أمي تعلق أي شيء أفشل فيه على الحسد..هل هذا صحيح؟

0 247

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله

أمي دائما عندما أفشل في شيء أفعله تقول لي: هذا حسد، رغم اقتناعي بأن فشلي كان بسبب أخطاء اقترفتها واقترفها البعض، ورغم تعبي ومحاولاتي لتحقيق أمر ما يظهر لي عائق، وأبدأ بإزالة هذا العائق من جديد، وعزيمتي من حديد، ولكن هل أنا محسود فعلا؟ هل فعلا كل تعبي وجهدي ووقتي يدمره أشخاص فقط من نظرة عين دون أن يبارحوا مسكنهم أو يحركوا ساكنا؟

لست أنفي وجود الحسد، ولكني أظن أن الكثير من البشر يستخدمون مصطلح الحسد والنصيب للاستسلام والركون، وكمبرر للفشل، وعدم إعادة المحاولة، مع العلم أني أقرأ المعوذات كل يوم، وأصلي كل يوم بالمسجد، وحالتي الصحية جيدة، فهل أنا محسود؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل/ سامر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن يكثر من أمثالك، وأن يثبتك على الحق، وأن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يوفقك في كل أمورك، وأن يرد عنك كيد الكائدين وحقد الحاقدين وحسد الحاسدين، إنه جواد كريم.

بخصوص ما ورد برسالتك -ابني الكريم الفاضل- فإني أؤيد كلامك مائة بالمائة، فالحسد ليس بهذه الدرجة التي يتحكم الحاسد فيها بحياة الناس ومصائر الناس وأقدار الناس، هذا فهم مما لا شك فيه مغلوط مئة بالمئة؛ لأن الحسد شأنه شأن أي مرض آخر قد يصيب بعض الناس وقد لا يصيب، ولا ينبغي لنا أبدا أن نعول عليه - كما ذكرت - في أي إعاقة أو إخفاق نقول إنه حسد.

هذه مع الأسف الشديد هي عقيدة عوام المسلمين في معظم بلادنا العربية والإسلامية، هذا الذي عليه عامة العوام، ولكن في الواقع هذه ليست عقيدة سليمة، وإنما هي عقيدة غير موفقة وغير صحيحة.

لذلك فإني أقول لك - بارك الله فيك -: إن تفكيرك تفكير رائع، وإن تفكيرك هو الذي يتوافق مع الشرع، ليس كل شيء حقيقة حسدا، وإنما الحسد له دوره مما لا شك فيه، إلا أنه ليس من المعقول أن يعول عليه في كل إخفاق ونقول إنه حسد؛ هذا فهم قاصر وغير صحيح، ولذلك أنت تستطيع أن تعرف هل أنت محسود أم لا؛ فعندما تقرأ آيات الرقية الشرعية سيتضح لك، فاقرأ على نفسك الفاتحة وآية الكرسي، واقرأ على نفسك المعوذات الثلاث، إن وجدت ألما أو تأثرا من ذلك فنستطيع أن نقول إن هذا حسد.

إذا: كما ذكرت لك أتمنى فعلا ألا تعول على كلام والدتك - حفظها الله - خاصة أنك ذكرت أنك فاهم بأن هذه المسألة ليست كذلك، وأنك قد تكون السبب وراء الإخفاق، أو قد تكون هناك أسباب أخرى لا علاقة لها بالحسد، فأنا أرى ألا نتكل على فكرة الحسد هذه، وأرى أولا أن تحافظ على أذكار الصباح والمساء بانتظام، وأن تحافظ على الصلوات في أوقاتها، وأن تحافظ على أذكار ما بعد الصلوات، وأن تجتهد أن تكون على طهارة معظم الوقت، وأن تترك الأمر لله تبارك وتعالى وتتوكل على الله، واعلم أنه لا يقع في ملك الله إلا ما أراد الله، حتى ولو اجتمع كل أهل الأرض على أن ينالوا من إنسان شيئا لا يمكن أن ينالوه بشيء إلا إذا كان قد قدره الله، وهذا الذي ذكره النبي -صلى الله عليه وسلم- في وصيته لابن عباس: (احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف).

هذه عقيدة المسلمين - ولدي الحبيب سامر - وما سواها ليست بعقيدة صحيحة، وأسأل الله أن يحفظك من كل سوء، إنه جواد كريم.

هذا وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات