السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم لله خيرا على جهودكم الرائعة، وجعله لله في ميزان حسناتكم.
بدأت مشكلتي منذ أربعة أشهر، عندما شعرت بالدوخة بشكل مفاجئ في عدة مرات متفرقة، فزعت من تكرارها، وأصبحت أفكر في أسبابها، وفي تلك الفترة اكتشفت بأنني أعاني من وجود كيس على المبيض، ورجحت أن يكون هو السبب، فأصبت بالرعب والوسواس من أن يكون كيسا خبيثا -لا قدر لله-، وبدأت أبحث في الإنترنت عن أعراض ورم المبيض، وفي النهاية وبعد المتابعة عند الطبيب النسائي اكتشفت بأنه كيس وظيفي وتلاشى.
أصبحت أعاني من التعب المزمن والدوخة وضيق النفس، كانت تأتيني الأعراض على شكل نوبات حادة، وأسعفت إلى المستشفى مرتين، زادت شكوكي في أسباب هذه الأعراض، فأصبحت أقضي وقتي في البحث عن أعراض الأمراض، خصوصا السرطان، ذهبت إلى طبيب عام وقال بأنني سليمة، وذهبت إلى طبيب باطنية واكتشف التهابا بسيطا في المعدة بعد عمل المنظار، وأكد الطبيب بأن كل شيء سليم، أجريت تحليل دم شامل، و تحليل سكر، وتحليل لأنزيمات الكبد، وتحليل لجرثومة المعدة، وكانت الفحوصات سليمة، باستثناء تحليل جرثومة المعدة كان إيجابيا بنسبة بسيطة.
رغم كل هذه الإجراءات لم أجد سبابا لتلك الأعراض، فتحولت شكوكي بأنني أعاني من مشكلة في الدماغ، فذهبت إلى طبيب وجراح للأعصاب، وبعد الفحص السريري، وتخطيط كهرباء الدماغ، أكد لي أن كل شيء سليم، وأنني أعاني من القلق والتوتر، ونسبة من الاكتئاب، ووصف لي أدوية كثيرة لم أقم بشراء أي منها؛ بسبب خوفي من الأعراض الجانبية لها، ولم أقتنع أن الأمر نفسي المصدر، لأنني أعاني من أعراض كثيرة، وفي كل مرة تتطور أعراضي.
حاليا أعاني من الدوخة بشكل مستمر طوال النهار، وصداع مثل الشد، وضغط على الرأس، وشعور بالثقل، وتغير المزاج، والخوف المفاجئ في الصدر، وأرق مستمر، وانتفاضة، وهزة في الجسم أثناء الشروع للنوم، أي في مرحلة الانتقال من اليقظة إلى النوم، أحيانا أشعر بالانفصال عن الواقع، وضعف التركيز.
أرجو أن ترشدوني لتشخيص حالتي، وهل هي حالة نفسية المنشأ أم أنها عضوية؟ أنا أفكر في عمل الأشعة المقطعية خوفا من أن يكون السبب ورما في الدماغ -لا قدر لله- أنتظر النصح فحياتي أصبحت دون طعم بسبب تلك الأعراض.
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رجاء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
اطلعت على رسالتك بكل دقة، وأقول لك إن حالتك نفسية مائة بالمائة، وليس هنالك أي دليل -لا من قريب ولا من بعيد- يشير أن حالتك حالة عضوية مرضية.
الخوف والرعب الذي أصابك من موضوع الكيس الذي اكتشف حول المبيض كانت الشرارة التي انطلقت منها كل هذه الوساوس وكل هذه المخاوف، والتأويلات المتشائمة والقبيحة، وهذا أمر معروف، أن الناس الذين لديهم ميول أو استعداد للقلق والوسوسة يكونون عرضة لهذه العلل وبشدة إذا تعرضوا لأي حدث حياتي مثل القراءة عن مرض ما أو سماع أن شخص ما قد توفي بمرض ما ... وهكذا، وفي حالتك كان السبب واضحا جدا، وأنت أصلا لديك شيء من الاستعداد لقلق المخاوف.
فيا أيتها الفاضلة الكريمة: لا تتجولي بين الأطباء، لا تنتقلي وتترددي بين الأطباء، أنت لست في حاجة أبدا لصورة مقطعية، وأنا لن ألزم نفسي بهذا الرأي إذا لم أكن متأكدا تأكيدا قاطعا، حالتك نفسية، نسميها: (قلق المخاوف الوسواسي) أدت إلى أعراض نفسوجسدية (سيكوسوماتية Psychosomatic)، كل أعراضك الجسدية تفسيراتها نفسية، القلق مهيمن، أدى إلى توترات كثيرة في النفس وفي الجسد، وهذا زاد من الأعراض النفسية وكذلك من الأعراض الجسدية.
فأنا أقول لك: توكلي على الله، وثقي تماما أنك بصحة جيدة، وأن الذي بك ليس مرضا عضويا، كل ما تعانينه من صداع وضغط وشد في الرأس وخلافه، وإحساس بالثقل، ناتج من انقباضات عضلية، لأن انقباض النفس من خلال القلق يؤدي إلى انقباضات عضلية، وهذا أمر معروف ومثبت لدينا علميا.
الظاهرة التي تأتيك عند الشروع في النوم أعرف أنها ظاهرة مزعجة، وهو نوع من الهلاوس الكاذبة، وهذا أيضا دليل على وجود القلق.
أيتها الفاضلة الكريمة: أنت محتاجة لتناول أحد مضادات قلق المخاوف، ولست في حاجة لأدوية كثيرة أبدا، فأرجو أن تقتنعي بأهمية تناول الدواء، وعقار مثل (ديروكسات Deroxat CR)، سيكون جيدا ومفيدا جدا بالنسبة لك.
اذهبي إلى الطبيب، إن كان ذلك ممكنا، وأقصد بذلك الطبيب النفسي، وإن لم يكن ممكنا إذا كان عمرك أكثر من عشرين عاما يمكن أن تتناولي الدواء بعد الحصول عليه من الصيدلية. جرعة الديروكسات CR هي: تبدئي بـ 12.5 مليجراما، تتناولينها يوميا بعد الأكل لمدة شهر، ثم تجعلينها خمسة وعشرين مليجراما يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم 12.5 مليجراما يوميا لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم 12.5 مليجراما يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم 12.5 مليجراما مرة واحدة كل ثلاثة أيام لمدة شهر آخر، ثم توقفي عن تناول الدواء، الدواء سليم وفاعل، فقط قد يؤدي إلى زيادة بسيطة في الوزن لدى بعض الناس، لأنه يفتح الشهية نحو الطعام، إن حدث لك شيء من هذا فأرجو التحوط.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد، ونشكرك على التواصل مع إسلام ويب.