أصبت بفيروس الورم البشري الحليمي، فهل فيه خطورة على جنيني؟

0 255

السؤال

السلام عليكم..

اكتشفت بأني مصابة بفيروس الورم البشري الحليمي وأنا حامل في الشهر الثالث، وقد نقله إلي زوجي، وأنا الآن محطمة نفسيا، ما ذنبي أنا إذا كان زوجي خائنا؟! أصبحت لا أستطيع ممارسة حياتي الزوجية، وخائفة جدا من هذا الفيروس، هل هو خطير؟ وهل يعالج؟ وماذا أفعل لأحمي جنيني فأنا خائفة عليه؟

لقد تحطمت، وأريد الطلاق من زوجي، ولكن لدي 3 أطفال.

أرشدوني وطمئنوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ basmala حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إن الورم الحليمي التناسلي، أو ما يسمى (بالثآليل التناسلية) هو مرض فيروسي شديد العدوى، أي أن تعرض الشخص للفيروس يعني أن الإصابة بالمرض ستحدث عادة بنسبة عالية جدا، والحقيقة هي أنه يصعب معرفة متى تعرضت للإصابة بهذا الفيروس؛ لأن عدم وجود ثآليل أو أورام ظاهرة لا يعني بأنك لم تكوني مصابة بالمرض، فقد تتعرض السيدة للعدوى بالفيروس، وتصاب بالمرض ولكن بشكل غير ظاهر، أي لا تظهر عندها ثآليل أو أورام.

وفي الحمل يمكن أن تنمو هذه الأورام بشكل أسرع، وقد تنتقل إلى المهبل وعنق الرحم، أي أن الفيروس قد ينشط خلال الحمل، وهذا الاحتمال -رغم أنه ضعيف نسبيا- إلا أنه وارد؛ لأن مناعة الجسم خلال الحمل تتثبط بشكل طبيعي لتسمح لجسم الأم بتقبل أنسجة الجنين.

على كل حال أريد أن أطمئنك بأن احتمال انتقال الفيروس إلى الجنين هو احتمال ضعيف جدا، ولا يتجاوز الواحد بالألف، أي من ضمن كل ألف امرأة مصابة بهذا المرض فإن واحدة فقط قد تنقل الإصابة إلى جنينيها، سواء خلال الولادة الطبيعية، أو خلال الحمل عبر المشيمة، وهذه نسبة ضعيفة جدا -كما ترين-، لذلك فإن الولادة عن طريق العملية القيصرية غير مستطبة، ولا داعي لها في حال الإصابة بهذا المرض لمنع انتقال المرض للمولود، فإذا تم استئصال هذه الأورام؛ فسيكون من الممكن لك الولادة بشكل طبيعي -بإذن الله تعالى-.

بالنسبة للعلاج: فيجب معرفة حقيقة هامة وهي:

إن كل الطرق المتبعة في إزالة الورم والثآليل لا تخلص الجسم من الفيروس، أي أن العلاج لا يؤدي إلى الشفاء التام، لكن في بعض الحالات قد يحدث شفاء عفوي وتام للحالة، أي قد يتمكن الجسم من التخلص من الفيروس من تلقاء نفسه مع مرور الوقت، لكن عند من؟ أو متى؟ فنحن لا نعرف ذلك.

والطرق المتبعة للعلاج خلال الحمل هي:
- إما الكي بالتبريد.
- أو بال TCA-BCA.
- أو بالاستئصال الجراحي.

ونصيحتي لك هي: بأن تتم المتابعة حتى بعد العلاج والولادة عن طريق عمل مسحة من عنق الرحم بصورة منتظمة، وإن توافر اللقاح لهذا المرض في بلدك فأنصحك بأخذه؛ لأن لهذا الفيروس سلالات متعددة، والإصابة بالورم الحليمي قد تعطي مناعة لسلالات محددة فقط.

هذه -يا ابنتي- كانت إجابتي على استشارتك من الناحية الطبية.

أما إجابتي لك من الناحية النفسية والاجتماعية، فأود أن أذكر لك أولا نقطتين تميزان هذا المرض:

1- نعم إن هذا المرض هو مرض ينتقل بالعلاقة الجنسية عن طريق حدوث تلامس في الجلد أو الأغشية المخاطية بين شخص مصاب وشخص سليم، ولكن فترة الحضانة في هذا المرض -أي الفترة بين حدوث العدوى وإصابة الشخص- ليست ثابتة أو محددة، فهي قد تمتد من أيام إلى أسابيع، وأحيانا إلى سنوات.

2- بعد الإصابة به فإن الشخص قد لا يعاني من أي أعراض، أي يبقى فقط حاملا للمرض، ولا يعرف حتى بأنه مصاب أو حامل للمرض، وبناء على هاتين النقطتين الهامتين، يمكن القول بأنه لا يمكن معرفة تاريخ انتقال المرض إلى زوجك.

وهنالك احتمال أن تكون الإصابة انتقلت إليه من حادثة قديمة واحدة فقط، خاصة وأن المرض شديد العدوى، أي قد ينتقل من تعرض لمرة واحدة فقط، وهنالك احتمال لأن تكون قد حدثت قبل الزواج، أو حتى بعد الزواج، ولكن ليست من وقت قريب، وقد يكون زوجك قد تاب إلى الله عز وجل بعد تلك الحادثة توبة نصوحة، وهو الآن زوج مخلص ووفي، فإذا كان الله عز وجل غفور رحيم يقبل التوبة، أفلا تقبلينها أنت؟

نعم -يا عزيزتي- إن تقبل المرأة لهذه الأمور ليس بالأمر السهل، والنسيان قد يكون أمرا صعبا عليها، لكن بالحكمة والمنطق يمكنك أن تساعدي نفسك، بل وتساعدي زوجك أيضا، فمن الناحية الطبية لا يمكن تحديد الزمن الذي التقط زوجك فيه العدوى، فقد يكون ذلك في الماضي البعيد ولمرة واحدة فقط، فإن تاب الآن وندم على جهله القديم ألا تسامحيه وتتجاوزي عنه؟

إن مسامحتك وتجاوزك لهذا الخطأ سيعينه على المضي في طريق التوبة، وسيكون لك الأجر والثواب في ذلك، وستحافظين على بيتك وأولادك، وبكل تأكيد سيزداد حب زوجك لك وتعلقه بك، كيف لا وأنت الإنسانة ذات العقل الراجح، والقلب الواسع، التي تصرفت بحكمة، وضحت بالكثير ليعيش أطفالها كباق الأطفال في كنف جو أسري متماسك، إنسانة حافظت على سمعة زوجها، وسترته، وأعانته على الاستمرار في التوبة والطاعة.

بقي أن أقول لك حقيقتين علميتين أثبتتهما الدراسات النفسية، فلعل ذلك يساعدك -إن شاء الله تعالى-:

1-الحقيقة الأولى هي: إن التجاوز والمسامحة في مثل هذه المواقف لا تعتبر ضعفا؛ بل هي منتهى القوة، فهي قرار واختيار إرادي ينبع من ذات الشخص، ولا أحد يجبره على ذلك، وهذا الاختيار الإرادي -أي التجاوز والمسامحة- سيكون فيه فائدة للشخص المسامح أولا، وهي فائدة لا تقل أهميه عن الفائدة التي سيحظى بها الشخص المخطئ، فالتجاوز سيكون بداية الطريق للشخص المجروح للتخلص من المشاعر السلبية في داخله، وبالتالي سيتمكن من المضي قدما في حياته والاستمتاع فيها.

2- الحقيقة الثانية: وهي أن الرجل عندما يرتكب مثل هذه المعصية، فهذا لا يعني أبدا بأنه لا يحب زوجته، ولا يعني أبدا بأنها لا تشبع رغباته، وهذا الكلام الذي يشيع بين الناس غير صحيح إطلاقا.

لذلك نصيحتي لك هي كالتالي:
انظري إلى ما حدث على أنه قد يكون حدث منذ زمن بعيد، وأنها كانت لحظة من لحظات الضعف والغفلة التي يتسلل فيها الشيطان إلى نفس الإنسان فيغويها ليفرق بينه وبين وزوجه، ولذلك فإن الله عز وجل وبرحمته الواسعة قد أبقى باب التوبة مفتوحا لمثل هذه اللحظات لمن تاب وصدق توبته، وتذكري بأن التائب من الذنب كمن لا ذنب -بإذن الله تعالى-.

أسأل الله عز وجل أن يوفقك إلى ما يحب ويرضى دائما.

مواد ذات صلة

الاستشارات