الخوف من المرض جعلني أنعزل عمن حولي، فما علاج حالتي؟

0 176

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

أنا في آخر حملي، وأدرس في الجامعة، وأسكن في بيت أهلي بسبب دراستي، أما زوجي فهو يسكن في مدينة أخرى بحكم عمله، وأذهب إلى مدينة زوجي في الإجازات.

في بداية حملي بدأت أعاني من الخوف من المرض بشكل قوي جدا، وخصوصا مرض الكبد الوبائي؛ لأن جدي مصاب بهذا المرض، وقد سكن في بيتنا فترة من الزمن، وهذا زاد من خوفي، لدرجة أني بدأت أشك بكل شيء حولي، سواء من أواني المطبخ، وأدوات تنظيف المنزل، وخصوصا الحمامات، وأصبحت أرتدي الحذاء في المنزل، ولا أمسك مقابض الأبواب والسيارات والمغاسل، ولا أمسك بمفاتيح الإضاءة إلا بحاجز، ولا أدخل الغرفة التي كان فيها جدي أبدا، أو الحمام الذي كان يستخدمه، والمغسلة التي كان يستخدمها، وعندما يدخل إليها أحد ما أخاف جدا، وأطلب منه أن يغسل يديه فورا.

وحين يزورنا جدي لا أذهب إليه أبدا، وأغسل يدي كثيرا، وأبدل ملابسي دائما، ولا أريد لأحد أن يلمسني أو يستخدم أغراضي، كالجوال، وجهاز الكمبيوتر، ونحو ذلك، وإذا حصل ذلك؛ أغسل يدي وأغراضي جيدا.

ولقد انزعج أهلي من ذلك كثيرا، وحاولوا أن يساعدوني جاهدين، ولكن لا فائدة، وأصبحت أكره بيت أهلي كثيرا، وأريد الخروج، فأجلت فصلا دراسيا، وذهبت إلى بيتي في مدينة زوجي، ولكني رأيت بأني لا زالت لدي نفس المشكلة، وبدأت أشك بنظافة كل شيء فيه، وأغسل يدي كثيرا جدا، وأنزعج حين يدخل زوجي بحذائه، ولا أسمح له أن يفعل شيئا قبل أن يغسل يده، وأحيانا أجعله يغتسل.

وحين أخرج فأنا أغسل كل شيء اشتريته، ولا أمسك أي شيء في الخارج، وحين بدأت أجهز لطفلي؛ لم أكن أسمح لأحد أن يمسك أي شيء أشتريه له، وغسلت كل ملابسه التي اشتريتها، وحالتي الآن في هذه الأيام وصلت إلى الآتي:

- أصبحت أخاف كثيرا من المرض، وأشك بأني مصابة به، وأن الأعراض التي قرأت عنها قد ظهرت علي، حتى أني أجريت الكثير من الفحوصات وكانت سليمة.

- أصبحت أخاف جدا من بيت أهلي، وأرى بأنه وباء، وأريد أن أهرب منه، وأنظر إلى أهلي بأنهم في خطر، فأصبحت أزعجهم جدا بأن يغسلوا أيديهم، ويعقموا أنفسهم، وأصبحت أتخلص من أشياء كثيرة في بيتهم، حتى أنهم بدؤوا لا يسمعون مني، ويحاولون أن يقنعوني بأن هذه أفكار لا صحة لها، ولكني لا أستمع، فبدأت أرى بأنهم مصابون كلهم بهذا المرض، فأصبحت أتجنبهم، ولا أريدهم، وأفكر كثيرا كيف سأبعد طفلي عنهم.

- أصبحت أخاف الخروج من بيتي إلى أي مكان، ولا أريد أن يأتي أحد إلى حتى زوجي.

- بالنسبة لطفلي بدأت أكره أني حامل، وفي بعض الأحيان أتمنى أني لم أحمل، وأفكر كيف سأعزله عن العالم.

- وصلت أفكاري إلى أنه لن تحل مشكلتي إلا حين يموت جدي، حتى أنني بدون وعي أتمنى له ذلك، وأن يغير أهلي منزلهم بالكامل، وأن يجروا الفحوصات التي تؤكد سلامتهم، حينها سترجع حياتي معهم طبيعية، وأن مشكلتي مع العالم حولي لن تحل إلا إذا عزلت نفسي تماما عنهم، وفي كل مرة أحاول أن أقاوم تخرج لي فكرة أفكر بها تهدم كل قوتي، حيث أبدأ بالتفكير بأتفه الأمور أنها ستكون السبب في إصابتي بالمرض.

- أصبحت لا أنام أبدا في الليل، وأعيش في دوامة التفكير والخوف، وكثيرا ما تمنيت أني لم أكن موجودة في هذه الحياة أبدا لكي أرتاح وأريح أهلي وزوجي.

أفيدوني بارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سمية .. حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وبعد:

الأخت الكريمة: لا شك أنك تعانين من اضطراب الوسواس القهري الاضطراري، إذ سيطرت عليك فكرة واحدة هي فكرة الإصابة بمرض الفيروس الكبدي الوبائي، وعجزت تماما عن مقاومتها، وأصبحت تأخذ أشكالا عديدة، وتتكرر، وأثرت عليك بصورة واضحة.

ومعروف عن اضطراب الوسواس القهري الاضطراري أن هناك فكرة ما تتسلل إلى تفكير الإنسان وتكرر بالرغم عنه، ويحاول مقاومتها ولا يستطيع؛ مما تسبب له القلق الشديد والتوتر، وبالتالي يحاول التقليل من هذا التوتر والقلق بالاستجابة لها، والإتيان بفعل ما، فأصبحت تحاولين تجنب كل من يمكن أن يصاب بهذا المرض، أو يحمل هذا المرض، وتطلبين منه أن يغتسل ويتطهر، وتبتعدين عن المنزل الذي به أحد المصابين بهذا المرض من الأقرباء كالجد، وغيره، ولكن هذا لا يحل المشكلة، فالفكرة موجودة وتتكرر.

وعلاج اضطراب الوسواس القهري الاضطراري يحتوي على نوعين من العلاج:
• علاج دوائي: هناك عدة أدوية تساعد في هذا المجال.
• علاج سلوكي معرفي: يتطلب هذا العلاج دراسة سلوكية دقيقة ومفصلة للمواضع التي يزيد فيها الوسواس، والسلوكيات التي تتبعها، ومن ثم ترتيبها على حسب الأكثر صعوبة فالأقل صعوبة فالأقل، وبعد ذلك تتم مواجهتها بالتدرج، أي: تمنعي من الإتيان بالأفعال، حتى لو شعرت بقلق وتوتر؛ لأن الاستجابة لهذه الأفكار ما هي إلا زيادة لها وتدعيم لها وتغذيتها للاستمرار.

وبما أنك -أختي العزيزة- في الأشهر الأخيرة من الحمل؛ فإني أرى أن يتم علاجك تحت إشراف طبي، وقد عانيت بما فيه الكفاية، فلتقابلي طبيبا -أو طبيبة- نفسيا، ليبدأ العلاج معك، وقد يبدأ بالعلاج السلوكي المعرفي أولا، ثم يختار من الأدوية ما لا يتعارض مع حملك، ولا مع الرضاعة بعد ذلك، لأنك ستحتاجين إلى أن تستمري في تناول العلاج حتى بعد الولادة.

وفقك الله وسددك خطاك.

مواد ذات صلة

الاستشارات