أعاني من اضطرابات شخصية وتقلبات مزاجية، ما العلاج؟

0 259

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بداية: أود أن أشكركم على موقعكم هذا؛ لما يقدمه من مساعدة كبيرة للناس، وبارك الله فيكم، وسدد الله خطاكم.

أما بعد: أنا شاب عمري (20) سنة، أدرس السنة الثانية في كلية الهندسة، لا أدري المشكل ما هو بالضبط عقلي أم نفسي؛ إذ أنني أعاني من عدة مشاكل، أبرزها الاضطرابات الشخصية، والتقلبات المزاجية، فأنا كل يوم تكون لدي حالة أكون إنسانا مكتئبا، سعيدا، اجتماعيا، انطوائيا منعزلا، متفائلا، متشائما، متكلما، صامتا، ذا ثقة بالنفس، غير واثق، هادئا، عصبيا ... الخ، وقد تتغير حالتي عدة مرات في اليوم، لا أملك شخصية محددة واضحة المعالم، فغالبا ما يكون حالي مثل حال الشخص الذي أكون أتكلم معه أو الجماعة التي أكون معها، أي آخذ شخصيتهم، يسيطر علي القلق والارتباك عموما.

أشعر بأن رأسي فارغ، ولا يوجد لدي أفكار، ولا أعرف التحدث مع الناس، وكثيرا ما أرتبك حين أتحدث مع شخص ما، ويظهر على وجهي ذلك بشدة، وأحيانا أتحدث بدون رهبة، ويمكن أن أقول أي شيء حتى ولو كان الشخص الآخر غريبا ولا أعرفه، وما أعانيه من كلتا الحالتين أنه عندما أحدث شخصا ما أقول في نفسي: ماذا أقول له؟ وإذا قال شيئا؛ أقول: كيف خطر ذلك في باله؟ وتتشتت أفكاري، وبالتالي يصبح أكبر همي هو أني أريد أن أنهي الحديث بسرعة، بالرغم من أن هذا ليس هو الصحيح، وما أريده أنا.

دائما ما أحس بتأنيب الضمير، وبالنقص والدونية، ولم أكن هكذا في صغري، بل على النقيض تماما، ودائما ما أقول في نفسي: كيف يجب أن أتصرف؟ وكيف تكون ردة فعلي؟، صرت كثير الجلوس وحيدا خصوصا المشي في الليل، وفقدت طعم الحياة، وأصبح الموت لدي بالأمر العادي، بل إنني في بعض الأحيان أريد أن تنتهي حياتي، كل هذا لم يكن معي حين كنت صغيرا؛ حيث كانت لدي تلك الجاذبية للأصدقاء، أما الآن فلا، وصرت أكره الحديث مع الناس، مع أنني في قرارات نفسي أريد التكلم معهم، لكن لا أدري سببا يجعلني كذلك، وفي بعض الأحيان أكره نفسي.

صراحة: تعبت من هذه الحالة، خصوصا أنها أثرت بشكل كبير -ودعني أقول كليا- على شخصيتي التي تدهورت وانقرضت، فصرت إنسانا بلا شخصية، وصرت لا أهتم بمظهري عموما، فنومي مضطرب بسبب الأفكار التي تدور في رأسي وتضاربها، خصوصا أحداث اليوم التي مررت بها، بحيث أبدأ بتحليلها وإعادتها في مخيلتي، حتى ولو أن الحدث لا علاقة له بي، إلا أنني أعيده وأفكر به، أفكاري مشتتة دائما، فلا أعرف ما الذي أريده تماما، والأمر الذي أعاني منه وبشدة هو غياب التركيز والإدراك باللحظة التي أعيشها، فغالبا ما تراودني أحلام اليقظة، ويذهب إحساسي معها.

كثيرا ما أتذكر أحداث الماضي، وأستحضر المستقبل في مخيلتي، وأتوقعه أن يكون كذا وكذا، ولا أترك مجالا للصدفة أن تكون، وأرى ذلك بدون فائدة، بالرغم من قلقي منه، وعملت كثيرا من السلوكيات للاسترخاء، حتى إنني كنت أمارس الرياضة، وتوقفت عنها؛ لأنني أرى ذلك بدون فائدة، لكنني أحيانا أريد لعب الكرة، وأقول: هذا هو التصرف الصحيح.

إخواني: لم أعد أستطع المواصلة؛ فأنا مرهق تماما، وأتمنى منكم المساعدة.

وبارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حناشي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فما زلت صغير السن، وعمرك عشرون سنة، ونطمئنك بأن ما تشكو منه ليس مرضا عقليا، المرض العقلي عادة يكون في شكل هلاوس سمعية أو بصرية، واعتقادات وضلالات خاطئة، ولكن ما تعاني منه مشاكل نفسية، اضطراب داخلك، مشاكل نفسية وصراعات داخلك، وغالبا هذا جزء من سمات شخصيتك، وأنت ما زلت في مرحلة المراهقة، وبعض الأشياء التي ذكرتها تندرج في الأفكار الوسواسية والقلق النفسي، وهناك عدم ثقة بالنفس وإحساس بالدونية.

كل هذه الأمور مشاكل في الشخصية، وإن شاء الله تعالى يمكن مساعدتك والتخلص منها، ليس بالاسترخاء فقط، ولكن من خلال معالج نفسي، إذا استطعت أن تتعاون مع معالج نفسي فسوف يرشدك ويعطيك مهارات حياتية؛ للتعامل بها مع الآخرين؛ لإبراز شخصيتك الحقيقية، وتثبيت ذاتك، دون أن تحاول أن تتجاوب بصورة سلبية.

الشيء الآخر: هناك أدوية يمكن أن تساعدك في هذا الأمر، ومن وجهة نظري أن دواء (بروزاك Prozac) والذي يسمى علميا باسم (فلوكستين Fluoxetine) هو أنسب دواء بالنسبة لك، البروزاك عشرون مليجراما، وهو قد يأتي في شكل كبسولات، أو في شكل حبوب، تأخذ حبة أو كبسولة يوميا بعد الإفطار، وسيبدأ مفعوله بعد أسبوعين، ولكن يجب عليك أن تنتظر شهرا ونصفا إلى شهرين حتى تشعر بتحسن حقيقي في معظم الأعراض التي تشتكي منها، وبعد ذلك يجب أن تستمر في تناوله لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر، ويمكن أن تمتد هذه المدة إلى ستة أشهر، وبعد ذلك يمكن التوقف من تناوله دون تدرج؛ لأنه لا يسبب أعراضا انسحابية.

فلو جمعت بين العلاج الدوائي مع جلسات نفسية من خلال معالج نفسي لتدريبك على بعض المهارات الحياتية، فإن شاء الله يتحسن وضعك، وتستمر في دراستك، وتتحسن حياتك الاجتماعية.

وفقك الله، وسدد خطاك.

مواد ذات صلة

الاستشارات