مللت من الحياة بسبب ضعف ثقتي بنفسي وانطوائيتي، هل من حل؟

0 242

السؤال

السلام عليكم

دكتور: لقد مللت من حياتي، رغم ثقافتي ومقدار اطلاعي الواسع، أظهر أمام الناس بمظهر الغبية التي لا تعلم شيئا.

أنا لا أشارك في الدروس، ولا أختلط بمن أحب، وأتظاهر بأني خجولة لحد الانطواء، وعند ذهابي للكلية؛ أحس بالاختناق وبأني غريبة، وأتجنب أي مشاكل، أو أي حوارات جدية من أجل العودة للبيت.

لا أحس بعزة النفس، ولا بقوة الشخصية، ومللت من الوساوس التي أصابتني في السنوات السابقة، ودائما أفكر كيف أكسب فلانة؟ وماذا أفعل من أجلها؟ ولماذا الجميع يحب فلانة وهي لا تملك غير التفوق وبعض المهارات؟

أما أنا فأملك أكثر ولا أحد يعيرني أي اهتمام!، ولكني -يا دكتور- لا أحسد هنا، أنا فقط أبكي حالي، فالعمر يمضي ولا أزال بهذه الأفكار، أنا أخاف من أن أقول رأيي ولو لم يضر أحدا، وأخاف من أن أفهم أحدا أنه مخطئ ولو بالمواضيع الدنية.

أخاف من أن أظهر على شخصيتي، فقد شاركت بمسابقة الشعر السنة الماضية، وكلما امتدحني أحد؛ أسرع بالقول: إنه لم يكن شعرا جيدا، وبأن من البساطة كتابة الشعر، حتى توقف الجميع عن مدحي، ورغم أني لاحظت الإعجاب حتى في عيون الأستاذة، فقد كان شعرا معبرا باللغة الإنجليزية.

لقد مللت -يا دكتور- من حياتي، إن آراء الناس من حولي تؤثر علي، فحتى ما يخص الشعر أنا أكتب شعرا، ولكني لا أحبه، فقد شاركت في المسابقة من أجل كسب بعض الصديقات، وأنا لا أحس بالطموح، فالمذاكرة من عدمها أصبحت عندي سواء، أحس أن روحي ليست شابة، أحس أن كل أحلامي مكتوبة على ورق، فلماذا أريد الانضمام إلى بعثات السلام؟ أو لماذا أريد إكمال التحصيل العلمي في الخارج؟

أنا بمجرد ابتداء السنة الدراسية يصبح عقلي مليئا بأفكار الناس لا بأفكاري، لماذا أعجب بالناس رغم أني أملك أكثر مما يملكون، ولماذا لا أفرض آرائي؟ لماذا لا أظهر على شخصيتي؟ لماذا أعجب بالناس وأحاول تقليدهم رغم أني أملك أكثر مما يملكون؟

يا دكتور: أنا أخاف من المدح، وأحس أني سأصاب بالغرور إذا ما امتدحني أحد، وأحس أن الناس يراقبونني حتى عندما أذهب للمستشفى، وتدمع عيني في بعض الأحيان من رؤية مريض؛ أحس أنهم يراقبونني ويستغربون من تصرفاتي، أرجوك -يا دكتور- فالدوام اقترب، وأريد أن أبدأ بداية جديدة.

أريد أن أكون طموحة، واثقة من نفسي، مجتهدة، لا أهتم لكلام الناس، وأتخلص من وساوس مراقبة النفس.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نور حفظها الله.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على التواصل معنا والكتابة إلينا على هذا الموقع، وعلى الفضفضة إلينا بما في نفسك، أعانك الله، وخفف عنك بعض معاناتك.

لا شك أن سؤالك قد طرح العديد من المواضيع، ومن أهمها أن محور معاناتك قد يكون الرهاب الاجتماعي، وآثاره على نفسيتك وشخصيتك.

