السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا عندما أعمل على ترك الشهوات كاللعب بالحاسوب -مثلا- وتضييع الوقت عليه؛ لا أدري ما يصيبني، فأصبح تعيسا جدا! وكأنه لا جدوى من حياتي؛ فلا أفعل طاعة إلا متكاسلا ضعيفا، وإذا ما عدت إليها تعست أيضا؛ لأنني لا أريد ذلك، ولكن لا أستطيع تركها، فكيف أستطيع تركها وأجعل هدفي إرضاء الله تعالى، وأفعل كل شيء بحب ونشاط؟
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ نبيل حفظه الله.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يثبتك على الحق، وأن يجعلك من صالحي المؤمنين، وأن يجنبك الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يعينك على التغلب على هذه الرغبات المحرمة، وأن يوفقك لطاعته ورضاه، إنه جواد كريم.
وبخصوص ما ورد برسالتك، فإنك تقول: عندما أعمل على ترك الشهوات لا أدري ما يصيبني؛ حيث أصبح تعيسا، وكأنني لا جدوى من حياتي، فلا أفعل الطاعة إلا متكاسلا، وإذا ما عدت إليها أيضا أصابتني التعاسة.
فأحب أن أقول لك: إن الله تبارك وتعالى قد وصف لنا هذه الحالة بقوله: {وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل} وقال أيضا: {الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء}. فهذه رسالة الشيطان الكبرى أن يزين للناس المعاصي حتى يقعوا فيها، وأن يحببها إليهم، فإذا ما تركوها أصابهم بهذا الغم والنكد حتى يشعرهم بأنه لا حل فيما كانوا عليه من معصية الله تعالى، ولكن لأن لديك فطرة طيبة، ولا تريد أن تقع في الحرام فإنه أيضا يضعف لديك حلاوة الطاعة، حتى تصبح الطاعة والمعصية لديك سواء، فلا فرق بين طاعة ومعصية، وهذا الذي يريده الشيطان، وأسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك على التغلب عليه.
وأقول لك: إنها مسألة وقت، وحرصك على الترك -حتى وإن كنت تشعر بالتعاسة- هذه بداية الخير؛ لأن هذه حالة نفسية يحرص الشيطان أن يوجدها أمامك وفيك حتى يقول لك: إنك لا تسعد إلا بهذا الوضع الذي أنت عليه، فلماذا تدخل الهم والنكد على نفسك؟! فهي مرحلة وقتية، وأنا واثق أنك عما قريب ستنتصر، ولكن اثبت على ما أنت عليه، اثبت على ترك هذه المعاصي مهما كانت الآثار؛ لأنه يكفيك رضوان الله تبارك وتعالى عنك، ولا ينبغي أن نقدم حظ النفس أبدا على مراد الله تعالى وتنفيذ أمره، حتى وإن شعرت بالتعاسة –أخي نبيل– فإنها مسألة وقت، حتى وإن حرمت نفسي من أشياء كانت تدخل على نفسي البهجة والسعادة والرضا، فإنما هي عبارة عن سعادة مزيفة، لأن الشيطان كما قال الله تبارك وتعالى: {وزين لهم} فهي مجرد أشياء ظاهرة، والله تبارك وتعالى أيضا بين لنا الخطبة العصماء للشيطان –لعنه الله– عندما قال: {وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم}.
إذا هي مجرد دعوة، ونحن نستجيب لها فيترتب عليه الوقوع في المعصية، ولكن الحل إنما هو الثبات على الحق، حتى وإن حدث هناك بعض التعاسة النفسية أو بعض النكد، ولكن أنا أقول أنها مسألة وقت، لأن الله تبارك وتعالى قال: {والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم} وقال تبارك وتعالى أيضا: {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا} فأنت عندما تجاهد نفسك في طاعة الله تعالى بأن تكفها عن المعاصي سوف يشرح الله صدرك، ويمدك بمدد من لدنه، وتكون في وضع في قمة السعادة والأمن والأمان والاستقرار؛ لأن من بركات الطاعة الأمن والأمان، ومن شؤم المعصية حرمان من الأمن والأمان، والشعور بالقلق والاضطراب، إلى غير ذلك من الأمراض النفسية التي قد تعصف بحياة الإنسان وبدنه.
أسأل الله أن يثبتنا وإياك على الحق، وأن يعيننا وإياك على طاعته ورضاه، إنه جواد كريم.
هذا، وبالله التوفيق.