السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا سيدة لدي بنت عمرها 8 سنوات، منذ شهر لاحظت وجود شعيرات ناعمة ومتفرقة في منطقتها الحساسة، وشعيرات أخرى صغيرة أيضا ليست ناعمة نسبيا، تتميز ابنتي بغزارة شعر جسمها منذ الولادة، حتى أصبح لون الشعر داكنا نوعا ما أكثر من السابق، ولديها زيادة في الوزن، ورائحة العرق واضحة لديها وهي في عمر الخمس سنوات أو أقل تقريبا.
ذهبت بها إلى طبيبة أمراض نسائية، وقامت بإجراء الفحوصات اللازمة لها، وإجراء السونار الرباعي الأبعاد، وكشفت على منطقة الصدر والإبط، ومنطقة وجود الشعيرات الصغيرة، وقالت: لا يوجد شيء يؤدي للقلق، ولكنني أخشى على حالة ابنتي النفسية أن تتأثر من هذا الأمر، وأسأل الله المعافاة لها ولجميع المسلمين، وأرجو منكم الإجابة على أسئلتي للاطمئنان:
1- هل تلك الأعراض مقدمات للبلوغ الحقيقي، وهل يمكن أن تبلغ قبل زميلاتها اللاتي في عمرها؟
2- هل يكفي الفحص بالسونار الرباعي في مثل حالة ابنتي؟
3- هل تفيد الحمية في حالتها؟
4- هل يمكن أن يزيد نمو الشعر في جسمها أكثر؟
5- هل أستمر بعمل الفحوصات المتكررة لها؟
أنا قلقة جدا على ابنتي، وأرجو الإفادة عن حالتها.
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ماجدة حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
أتفهم خوفك وقلقك على صغيرتك -ياعزيزتي-، ولك العذر في ذلك، لكنني أحب أن أطمئنك وأجيب على أسئلتك بشكل متسلسل فأقول لك:
1- إن ما تلاحظينه من ظهور بعض الشعيرات القليلة في منطقة الفرج، هو أمر كثير الحدوث قبل البلوغ، وقد يحدث حتى في عمر مبكر جدا، ورغم أن ظهور بعض الشعيرات في تلك المنطقة، هو أمر يثير قلق الأهل وبعض الأطباء أحيانا، إلا أنه لا يعتبر علامة على حدوث البلوغ المبكر، بل هو علامة على بدء نشاط الغدة التي تتوضع فوق الكلية، واسمها (غدة الكظر)، وفي الغالبية العظمى من الحالات يكون الأمر سليما تماما، ولا يدل على مشكلة، لكن يجب مراقبته، والتأكد من أن نشاط الغدة ليس زائدا عن الحد الطبيعي.
2- إن ما ظهر عند ابنتك لا يدل على أنها ستبلغ قبل غيرها من الفتيات، لكنه -كما سبق وذكرت- يتطلب المراقبة كنوع من الاحتياط فقط، وأحب أن أوضح لك بأن علامات البلوغ المبكر هي علامات البلوغ العادي ذاتها، لكنها تحدث قبل عمر 8 سنوات، وأول علامات البلوغ هي: نمو برعم الثدي (وليس نمو شعر العانة)، حيث تظهر كتلة صغيرة تحت الحلمة والهالة، وغالبا ما تشعر الفتاة بمضض، أو ألم خفيف عند الضغط أو لمس الثدي، هذه هي أول علامة على البلوغ، ثم يليها أو يرافقها تسارع في نمو الجسم، ويستمر نمو الثدي وزيادة الطول بشكل تدريجي، ويسيرا جنبا إلى جنب، إلى أن تكتمل مراحل البلوغ بنزول الدورةالشهرية، وخلال كل المراحل السابقة تكون الغدة الكظرية قد بدأت نشاطها، مما يؤدي لظهور شعر العانة، وتطور الغدد العرقية والدهنية على مراحل، أما شعر الإبط فإنه يظهر بعد شهر العانة بحوالي سنتين.
إذا: إن ما ظهر عند صغيرتك لا يعتبر علامة على البلوغ المبكر، لكن أكرر يجب الانتباه إليه، فإن ازداد ظهور الشعر بسرعة، وبكمية كبيرة قبل ظهور برعم الثدي، مع عدم حدوث زيادة في طول الجسم، فهنا يجب عمل صورة للغدة فوق الكلية أو (الغدة الكظرية) للاطمئنان أكثر.
