السؤال
السلام عليكم ورحمة الله.
أمي عمرها 52 سنة، أصابتها تشنجات حرارية ثلاث مرات، ثم بدأت تفقد حواسها واحدة تلو الأخرى، وصارت تنسى، وتتلعثم في الكلام، وتتخيل، وتم عرضها على الأطباء، عملوا لها أشعة مقطعية، وكانت النتيجة عدم وجود شيء، وتم رسم مخ لها، فظهر وجود كهرباء زائدة في الفص الأمامي، ولم يكشف ذلك إلا بعد خمسة أيام، بعدما بدأت تتبول وتتبرز بدون إحساس، وفقدت النطق والحركة، وتيبست رقبتها، وكل هذه الفترة كان التشخيص أنها حالة نفسية.
ذهبنا بها إلى الحميات فأخذوا عينة، وقالوا: إنه التهاب سحائي، ودخلت الغيبوبة 4 أيام، واستمر العلاج 21 يوما، أفاقت وهي فاقدة القدرة على النطق والحركة، ولا تعرف المكان والزمان، وفاقدة الذاكرة، فتابعنا مع طبيب مخ وأعصاب، فأخبرنا أن المخ خامل نتيجة الالتهاب، ووصف لها فلموجين قرصين صباحا، وأوكساليبتال 300 mg صباحا ومساء، وفلوكستين قرصين صباحا ومنتصف النهار، ونصف قرص مساء.
بعد شهرين تحسنت الحركة، وبدأت تعرف أبنائها فقط، وبعد شهر وصف الناس حالتها أنها حمى أدت إلى التهاب أولي في المخ وليس سحائي، استمررنا في العلاج، فصارت أمي تتحرك في الغرفة دون أن تدرك ما يحدث حولها، وتتكلم كلاما غير منطقي، وتبحث عن أشياء مجهولة، ولا تقبل أي إجابة، وتعصب وتثور، خاصة عند الدخول إلى الحمام، وترفض التنظيف، وتصر على أسنانها ليلا، ونومها متقطع، وتفتح النوافذ والدواليب ظنا منها أنها أبواب تخرج منها، وتشرب وتأكل أي شيء أمامها بدون إدراك، مثل الخشب والعطور، لذلك صرت أخاف عليها، ولا أستطيع السيطرة عليها.
ذهبت إلى الطبيب وشرحت له الحالة، فكتب لها علاجا جديدا، وهو كويتيازيك قرصين صباحا ومساء، كوزابكس قرصا مساء، فينتين كبسولة يوميا، تجريتول 3 مرات بعد الأكل.
منذ أول يوم للعلاج أصيبت بخمول ونوم عميق، وعلمت أنه دواء يعالج الفصام، فما علاقة الفصام بحالة أمي؟ وهي مصابة بالتهاب في المخ، مع العلم أننا عملنا لها أشعة الصبغة، ورنينا، ولم يظهر إلا التهابا في النخاع الشوكي والمخ، وهل نحن نسير في الطريق الصحيح، والعلاج مناسب لها أم لا؟
وجزاكم الله خيرا، وجعله في ميزان حسناتكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هناء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أسأل الله تعالى لوالدتك العافية والشفاء والصحة.
من الواضح أن والدتك – حفظها الله – قد تعرضت لإصابة دماغية شديدة، هذه الإصابة قد تكون ناتجة من التهاب فيروسات، وهذا النوع من الالتهاب معروف – أي الالتهابات الفيروسية – قد تحدث فجأة، وحتى إن لم يكن التهابا سحائيا قطعا الالتهاب أثر على وظائفها الدماغية، وهي الآن ابتدأت - الحمد لله تعالى – تستعيد بعض مقدراتها تدريجيا، وهذا أمر يحمل بشارة كبيرة من وجهة نظري.
الذي تحتاجه الوالدة الآن ليس العلاج الدوائي فقط، إنما التأهيل وإعادة التدريب وإعادة التعليم، وهذا يتم من خلال مراكز متخصصة، أقسام الأعصاب الكبيرة في المستشفيات توجد بها مراكز تأهيلية لتدريب الإنسان على الكلام، وهنالك ما يعرف أيضا بالعلاج الوظائفي الذي يساعدها على إعادة واسترجاع ما كان لديها من مهارات، وحتى إن لم يحدث تحسنا كاملا فهذه تعتبر خطوة علاجية.
فأرجو أن تركزوا على هذا الموضوع، فإذا وجد أي مركز للعلاج التأهيلي فسيكون مفيدا لها جدا.
بالنسبة للأدوية التي أعطاها الطبيب لها: هي بالفعل أدوية تستعمل لعلاج الصرع وتثبيت المزاج وكذلك أمراض الفصام. الـ (كلوزابكس Clozapex) على وجه الخصوص يستعمل لأمراض الفصام، والـ (كويتيازيك Quetiazic) أيضا يستعمل لأمراض الفصام، وكذلك للاضطراب الوجداني ثنائي القطبية، أما الـ (تجراتول Tegretol) فيستعمل كمثبت للمزاج أو لعلاج الصرع.
استعمال مثل هذه الأدوية مطلوب في حالة والدتك، وليس من الضروري أن يكون لديها فصام، وليس لديها فصام، لكن الشيء المثبت والمعروف أن الأدوية لها أكثر من استعمال، الأدوية المضادة للذهانيات عموما وللاضطراب الوجداني ثنائي القطبية وللفصام حين تعطى بجرعات صغيرة تنظم إيقاعات الدماغ، خاصة إذا كان المريض لديه ما نسميه باضطراب المسلك، يعني أنه أصبح يتصرف تصرفات ليست من طبيعته، تصرفات مزعجة، وأعتقد أن والدتك – مع فائق الاحترام والتقدير لها – لديها شيء من هذا، فالأدوية التي أعطاها الطبيب هي محاولة منه لتعديل سلوكها ومسلكها، وإرجاعها إلى وضعها الطبيعي، وأن تكون أكثر هدوء، وأن تسترجع واقعها الطبيعي السابق.
أتفق معك أن هذه الأدوية قوية بعض الشيء، وقد تؤدي إلى التكاسل وإلى الخمول وإلى النعاس، لكن هذا الموضوع يمكن علاجه من خلال تخفيض الجرعات، فراجعوا الطبيب، وأوضحي له ما شاهدتيه من ملاحظات حول والدتك بعد أن بدأت في العلاج، وأنا متأكد أن الطبيب سوف يقوم بترتيب الدواء بصورة أفضل، لكن في نهاية الأمر هذه الأدوية -إن شاء الله تعالى- تفيدها كثيرا بجانب العلاج التأهيلي.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.