السؤال
السلام عليكم.
عندي فضول وأرغب بمعرفة لماذا كانت المعاشرة وممارسة الجنس بعد الزواج حلالا، وبدون زواج حرام، مع أنها نفس الطريقة؟
كما أنني لم أقتنع بالإجابة التي تقول: بأن الزواج أحفظ للأنساب، فحتى من دون زواج يمكنني معرفة أمي وأبي، وأشعر بأن هذا ظلم.
وأحيانا أتساءل: كيف يرضى الأب أو الأخ عندما يعلم أن ابنته المتزوجة حامل؟ وكيف يرضى لأحد أن يلمس ابنته ويراها؟
أرجوكم أن تساعدوني، فقد شغل هذا الموضوع بالي وأريد جوابا عليه.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ عبير حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فردا على استشارتك أقول:
- نحن أمة مسلمة، دستور حياتنا كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- فالحلال عندنا ما أحله الله ورسوله، والحرام ما حرمه الله ورسوله، والإسلام حرم العلاقة الجنسية بين الذكر والأنثى إلا بولي وشاهدي عدل، وأي زواج لا تتوفر فيه هذه الشروط فهو زنى، والزنى محرم في الإسلام.
- طريقة الممارسة الجنسية هي طريقة واحدة هذا صحيح، لكن الأولى بطريقة شرعية، والثانية بدون طريقة شرعية، ولي أن أسألك سؤالا: شخصان حصل كل واحد منهما على مليون دولار، وصار يستمتع بها، لكن الأول حصل عليها بعمله وعرق جبينه، وأما الثاني فسرقها، وصار يستمتع بها، فهل كلا الطريقتين صحيحة؟!
إن طريقة الاستماع واحدة، لكن استمتاع الأول حلال؛ لأنه اكتسبها بطريقة مشروعة، فاستمتع بها بطريقة مشروعة حلال، وأما الثاني فاكتسبها بطريقة محرمة، فاستمتع بها بطريقة محرمة، وهكذا يقال في الممارسة الجنسية.
- الممارسة الجنسية عن طريق الزواج الموافق للشريعة الإسلامية يحصر المرأة على زوجها صونا لها من العبث، وحفاظا على النسل، أما الممارسة عن طريق الزنى ففيه امتهان للمرأة، فلا يحصرها على زوجها، بل ستنتقل من رجل إلى آخر كما يفعل النصارى الذين استشهدت بهم وغيرهم.
- الزواج بالطريقة الإسلامية فيه رضى الولي وموافقته، وفيه مهر يعطى للمرأة أخذا بخاطرها، وفيه إشهار، لذلك النكاح خلاف للزنى، وإن أعطيت المال فهو مقابل الزنا بها.
- المنصفون من الباحثين والمفكرين والكتاب في بلاد الغرب يشهدون بأن العلاقة الجنسية في الإسلام هي العلاقة السليمة، فكيف ببعض أفراد من هذه الأمة يتشككون في دينهم!
- من حكم تحريم الممارسة الجنسية بغير الطريقة الشرعية (الزنى):
-المحافظة على كرامة المرأة، فممارسة الجنس بغير طريقة الزواج على الشريعة الإسلامية يعني سلب المرأة كرامتها، وجعلها سلعة مهانة، فإذا قنعت من الرجل الأول أو قنع هو منها انتقلت لآخر، وربما مارست مع أكثر من واحد في آن واحد، وما المانع الذي يمنعها من ذلك؟ فليس ثمة ما يزجرها أو يمنعها.
- وواقع النصارى واليهود وغيرهم من غير المسلمين أكبر شاهد على ذلك، والإسلام جاء لإكرام الناس، وبخاصة المرأة، ولو قرأت كلام المنصفين من الغربيين رجالا ونساء لعرفت الحال المزرية التي وصلت إليها المرأة، تماما كما كانت في الجاهلية الأولى متاعا يورث، ومحلا للإهانة والتحقير، وإن زيف الحقائق إعلامهم الكاذب المضلل.
- الزنى لا يفرق بين المرأة المكرمة والبهائم، فالمرأة في الإسلام مكرمة تحصر نفسها على زوجها، أما البهيمة فلكل ذكر في القطيع أو للذكر الأقوى.
- الزواج في الإسلام له أحكامه كالخلع، والطلاق، والعدة، وغير ذلك، أما في الطريقة غير الإسلامية ربما تتزوج المرأة بعد طلاقها بأيام وأسابيع، فكيف لو كانت حاملا من الزوج الأول؟ كيف ستعرف أن هذا الحمل من الأول أم من الثاني؟
- تحريم هذا النوع من العلاقات الجنسية موافق للفطرة التي فطر الله الناس عليها، من الغيرة على العرض، حتى إن بعض الحيوانات تغار على عرضها، فقد ثبت في صحيح البخاري عن عمرو بن ميمون الأودي قال: (رأيت في الجاهلية قردا زنا بقردة، فاجتمع القرود عليها فرجموها حتى ماتت)، فإذا كان القرد يغار على عرضه، ويستقبح الزنا، فكيف تريدين أن يرضى الأولياء من المسلمين لأعراضهم أن تنتهك؟ وكيف تريدين المسلم لا يغار على عرضه؟ وهو الذي كرمه الله على سائر خلقه؟ فأي رجل يرضى لمحارمه أن يمارسن الجنس بدون الطريقة الشرعية فقد رضي لنفسه أن ينزل عن مرتبة بعض الحيوانات كما حاصل عند غير المسلمين.
- كل من يبيح الممارسة الجنسية بغير الطريقة الشرعية الإسلامية لا يستطيع أن يمنع المتزوجة أن تمارس الجنس مع أي شخص غير زوجها، وهذا ما تبيحه القوانين البهائمية في دول الغرب، فليس ثمت مانع عندهم من ذلك طالما كان برضى المرأة، وخارج بيت الزوج، وهذا ما يؤدي إلى اختلاط الأنساب.
- من الحكم الإلهية لتحريم ممارسة الجنس بغير الطريقة الإسلامية الحماية من الأمراض التي هي عقوبة ربانية على انتشار تلك الفاحشة، ولا أظنه يخفى عليك ما تعانيه كثير من الشعوب الإباحية من أمراض خطيرة، والتي آخرها الإيدز الذي أفنى ملايين الناس في العالم، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها، إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا).
- أما رضى الأب بممارسة ابنته للجنس عن طريق الزواج الشرعي، والأخ بزواج أخته وحملها، والسماح لزوجها أن يلمسها ويرى جسمها: فتلك سنة الله في خلقه، ولأن ذلك كان برضاهم وبالطريقة الشرعية، ولأنها صارت حلاله، ولا غيرة في هذا الجانب، بخلاف ما لو كانت العلاقة غير شرعية، فإنهم لن يرضوا بذلك أبدا، وأما ما يحدث في بلاد الغرب الكافر فإنه لا غيرة عندهم، بل هم من يشجع على تلك العلاقات المحرمة، ويرون أن الفتاة التي لا علاقة لها فتاة معقدة.
- فعليك بكثرة الاستغفار والاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم.
أسأل الله تعالى أن يذهب عنك وساوس الشيطان وخواطره، وأن يهديك إلى الصواب، ويلهمك رشدك، إنه سميع مجيب.