وأحب أن أوضح لك أيضا بأن البلوغ عند الفتيات يبدأ بين عمر (8-13) سنة، أي حتى لو أفترضنا جدلا بأن علامات البلوغ قد بدأت بالظهور عند ابنتك، (وأكرر بأن أول هذه العلامات سيكون نمو برعم الثدي، وزيادة الطول)، فإن ابنتك ستكون ضمن السن المقبول طبيا، وهذه ستكون بداية العلامات فقط، لكن اكتمال مراحل البلوغ كلها سيحتاج إلى بضع سنوات، وسيحدث خلالها نمو الثدي وزيادة الطول.
3- إن التصوير التلفزيوني للرحم والمبيضين، حتى لو كان رباعي الأبعاد فإنه ليس الخطورة الأولى، ولا يكفي للتشخيص في حالة البلوغ المبكر الحقيقي، وإذا كنت تريدين الاطمئنان، فيمكن كخطوة أولى عمل صورة أشعة عادية لرسغ اليد، وذلك لتقدير العمر العظمي عند ابنتك، ثم تحاليل هرمونية للغدد، مع عمل صورة للغدة الكظرية للتأكد من سلامتها، لأنها هي المسؤولة عن ظهور شعر العانة والإبط، وعن نشاط الغدد العرقية والدهنية.
4- إن السمنة قد تسبب البلوغ المبكر عند الفتيات، لكنها لا تسبب نشاط الغدة الكظرية، وبما أن التقييم المبدئي لحالة ابنتك هو بدء نشاط الغدة الكظرية، ولمعرفة هل نشاطها ضمن الطبيعي أم لا؟ فيجب مراقبة نمو الشعر في المنطقة، وبالتالي إجابتي على السؤال التالي.
5- إن الاحتمال الغالب بأن الشعر في تلك المنطقة سيزداد، لكن بشكل تدريجي، فإن كان تصوير الغدة الكظرية طبيعي، فالأمر هنا سيكون مطمئنا ولا داع للقلق، أي لن يكون ناتجا عن بلوغ مبكر، ولن يؤدي إلى البلوغ المبكر، لكن بالطبع أن الانتباه للوزن هو أمر جيد، فحاولي تقديم وجبات صحية لابنتك، تكثر فيها الخضروات والفاكهة والبروتينات، والتقليل من الأطعمة غير المفيدة، فهذا بحد ذاته سيمنع حدوث السمنة.
6- نعم -يا عزيزتي-، عليك بفحص ابنتك بشكل دوري مرة كل أسبوع إلى أسبوعين، ومن أجل القيام بذلك بدون أن تتأثر مشاعر ابنتك، فيمكنك شرح الأمر إليها بلطف وبطريقة مبسطة جدا، وأنصحك مثلا بأن تقولي لها: إن جسمك -يا حبيبتي- قد بدأ يكبر بشكل أسرع، وسيتغير مثلك مثل أي فتاة، وهذا طبيعي ومتوقع، والمنطقة التناسلية هي من ضمن المناطق التي ستتغير في جسمك، لكنها منطقة خاصة في جسمك، يجب ألا يطلع عليها أحد إلا في بعض الحالات، كالمرض مثلا، ويجب أن يتم ذلك من قبل أشخاص محددين فقط، مثل الطبيبة أو أنا (والدتك)، ولقد لاحظت بأن هنالك بعض التغير في تلك المنطقة، وحتى أتأكد من ذلك، فإنني سأقوم بفحصك كل فترة، لكن يجب ألا يرانا أحد، وهنا عليك باختيار توقيتا يناسب طفلتك، فمثلا لا تطلبي منها ذلك وهي تلهو أو تلعب، واختاري مكانا مريحا للفحص تتوافر فيه الخصوصية التامة، بحيث تكونين أنت وهي فقط، ولا شخص آخر معكما إطلاقا، وبعد الانتهاء من فحصها قومي بضمها وتقبيلها، ثم أكدي لها بأنك فخورة بها، وأن كل شيء عندها يسير -بإذن الله- على ما يرام.
بهذه الطريقة -يا عزيزتي- ليس فقط ستتمكني من الكشف ومتابعة الحالة عند ابنتك، بل ستقومين بتوطيد أواصر الثقة بينك وبينها على المدى البعيد، فستصبحين أنت مرجعها الأول، وستقوم بإخبارك عن كل شيء قد تلاحظه أو تريد الاستفهام عنه، وفي الوقت ذاته ستتعلم بأن تتعامل مع جسدها والمنطقة التناسلية باحترام وبخصوصية.
نسأل الله -عز وجل- أن يديم عليك وعليها ثوب الصحة والعافية دائما.