تعلقت بشخص في الدنيا، فهل يحق لي الدعاء بأن أكون معه في الآخرة؟!

0 210

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

شكرا لكم على هذا الموقع الرائع، جزاكم الله خيرا.

أريد أن أسأل هل إذا أدخلنا الله الجنة بفضله سيستجيب لنا الله بما نريد؟ وهل أستطيع أن أطلب منه أن أكون مع الشخص الذي تمنيت أن أكون معه بهذه الدنيا أم هذا الطلب مقصور على الرجال فقط؟

وأيضا إذا تزوجت في الدنيا، هل أستطيع في الآخرة أن أتخلى عمن كان زوجي في الدنيا، وأن أذهب إلى الشخص الذي تمنيته؟

أعتذر لأن سؤالي غريب، ولكن من كثر تعلقي بشخص لم يكن من نصيبي أدعو الله إن لم يكتبه لي بالدنيا أن لا يحرمني منه في الآخرة.

وشكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ محبة الرحمن حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فردا على استشارتك أقول:
أولا: إذا دخل الإنسان الجنة فإن له ما تشتهيه نفسه سواء كان رجلا أو امرأة ما لم يكن ما يشتهيه فيه تعد قال تعالى: {وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين ۖ وأنتم فيها خالدون} وقال سبحانه: {ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون} وقال:{ لهم فيها ما يشاءون} وقال: (وهم في ما اشتهت أنفسهم خالدون} وقال: {لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد}.

ثانيا: في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لجابر بن عبد الله بن حرام : (يا جابر، ما كلم الله أحدا قط إلا من وراء حجاب، ولقد كلم أباك كفاحا؛ أي: مواجهة، فقال له: يا عبدي، سلني أعطك، فقال: أسألك أن تردني إلى الدنيا؛ لأقتل في سبيلك ثانية، قال الله له: إنه قد سبق القول مني أنهم إليها لا يرجعون، قال: يا رب، فأبلغ من ورائي بما أعطيتنا من نعمة)، فأنزل الله تعالى: { ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون * فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون }، والشاهد قوله: سلني أعطك، ولما كان طلبه غير ممكن بين الله له أن ذلك غير ممكن ولو كان أمرا ممكنا لأعطاه الله ما تمناه.

ثالثا: وفي حديث آخر الناس خروجا يوم القيامة من النار أنه بينما هو على ذلك اذ ارتفعت له شجرة، فلما رآها قال يا رب ادنني من هذه الشجرة أستظل بظلها، وأشرب من مائها، فيقول الله تبارك وتعالى: يا ابن آدم لعلي إن أعطيتكها سألتني غيرها، فيقول لا يا رب .. ثم يعاهد ربه ألا يسأله غير تلك الشجرة أبدا ولكنه يسأل ويسأل.

رابعا: وفي حديث آخر أن رجلا من أهل الجنة استأذن ربه في الزرع، فقال له: أو لست فيما شئت؟ قال: بلى ولكني أحب أن أزرع، فأسرع وبذر فتبادر الطرف نباته واستواؤه واستحصاده وتكويره أمثال الجبال! فيقول الله تعالى: دونك يا ابن آدم فإنه لا يشبعك شيء، فقال الأعرابي: يا رسول الله، لا تجد هذا إلا قرشيا أو أنصاريا، فإنهم أصحاب زرع، فأما نحن فلسنا بأصحاب زرع، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم.

خامسا: الزواج رزق مقدر فما كان من نصيب الإنسان يحصل عليه وما ليس من نصيبه فلن يحصل عليه مهما بذل من أسباب، فهذا الشاب الذي لم تتمكني من الزواج به ليس من نصيبك، وإن كان من نصيبك فسيعود إليك ولو بعد حين.

سادسا: حين تتزوج المرأة برجل وتموت قبله أو يموت قبلها ولم تتزوج بعده، فهي زوجته في الجنة ففي الحديث أن معاوية رضي الله عنه خطب أم الدرداء فأبت أن تتزوجه وقالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( المرأة لآخر أزواجها ولست أريد بأبي الدرداء بدلا) فإن تزوجت بعده فإنها يوم القيامة تكون إما للأخير أو أنها تخير بين أحسنهما خلقا، وهذا هو الراجح من أقوال أهل العلم، ففي حديث أم سلمة رضي الله عنها قالت يا رسول الله: المرأة تتزوج مرتين في الدنيا فيموتان وتموت، فلمن تكون هي في الآخرة؟ قال لأحسنهما خلقا يا أم سلمة، ذهب حسن الخلق بخيري الدنيا والآخرة).

سابعا: أن المرأة لا يكون في قلبها يوم القيامة سوى زوجها ولا تشتهي غيره ولا يكون ذلك أبدا كما قال تعالى: (وعندهم قاصرات الطرف أتراب) قال ابن عباس رضي الله عنهما وغيره: أي غضيضات الطرف عن غير أزواجهن، فلا يرين شيئا في الجنة أحسن من أزواجهن.

وقال العلامة ابن القيم رحمه الله : "والمفسرون كلهم على أن المعنى قصرن طرفهن على أزواجهن فلا يطمحن إلى غيرهم " اهـ ، وهذا يشمل الحور العين ونساء الدنيا.

ثامنا: إذا لم تتزوج المرأة في الدنيا وكانت تحب شخصا، فلها أن تتمنى يوم القيامة أن تكون زوجة له قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: (إذا لم تتزوج – أي المرأة – في الدنيا فإن الله تعالى يزوجها ما تقر به عينها في الجنة).

تاسعا: أخيرا عليك أن تهتمي بالعمل الذي يوصلك إلى الجنة فإذا دخلت الجنة فسيسعى إليك نعيمها سعيا، وستكونين في قرة عين لا تنقطع.

أسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد إنه سميع مجيب.

مواد ذات صلة

الاستشارات