فقدت الرغبة في الحياة والناس والاختلاط بعد انفصالي عن زوجي، فما الحل؟

0 355

السؤال

السلام عليكم

أنا سيدة بعمر 25 سنة، كنت أعاني منذ خمس سنوات من خوف وهلع مرضي بدون أسباب ظاهرة، نوبات كانت تأتيني تفقدني الرغبة في الحياة، مع آلام جسدية رهيبة، وبخاصة آلام المعدة، في خلال هذه النوبات كنت أستعين بأقاربي، وأظل في هذه الحالة أياما، أفقد فيها القدرة على النوم، والرغبة في الطعام، وكل شيء، إلى أن ترحل تدريجيا، ولكن يظل القلق مستمرا.

كنت أحاول التخلص من هذه المشكلة من خلال صداقات جديدة باستمرار، وذهبت لطبيب نفسي، وأعطاني بروزاك، وتعددت الأدوية، فأخذت فافرين وسيروكويل وستابلون وزولام بروثيادين وتريتيكو وبوسبار، ولم أتحسن كثيرا.

كنت أتمنى وأبحث عن الحب، وأن أرتبط بشخص أحبه لكي يتحملني في نوباتي تلك، وفعلا ارتبطت بشخص أحببته لدرجة الجنون، تعرضنا للكثير من المشاكل خلال خطوبتنا، ساءت خلالها حالتي النفسية بصورة واضحة، ولكن لم تصبني نوبات الخوف، وإنما كانت أعراضا جسدية، كلها غثيان وقيء، بالإضافة لارتجاع عرضي في صمامات القلب، ودوار، وهبوط في الضغط باستمرار، ولكنني كنت أشعر بانخفاض حدة هذه الأعراض لدى رؤيتي له.

تزوجنا رغم أن زواجنا كان مرفوضا من قبل أهله وأهلي بصورة كبيرة، ولكني تمسكت به، وازدادت المشاكل بيننا، وانفصلنا بعد سنة من الزواج، تعرضت في بداية الانفصال لصدمة كبيرة، كنت أبكي باستمرار، وكنت أتمنى رجوعه بأية طريقة، وكنت أتابع أخباره.

بعد فترة قصيرة حاولت إثبات ذاتي بالعمل، ولكنني لم أستمر سوى شهرين فقط، وهي الفترة الأطول لي بعد الطلاق في العمل، وتعددت وظائفي، ولم أكمل في أي منها أكثر من ثلاثة أيام، وقد مرت سنة على الانفصال، وما زلت أعاني من فتور حاد في المشاعر تجاه جميع الناس، لا أرغب برؤية أحد، ولا الحديث مع أحد، ولا أرغب برؤية الضوء، أغلقت حجرتي، أخرج منها فقط لتناول الطعام أو لقضاء الحاجة ليس أكثر، أحيانا أشعر بشراهة غريبة للأكل وأظل آكل إلى أن أتقيأ، ومرة أخرى أشتهي الطعام وبعد التحضير أفقد رغبتي به تماما، كذلك النوم، أحيانا أنام فترة طويلة جدا، وأحيانا أظل يومين مستيقظة فقط أشاهد مسلسل على جهاز اللابتوب، أو أسمع بعض الأغاني، ورفضت دراستي التكميلية، رغم رغبتي فيها في بادئ الأمر، إلا أنني تراجعت.

أسمع أصواتا من حولي، وإذا رغبت في مشاركتهم يكون من داخل غرفتي، دون الاختلاط بهم، وتنتابني أحيانا رغبة في أن أطردهم من المنزل لأظل وحدي في هدوء، ولم أعد أكن أي مشاعر لأي أحد إطلاقا، لا حبا ولا كرها، ومشاعري نحو طليقي صارت عدما، ربما الكثير من الذكريات والمواقف أشعر وكأنها مفقودة، وحتى لو تذكرتها تكون خالية من الإحساس، لامبالاة غريبة تجاه كل الأشخاص، وعدم الرغبة في الحياة.

لم أعد تلك الفتاة التي لا تستقر في المنزل، رغم أن بعض خلافاتي مع زوجي سابقا كانت حول العمل والدراسة، لأنني كنت أدرس الماجستير، وأثناء الخمس سنوات الماضية كنت متطوعة نشطة في الكثير من الجمعيات الخيرية، وكنت أمارس الرياضة، وأحضر الندوات والدورات، وكنت أعمل بالتدريس.

أما الآن تأتيني الرغبات ولكنني لا أستطيع تنفيذها، أو أشعر برفض داخلي لها بنفس قوة الطلب، بطبيعتي كنت معبرة، أبكي وأصرخ وأضحك وأتألم، أعبر عن مشاعري بأكثر من صورة، أما الآن فقدت هذه الملكة تماما، سلبية لم أمر بها من قبل، وعزلة مطلقة عن العالم.