إن الرهاب الاجتماعي، وهو من أكثر أنواع الرهاب انتشارا بين الشباب، يدفع المصاب لتجنب لقاء الناس والحديث، والتواصل معهم، وهكذا يستمر التجنب حتى يصل الشخص ينعزل فيه عن كل أو معظم الأنشطة الاجتماعية، وبالتالي ما هو إلا وقت قصير حتى يشعر المصاب بشيء من الاكتئاب النفسي، والملل من الحياة، وفقدان الرغبة والمتعة بالحياة، والتواصل مع الناس، وتحقيق الطموحات...، وهذا ربما ما وصلت فيه مما عبرت عنه بطرق مختلفة من الملل، وعدم الرغبة بفعل شيء، وبالتالي هذا مما أضعف ثقتك بنفسك، وبدأت الأفكار السلبية عن نفسك والحياة والآخرين...

من الواضح أنك شابة وطموحة، ويبدو أنك أيضا مبدعة -ما شاء الله- طالما تكتبين الشعر، إلا أن الظروف المحيطة ليس فقط بك، وإنما بكل بلدكم العراق الجريح، كل هذه الظروف الصعبة التي تجعل الحليم حيران، لا شك أنها كلها يمكن أن تؤثر عليك بهذه الطريقة السلبية، إلا أن علينا أن لا نستسلم للظروف المحيطة، وإنما أن نسعى للخروج من الظروف الصعبة المحيطة بنا.

تمر بالإنسان ظروف كثيرة تجعل منه بالشكل الذي هو عليه من الشخصية، والثقة بالنفس، والنظرة إلى الحياة، وفي لحظة ما من لحظات حياتنا يصعب علينا تقبل هذا الحال ونرغب بالتغيير. والتغيير شيء مطلوب، وهو ممكن طالما وجدت الرغبة والعزيمة على السير في عملية التغيير هذه.

قد نستطيع القيام بهذا التغيير بأنفسنا من زاوية عدم جعل ضعف الثقة بالنفس التي عندنا تؤثر في مجمل حياتنا، وإنما نحاول أن نحدد تأثيراتها من خلال القيام بالأعمال والمسؤوليات المطلوبة منا من الدراسة، والعمل، والأنشطة الاجتماعية والترفيهية ...، ورويدا رويدا نجد أن الوضع النفسي الداخلي قد بدأ بالتحسن والتغير.

حاولي القيام بالأعمال التي تريدين أن تقومي بها من واجبات وأنشطة، واتركي تغيير النفس الداخلية لتحدث وبشكل طبيعي وتدريجي وكنتيجة للأعمال التي تقومين بها.

حاولي خلال الأسابيع القادمة أن تركزي انتباهك على الإيجابيات الموجودة في نفسك وحياتك من ظروف، وصفات، وإمكانات، انظري لنصف الكأس الممتلئ، واتركي قليلا النصف الفارغ.

امتدحي نفسك كل يوم بما وهبك الله تعالى من إيجابيات، واشكري الله تعالى عليها {ولئن شكرتم لأزيدنكم}.

أحيانا يتعذر علينا القيام بهذا التغيير بمفردنا، ونحتاج عندها للحديث مع شخص آخر، إما شخص قريب منا كصديقة أو قريبة لك ولديها خبرة في الحياة، أو شخص متمرن على التعامل مع مثل هذه الحالات كالأخصائية النفسية، ممن يفيد الحديث معها، وقد يكون المرشد النفسي في الكلية أو الجامعة التي تدرسين فيها، فأحيانا مجرد الحديث في الأمر يساعدك كثيرا على التغيير المطلوب، ويمكنك الحديث معها أيضا عن الوساوس التي تأتيك، وغيرها من الأمور.

وفقك الله، وأرجو أن نستلم منك بعض أشعارك للقراءة والاطلاع.

مواد ذات صلة

الاستشارات