زوجة أبي تسيء معاملتي، فهل يجوز لها ما تفعله بي؟

0 278

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا سيدة متزوجة، توفيت والدتي وأنا طفلة، فقام أهل والدي بتزويجه في فترة قصيرة، ولم أكن على وعي بما سيحصل مستقبلا، فارتديت ثياب الفرح، ورقصت في زفاف أبي، وبعد الزفاف أتت تلك المرأة لبيتنا، وانتقلنا لبيت آخر، وانعزلنا عن صديقات أمي وجيراننا، وعن أهل والدي أيضا، ولم نعد نلتقي إلا بأهلها والقليل جدا من أهل أبي، وكنت أدلك قدميها دائما وهي نائمة بطلب منه، وأمشط شعرها، وكنت أقوم بوظائف عملها التي تطلبها مني، مثل طباعة الأوراق وكتابة البحوث والعروض، وكنت أتعرض لمضايقتها أحيانا، وللإهانة حتى أمام الناس، وأمام أهلها، وخارج جدران المنزل، وسرعان ما أعود لتدليك قدميها، وكأن شيئا لم يكن، وكنت أنام معها إذا مرضت أو ولدت، وكنت أقوم برعاية إخوتي الذين هم أبناؤها، وهي نائمة قريرة العين.

كنت أسهر لأستذكر دروسي، وأسمع الخادمة تصرخ في أختي الصغيرة فآخذها عندي، وأسهر معها وأنا أذاكر دروسي وأمها نائمة، وكانت تجبر والدي على أخذ مكافأتي الجامعية، وكنت أسكت على ذلك، عانيت كثيرا بصمتي، وفي النهاية بعد أن كبر أبناؤها لم تعد بحاجتي، فأصبحت توقع بيننا كإخوة، بعد أن حرضت والدي وإخوتي علي مرارا، حتى أصبح الجميع يحقدون على بعض، وليس كأننا أسرة واحدة من دم واحد، وأصبح إخوتي يعقون أبي ولا يحترمونه، بعد أن كان يضربني لأجلهم بتحريض من زوجته، أصبح الحال يدمي له القلب، فكانت تطردني من بيت أبي حتى بعد أن تزوجت، وتقول: إنه بيتها شرعا، فكنت أحرم نفسي من رؤية أبي وإخوتي اتقاء لشرها، فهل يجوز لها فعل ذلك؟

أفيدوني جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ لمياء حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا الكريمة-، ورحم الله والدتك وأمواتنا وأموات المسلمين، ونشكر لك التميز في التعامل، وحسن العرض للسؤال، واحمدي من رزقك بزوج وأصلح لك الأحوال، واستمري على ما أنت عليه من الخير وكريم الخصال، وثقي بأن المكر السيء لا يحيق إلا بأهله، فسبحان العدل المتعال، ونسأل الله أن يوفقك، ويحقق لنا ولك في طاعته الآمال.

نشكر لك ما قمت به من معروف وخدمات لزوجة والدك، رغم تقصيرها معك، ونبشرك بأن من تفعل المعروف لا تندم ولا تخسر، وقد أحسن من قال: إن المعروف وإن طال الزمان به، لن يحصده غير الذي زرعا، وفاعل المعروف لا يقع، وإن وقع وجد متكئا، ونحيي شفقتك على إخوانك صغارا، ورغبتك في التواصل معهم كبارا، ولا تحزني فأجرك ثابت، وإخوانك سيعرفون قيمتك، أما والدك، فنوصيك به خيرا، واجتهدي في الاهتمام به، والتواصل معه، والسؤال عن صحته، فإن بره عبادة، والصبر على جفائه أو تقصيره، مما تؤجرين عليه بين يدي الله سبحانه.

وهذه وصيتنا لك بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، وتذكري أن الله هو العدل، وأن من يظلم الآخرين لا بد أن يشرب من نفس الكأس، وسوف تشاهد ما عملته معك من أولادها، وأزواج أولادها، ونسأل الله أن يردها إلى الحق والصواب، وسوف تجدين -بإذن الله- من أطفالك البر والشفقة والإحسان، فالجزاء من جنس العمل، فاجتهدي في تربية الأطفال الذين يرزقك الله بهم على الإيمان، وعلى فعل الخير، وحب الخير وأهله.

لقد سعدنا بتواصلك، ونسأل الله أن يوفقك، ونكرر دعوتنا لك بالاستمرار في الإحسان للجميع، حتى وإن قصروا، واجعلي عملك لله، واحتسبي لتربحي، ولا تغيري أخلاقك إذا ساءت أخلاق الآخرين، فإن الرقيب هو رب العالمين، وعيشي سليمة الصدر، وتجنبي حمل العداوات.

أسال الله أن يوفقك ويسعدك.

مواد ذات صلة

الاستشارات