باختصار مشكلتي الحالية أنني منذ حوالي أكثر من شهر، وأنا تقريبا في شبه عزلة تامة، أشعر بعدم الرغبة في مواجهة الناس، والعمل، والدراسة، والخروج، أجلس في غرفة نومي حوالي 20 ساعة، وأنام نهارا وأسهر ليلا، وفقدت الشهية للطعام وإن كنت أحيانا آكل بشراهة، ثم أشعر بغثيان، واعتزلت الناس جميعا، ولا أشعر بشيء تجاه طليقي أبدا.

ساعدوني، أنا لم أكن هكذا سابقا، فقد كنت أعبر عن غضبي بالصراخ والشجار، لكن الآن أعيش بلا إحساس.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ شجر الليمون حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في إسلام ويب، وقد قمت بتدارس رسالتك، وقطعا أنا آسف جدا على موضوع الانفصال أو الطلاق الذي حدث بينك وبين زوجك، وأسأل الله تعالى أن يعوضك عن ذلك خيرا، وأنصحك بدعاء: (اللهم اؤجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها) وسيخلف الله عليك خيرا.

أيتها الفاضلة الكريمة: مع احترامي الشديد لمشاعرك، الزواج أصلا لم يكن زواجا مؤسسا، وأرجو أن تسامحيني في القول بأن عدم موافقة الأهل، أو على الأقل إخطارهم وإخبارهم، أو إبداء بعض الرضا، هو قرار خاطئ لا شك في ذلك.

عموما أنا لا أريدك أبدا أن تأسي على ما مضى، هنالك تبعات نفسية قطعا للطلاق يؤدي إلى ما يعرف بعصاب ما بعد الصدمة، وهو نوع من القلق النفسي الاجتراري الاكتئابي، يراود بعض الناس خاصة الذين لديهم شيء من الهشاشة النفسية أو الاستعداد للقلق.

هذه التجربة قد انتهت، نعم لها رواسب، لها تبعات، لكن يجب أن تكون عبرة، ويجب أن يستفاد منها، كل الذي تحتاجينه الآن هو أن تجلسي مع نفسك، أن تقيمي ما حدث ليكون لك عبرة حقيقية.

أنت صغيرة في السن، يجب أن تعيشي على الأمل والرجاء، يجب أن تنظري للمستقبل بإشراق، وأن تسألي الله تعالى أن يوفقك وأن يسدد خطاك.

أنا أنصحك أن تؤجلي موضوع أي زواج لمدة سنتين على الأقل، وكوني أكثر حصافة وفطنة، ومرتكزات الزواج الأساسية يجب أن تكون هي مرجعك، إذا أتاك الزوج الصالح، الزوج المنضبط، (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه)، الذي يوفر لك الحياة الهانئة، وتوفري أنت أيضا له الحياة السعيدة، ولا بد أن يكون الأمر بموافقة الأهل، فلا زواج إلا بولي، هذه الأسس أسس صحيحة وأسس سليمة، ويجب أن تكون مرجعيتك.

الأمر الثاني: أريدك الآن وخلال هذه الفترة أن تغيري نمط حياتك، أنت محتاجة لأن تمارسي الرياضة بكثافة، أنت محتاجة لأن تنامي نوما ليليا صحيحا وعميقا ومبكرا، أنت محتاجة أن تتجنبي النوم النهاري، أنت محتاجة لأن تكوني أكثر فعالية داخل أسرتك، أن تأخذي المبادرات الإيجابية، أن تكون مساهماتك مساهمات مفيدة لك ولمن حولك، وأن تطوري من علاقاتك الاجتماعية، وأن ترجعي لسيرتك الأولى من حيث حضور الندوات والمحاضرات، هذا فيه خير كثير لك.

أنا أعتقد أن هذا هو النمط الذي يجب أن تسيري عليه، و-إن شاء الله تعالى- يكون العائد الاجتماعي والوجداني والعاطفي إيجابي جدا بالنسبة لك، الإنسان يتطور، الإنسان يجب أن يطور نفسه ومهاراته، الإنسان يستفيد من ماضيه، ويجب ألا يخاف من المستقبل، وأن يعيش الحاضر بقوة وثقة.

أيتها الفاضلة الكريمة: تناول أحد محسنات المزاج مثل عقار يعرف تجاريا باسم (زولفت Zoloft) والذي يسمى علميا باسم (سيرترالين Sertraline) أعتقد أن سيكون قرارا سليما. أنت لست محتاجة لجرعة كبيرة، حبة واحدة في اليوم سوف تكون كافية جدا، ابدئي بنصف حبة (خمسة وعشرين مليجراما) ليلا، تناوليها لمدة أسبوعين، ثم اجعليها حبة واحدة ليلا - أي خمسين مليجراما - واستمري عليها لمدة أربعة أشهر، ثم اجعليها نصف حبة ليلا لمدة شهر، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقفي عن تناول الدواء.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب، وأسأل الله لك التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات