السؤال
السلام عليكم
أنا صاحب الاستشارة رقم (2289152)، وأريد أن أسألكم عن حلول عملية للقضاء على الوساوس بجميع أنواعها والأفكار السلبية، على سبيل المثال سأصبح مجنونا، أو سأفشل في حياتي، وكذا الملل وأوقات الفراغ.
المرجو إجابتي بالتفصيل، وشكرا على مساعدتكم لي.
ملاحظة: أريد سؤالكم حول الدواء المشار إليه في الاستشارة السابقة (الإفكسر)، كم من الوقت يأخذ في العلاج التام للاكتئاب المقنع؟ وهل يعالج حتى القلق والتوتر والخوف؟ مع العلم أنني كنت آخذ جرعة (37.5) ملغ، والآن طلب مني الطبيب أن أزيد الجرعة إلى (75) ملغ.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إبراهيم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نحن نرحب بك في استشارات إسلام ويب.
أخي الكريم: بالنسبة للحلول العملية لعلاج الوسواس:
أولا: يجب التأكد من التشخيص؛ لأن الناس تخلط فيما يسمى بالوسواس، حديث النفس يسميه البعض وساوس، سماع الأصوات الهلوسية يسميه البعض وساوس، الاجترارات الداخلية الدماغية يسميها البعض وساوس. لا بد أن يكون هناك معيارية تشخيصية للحالة، وهذا يتطلب الذهاب إلى الطبيب النفسي الحاذق وصاحب الخبرة. هذه هي النقطة الأولى -أيها الفاضل الكريم-.
ثانيا: بعد أن يتأكد التشخيص وسواسا يجب أن يحدد نوع هذا الوسواس، هل هو وسواس نمطي؟ هل هي وساوس أفكار؟ هل هي وساوس أفعال؟ هل هي وساوس اجترارات؟ هل هي مخاوف؟... أي نوع من الوساوس، لكل برنامجه العلاجي.
ثالثا: بعد ذلك البرامج العلاجية تطبق بالتزام قاطع وتام، كثير من مرضى الوساوس لديهم تبريرات، لديهم نكران، وهذه كلها دفاعات نفسية خاطئة، ولديهم أيضا مساومات سلبية مع أنفسهم، لا يريدون أن يطبقوا التعليمات العلاجية، بل يبحثون عن الحلول السهلة، لا أريدك أن تكون من هؤلاء -أيها الفاضل الكريم-.
الخطوة العملية الأساسية في علاج الوسواس هي أن تحقر الوسواس، أن تغلق أمامه الأبواب، ألا تناقشه، وأن تقوم بفعل الضد، وألا تترك مجالا للفراغ الزمني والذهني؛ لأن الوساوس تتصيد الناس من خلال هذه الفراغات، والحذر ثم الحذر من النقاش الوسواسي.
الوساوس تجر صاحبها لأن يدخل في تفاصيل، في حوارات، أن يبحث عن الأسباب، عن التبرير، وهذا من أخطر المناهج التي يتبعها البعض في التعامل مع الوسواس.
وهنالك برامج سلوكية خاصة تطبق لكل وسواس، لكن ما ذكرت هو التطبيق العام، ويا أخي الكريم: العلاج الدوائي يعتبر ضرورة مهمة جدا في علاج الوساوس؛ لأن كيمياء الدماغ فعلا تكون في حالة اضطراب في حالة الوساوس، وما هو كيميائي أو حيوي أو عضوي يجب أن يعالج بالمقابل، وهو الدواء.
إذا المسارات العلاجية يجب أن تكتمل، وهي أربعة: المسار الدوائي -أي الحيوي- المسار السلوكي، المسار الاجتماعي، والمسار الإسلامي والذي يقوم على ما أرشدنا إليه الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن هذه الوساوس حين تنتابنا يجب أن نستعيذ بالله منها ومن الشيطان، وأن نقوم بالاستغفار، وأن نحقر الوسواس، وأنت تقول مع نفسك: (آمنت بالله) ثم تنتهي، وهذا مختصرا في قوله -صلى الله عليه وسلم-: (فليستعذ بالله ولينته)، أما تحقير الوسواس مختصرا في قوله: (الحمد لله تعالى الذي رد كيده إلى الوسوسة).
أيها الفاضل الكريم: هذه هي الأسس العلاجية.
أما بالنسبة لسؤالك الثاني حول الدواء: الـ (إفكسر Efexor) والذي يعرف علميا باسم (فنلافاكسين Venlafaxine) والذي تنتجه شركة (وايف) الكندية، هو من أفضل الأدوية، وهو لديه ما يعرف بالفعل الكيميائي المزدوج؛ حيث إنه يعمل على تنشيط أو تنظيم مادة الـ (سيروتونين Serotonin) وكذلك مادة الـ (نورأدرينالين Noradrenaline).
جرعة البداية هي سبعة وثلاثون ونصف مليجرام، والتي يجب أن ترفع تدريجيا حتى يصل الإنسان إلى الجرعة العلاجية، والتي قد تصل إلى ثلاثمائة مليجرام في بعض الأحيان.
الإفكسر يعالج القلق، ويعالج التوتر، ويعالج الخوف، خاصة الخوف الاجتماعي. الالتزام بالجرعة العلاجية مهم، والتوقف من الإفكسر يجب أن يكون تدريجيا؛ لأن هذا الدواء أحد عيوبه الأساسية هو أنه قد يؤدي إلى آثار انسحابية إذا توقف عنه الإنسان فجأة.
وهناك أمر آخر -أيها الفاضل الكريم- وهو: في حوالي ثلاثين بالمائة من الناس ربما يؤدي الإفكسر إلى ارتفاع بسيط في ضغط الدم، فلذا قياس ضغط الدم من وقت لآخر يعتبر أمرا مرغوبا، ولا أقول أنه حتمي، لأن ارتفاع ضغط الدم حتى وإن حدث يكون بسيطا جدا.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.