعلق به منذ صغري، ولا طالما كان حلمي أن يكون لي مكان في ذاك المجال، ولكن عندما درست قليلا في الإعدادي أخرجني والدي من الدراسة، وفي تلك اللحظة بالذات أحسست أن كل أحلامي تلاشت، ولن تكون لي قيمة في المجتمع.
مر عام أو عامان فقرر الوالد أن يزوجني أنا وأختي الأصغر مني بثلاث سنوات، لكن قلنا له: كفى! ثم وقعت مشاكل كثيرة بسبب ذلك الرفض، وتقدم لي شخص آخر يقول: إنه متدين. ولكن الحقيقة لم أرتح له، ومرت أيام فقررت أن أبحث عن زوج صالح متدين بنفسي، فشاركت في موقع، وتعرفت على شاب كان من أروع الشباب دينا وخلقا، ولكن العائق الذي كان بيننا هو تعلقه بالجهاد!، فقررت أن أفارقه.
مرت أيام وكلما طلب مني أحد الزواج لا أرتاح له، وأحس بصدري ضيقا، فرجعت الآن إلى الموقع، لكن صدمني شباب أمتي، حقا هناك من يريد التلاعب بمشاعري!، وهناك من يظن أن كل الناس كفرة! وأنه وحده هو المؤمن، وهناك من عقله في التراهات، ولم أجد ما أطمح إليه في محيطي، ولا حتى في ذاك الموقع، خصوصا أن من صدمني فيه أكثر من يقولون إنهم متدينون، أحس بكآبة شديدة، ولا أقدر أن أخرج من تلك الدائرة، وأحيانا أقول: يا ليتني مت.
أرجوكم ساعدوني؛ لأتخلص من كل هذا، وجزاكم الله كل خير.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ عائشة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبا بك -ابنتنا الكريمة- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونسأل الله أن يقدر لك الخير ويصلح الأحوال، وأن يثبتك ويحقق الآمال.
إذا أدخل الإنسان نفسه في عالم الإنترنت؛ فلا بد أن يشعر بالضيق والاكتئاب؛ لأنه عالم مليء بالدجالين، وفي الشباب ذئاب، فاذكري ربك وتوبي إلى التواب، وأشغلي نفسك بتطوير مهاراتك، والتواصل مع الصالحات وتلاوة الكتاب، وسوف يأتيك ما قدره لك الوهاب، ولا يخفى على أمثالك أن الإنترنت لا يمكن أن يكون وسيلة مقبولة للارتباط والزواج، والزواج الناجح يكون عن طريق المعارف أو الأقارب، ويبدأ بالمجيء للبيوت من أبوابها؛ ليحصل التعارف ليس بين الشاب والفتاة فقط، وإنما بين الأسرتين، وربما بين القبيلتين، ليكون هنا أخوال وخالات، وفي الطرف الآخر أعمام وعمات.
فانتبهي لنفسك، واعلمي أن البدايات الخاطئة لا توصل إلى نتائج صحيحة، كما أن هناك خطورة خاصة على الفتيات؛ لأنهن يتأثرن بسرعة، والغواني يغرهن الثناء، والمرأة صادقة في مشاعرها، لكن في الشباب من يحاول العبث بمشاعر الفتيات، بل هناك من لا يقصد إلا الشر، وهناك من يحمل الأفكار المنحرفة، ويستغل عاطفة الفتيات وحبهن للدين والمكرمات، والسعيدة من تتعظ بما حصل لأخريات، ونسأل الله أن يحفظ شبابنا والفتيات.
وأرجو أن تعلمي أن الإسلام أرادك مطلوبة عزيزة لا طالبة ذليلة، وعلى الرجل إذا أراد الوصول إلى الفتاة أن يطرق باب أهلها، ويثني عليهم، ويقدم صداقا يدل على صدقه، فإذا حصل الوفاق والاتفاق؛ فلا نملك إلا أن نقول: لم ير للمتحابين مثل النكاح.
وهذه وصيتنا لك بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، وننصحك بعدم تقديم التنازلات، وسوف يأتيك ما قدره لك رب الأرض والسموات، وتفاءلي بالخير؛ لتجديه، وعوضي توقفك عن التعليم باكتساب المهارات، وكوني عونا للمحتاجات؛ ليكون في حاجتك من بيده الخيرات، واحشري نفسك في مجتمع الصالحات، ففيهن من يبحثن لأبنائهن أو إخوانهن أو محارمهن عن أمثالك من الفاضلات، ونسأل الله أن يقدر لك الخير، وأن يرفعك عنده درجات.