وصلت للانفصال العاطفي مع زوجي لكثرة المشاكل بيننا

0 230

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا سيدة متزوجة منذ تسعة أعوام ولدي طفلان، زوجي كان باختياري، إلا أنني لم أعرف معنى السكينة والود والأمان منذ زواجي، فالخلافات مستمرة بيننا بسبب أو بدون سبب، إلى أن وصلنا لمرحلة الانفصال العاطفي رغم أننا نعيش بمنزل واحد.

زوجي لديه تاريخ طويل مع الرقاة، فمرة يعاني من سحر موروث أو متعد، ومرة يعاني من العين والحسد، ومرة من شيء طيار، بالنسبة لي: أتأثر بالرقية قليلا، فأشعر بنبض خفيف، بينما هو يستحضر الجن، وأحيانا يتكلم ويضرب.

ألاحظ شيئا من الهدوء بعد فترة العلاج بالرقية الشرعية دائما، ولكن بعد فترة بسيطة من الهدوء تكون الانتكاسة أشد، حتى أصبح في الآونة الأخيرة يفتعل الشجار، وفي آخر مشادة بيننا خرج لمنزل أهلة وتركني، ولا أعرف كيف أفسر وضعي الحالي، هل أنا مطلقة أم مهجورة؟! أحيانا أرى أنه هم وتخلصت منه، وأحيانا أخرى أشعر بالندم والحنين، وأشفق على وضع أطفالي لأن ذلك كله يؤثر عليهم، فماذا أفعل؟

وجهوني للصواب جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ malak حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

أولا: شكر الله لك جميل صنعك مع زوجك، وتحملك مشاق المقام معه، وصبرك عليه يدل -إن شاء الله- على خير فيك، نسأل الله أن تكوني كذلك وزيادة.

ثانيا: لا يخفاك -أختنا- أن ما أنت فيه لون من البلاء، ولا ريب أن أكثر الناس بلاء أهل الصلاح، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى المرء على قدر دينه"، ولا شك أن كل ما يقع للمؤمن هو له خير كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "عجبا لأمر المؤمن: إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له"، وهذا لن يكون إلا للمؤمن المحتسب الذي يرجو رضا الله عليه، ويدرك أن الأجر على قدر المصيبة.

وأنه لولا مصائب الدنيا مع الاحتساب لوردنا القيامة مفاليس، ويصبرك كذلك أن البلاء لصيق الصلة بالناس، فلن تجدي منعما عليه من كل وجه، كما لن تجدي مبتلى من كل طريق، وقد أحسن من قال:

ثمانية لا بـد منها على الفتى *** ولا بد أن تجري عليه الثمانية
سرور وهم, واجتماع وفرقة *** وعسر ويسر, ثم سقم وعافية.

ثالثا: -الأخت الكريمة-: الناس أمام البلاء على قسمين: قسم يعيش آلامه ويمكث في ابتلائه، ولا يبرح معاناته، وهذا حكم على نفسه بمزيد الحزن والكآبة والسلبية، وقسم آخر إيجابي النزعة في تعامله وتعاطيه مع الأحداث، يعلم قطعا أن البلاء سنة الله في الأرض، وهو سنة ماضية وجارية، ولكن هذا لا ينسية ما أنعم الله به عليه، فيتذكرها ويصبره تذكر ذلك مع الصبر على ما فيه من هم وحزن، ونحن واثقون -أختنا الفاضلة- أن هناك نعما كثيرة أنعم الله بها عليك، ولكن ربما غيبتها المحنة الشديدة، فتشي الآن عنها، واستحضري ذلك وأنت تفكرين في معاناتك.

رابعا: يقويك -أختنا- ويشد من عضدك كذلك: استصحاب ما أعده الله لمن صبر على البلاء واحتسب الأجر عند الله -عز وجل-، فالابتلاء له أجره، وقد بشر الله به صاحبه كما قال تعالى: {ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين}، وقد وعد الله من تمسك بالصبر الخير الكثير، والعاقبة الحميدة في الدنيا والآخرة، قال تعالى: {فاصبر إن العاقبة للمتقين}، وبين القرآن أن الصابر يوفيه الله حقه فقال: {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب}، فالصبر -أختنا- عطاء كاف، وخير جزيل لأهل البلاء، قال -صلى الله عليه وسلم-: (ما أعطي أحد عطاء خيرا وأوسع من الصبر)، استحضار هذه المعاني هام جدا وأنت تواجهين تلك المعاناة، مع العلم أن العبد لا حيلة له إلا الصبر، لكن شتان بين صبر يدفع إلى العمل ويأخذ صاحبه عليه الأجر، وبين صبر يجبر المرء عليه، فالأخير يدفعه إلى اليأس ويحرمه الأجر، ولا يغير من الواقع شيئا.

خامسا: مما يعاني منه زوجك يحتاج إلى أن يقترب من الله أكثر، وأن يداوم على الأذكار، وأن يتعهد نفسه بالرقية الشرعية، فإن كان الأمر -كما ذكرت- فإن هذا هو الطريق الشرعي للخلاص مما هو فيه، وعسى الله أن يفرج الأمر عنكم، وأن يعافيه ويصرف عنه ما ألم به.

سادسا -أختنا الفاضلة-: سيبقى الشراب المر مرا، والحامض حامضا ما دمت تتعاملين معه بالسلبية، أما الإيجابية فستدفعك إلى وضع ملعقة واحدة من العسل، ليؤول بعدها المر والحامض إلى شراب حلو المذاق.

أسأل الله أن يحفظك ويحفظ أهلك وأولادك، وأن يشفي زوجك، واصبري -أختي- واحتسبي الأجر، واجتهدي في التغيير، وثقي أن الله سيعينك ويسدد خطاك.

والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات