السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، نشكر جهودكم في هذا الموقع.
أطرح مشكلتي لكم لعل الله يهديني باستشارتكم، فأنا أعاني الملل من الحياة، حيث أنني فقدت الشعور بالسعادة، ولم أعد أطيق أهل بيتي، أصبحت سريعة الغضب رغم أنني أصلي وألتجأ إلى الله بالدعاء في كل الأحوال، لكن لم يأن وقت الإجابة بعد -سبحان الله-، أقسم بالله أنني تعبت، لقد ضاق صدري، لم يرزقني الله بزوج بعد كأخواتي، وهذا يحزنني.
سعيت بالبحث عن الزواج عن طريق الإنترنت، وفشلت، لم أجد الإنسان المناسب، أنا أنتظر من الله أن يرزقني زوجا مناسبا، ويسعدني، ولكن متى؟! تعبت وربي، ليس لدي حتى صديقه تعينني علي وحدتي، لا أريد صديقا خوفا من الوقوع في الحرام، لكن إلى متى يا الله؟ هل الله يعاقبني؟ لماذا ربي لا يردني إليه ردا جميلا بعطائي لا بحرماني؟ لماذا وهو الكريم، لماذا؟ والله تعبت وضاق بي الحال، لدرجة أنني أشعر بعدم الرغبة في العبادة أو الدعاء، ماذا أفعل؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رحمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا في موقعك-، ونسأل الله أن يقدر لك الخير ويرضيك ويوفقك، ونعيذك بالله من شيطان يحاول أن يحزنك، ونسأله سبحانه أن يصلح حالنا وحالك، وأن يلهمك السداد ويثبتك.
نتمنى أن تطردي اليأس وتتجنبي الاستعجال، فإن رسولنا -صلى الله عليه وسلم- قال:" يستجاب لأحدكم ما لم يدعو بإثم أو قطيعة رحم ما لم يستعجل، قيل: يا رسول الله وما الاستعجال؟ قال: يقول قد دعوت، وقد دعوت فلم يستجب لي، فيستحسر عند ذلك، ويدعو الدعاء"، وهذا ما يريده عدونا الشيطان.
أرجو أن تعلمي -يا ابنتي الفاضلة- أنه قد جاء في الحديث: ما من مسلم يدعو الله بدعوة إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يستجيب الله دعوته، وإما أن يدخر له من الأجر مثلها، وإما أن يدفع عنه من البلاء مثلها"، حتى قال عمر -رضي الله عنه-: إذن نكثر؟ فقال النبي -صلى الله عليه وسلم:" خير الله أكثر".
والعظيم يرد عباده إليه بالابتلاء، كما يردهم إليه بالنعم والعطاء، ولكن النجاح في باب النعم أصعب، وننصحك بأن تتوقفي عن لماذا ولماذا؟ واشتغلي بالذكر والاستغفار والدعاء، وأكثري من قول لا حول ولا قوة إلا بالله، فإنها كنز وذكر واستعانة، وأكثري من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ ليكفيك الله همك ويغفر لك ذنبك.
أنت تنتظرين، وأرجو أن تأملي في الله خيرا، واعلمي أن لكل أجل كتاب، وأن ما يقدره الله لنا خيرا مما نتمناه لأنفسنا، وكم هي سعيدة من تتعرف على نعم الله عليها، ثم تؤدي شكرها لتنال بشكره المزيد.
وعليك بالصبر، وتذكري أن الأمر إذا ضاق اتسع، وأن بعد العسر يسرا، وتذكري أن السعادة في الرضا بقضاء الله وقدره، كما قال عمر بن عبد العزيز: إن نرى سعادتنا في مواطن الأقدار.
وإذا كان الله لم يرزقك مثل أخواتك، فقد ميزك في جوانب أخرى على أخواتك، فانظري في أمور الدنيا إلى الأسفل لكي لا تزدرين نعم الله عليك، وانظري في أمور الآخرة لمن هن أعلى لتتأسي وتصعدي، وهذا المعنى الذي أوصانا به رسولنا -صلى الله عليه وسلم-.
وهذه وصيتنا لك بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، وابذلي الأسباب ومنها المشاركة في تجمع الصالحات، وعدم التضجر على تأخر الخير، ونسأل الله أن يقدر لك الخير، وأن يرفعك عنده درجات، وأن يغفر لنا ولكم الهفوات والزلات.
والله الموفق.