لدي بعض المواهب والهوايات، لكن الخجل يمنعني من تطويرها

0 183

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شاب في العشرينات، انطوائي جدا، أخاف من نظرات الناس، ولا أجيد التعامل معهم. أملك بعض الهوايات لكنني لم أفلح فيها بشكل أتمناه، حتى إنني لا أستطيع الذهاب إلى دورات التقوية من أجل تطوير هواياتي بسبب الانطواء الذي أنا فيه.

أتصفح المواقع الاجتماعية وأرى أصدقائي الذين أبدعوا في شتى المجالات، عندها أشعر بالإحباط، وأتمنى الموت، وبسرعة أذهب إلى النوم والدموع في عيني.

لا أتكلم مع أصدقائي أبدا، فقدت الثقة بالجميع، أشعر وكأن الذين من حولي أصحاب مصالح، ومستهزئين بالأحلام والأمنيات، ويتمنون لي الشر أيضا، أتمنى تحقيق الأمنيات ولكن أشعر بالخوف من كل شيء، لجأت إليكم بعد الله ساعدوني فقد ضاقت بي الدنيا.

وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على التواصل معنا، والكتابة إلينا.
وإني ألمح من خلال سؤالك أنك شاب موهوب ومبدع، وتتطلع للمعالي، إلا أن ما يعيقك هو ما ورد في سؤالك، والذي يتراوح ربما بين الارتباك والرهاب الاجتماعي، وبين ضعف المهارات الاجتماعية، وإن كان يبدو أنه الأول، وكما توقعت أنت.

والرهاب الاجتماعي، هو نوع من الارتباك والحرج في بعض المواقف الاجتماعية كالحديث مع الناس أو مواجهتهم، وبالتالي نجد الشاب تجنب اجتماعات الناس ولقاءاتهم.

والرهاب الاجتماعي حالة قد تبدأ فجأة، وأحيانا من دون مقدمات أو مؤشرات، حيث يشعر الشخص بالحرج والارتباك في بعض الأوساط الاجتماعية، وخاصة أمام الجمع من الناس وفي بعض المناسبات، وقد يشعر أيضا باحمرار الوجه وتسرع ضربات القلب وتلعثم الكلام، بينما نجد هذا الشخص نفسه يتكلم بشكل طبيعي ومريح عندما يكون في صحبة شخصين أو ثلاثة فقط أو مع أفراد أسرته.

وقد يترافق هذا الخوف أو الارتباك ببعض الأعراض العضوية والتي قد نسميها نوبة الذعر أو الهلع. وقد يوجد الرهاب الاجتماعي مع أو من دون نوبات الهلع.

واطمئن ففي معظم الحالات، ينمو الشخص ويتجاوز هذه الحالة، وخاصة عندما يتفهم طبيعة هذه الحالة، وبحيث لا يعود في حيرة من أمره، وهو لا يدري ما يجري معه. فهذا الفهم والإدراك لما يجري، وأنه حالة من الرهاب الاجتماعي، ربما هي الخطوة الأولى في العلاج والشفاء.

لا شك سيفيدك التفكير الإيجابي بالصفات والإمكانات الحسنة الموجودة عندك، كذلك أن تحاول ألا تتجنب أماكن التجمعات التي تشعر فيها بهذا الارتباك، لأن هذا التجنب قد يزيد الأعراض ولا ينقصها، والنصيحة الأفضل أن تقتحم مثل هذه التجمعات المجتمعية، ورويدا رويدا ستلاحظ أنك بدأت بالتأقلم والتكيف مع هذه الظروف الاجتماعية.

وإذا استمرت الحالة أكثر ولم تستطع السيطرة عليها؛ فيمكنك مراجعة الطبيب النفسي الذي يمكن بالإضافة للعلاج المعرفي السلوكي، والذي يقوم على ما سبق ذكره، يمكن أن يصف لك أحد الأدوية التي يمكن أن تخفف وتعين، وإن كان العلاج الأساسي يقوم على العلاج السلوكي المعرفي، والغالب أنك لن تحتج للدواء.

إننا كثيرا ما نسجن أنفسنا في أفكار ومعتقدات عن أنفسنا بأننا مثلا نتحلى بصفات معينة، أو أننا كسالى، أو ضعاف الثقة في أنفسنا. وتأتي عادة هذه الأفكار من مواقف الناس منا، ومن كلامهم عنا، وخاصة في طفولتنا، فقد يقولون عنا مثلا أن عندنا خجلا أو ترددا أو ضعفا أو ضعف الثقة في أنفسنا، فإذا بنا نحمل هذه الأفكار والمعتقدات على أنها مسلمات غير قابلة للتغيير أو التعديل. وقد تمر سنوات قبل أن نكتشف بأننا ظلمنا أنفسنا بتقبل وحمل هذه الأفكار كل هذه السنين، والمؤسف أن الإنسان قد يعيش كل حياته، ولا يحرر نفسه من هذه الأفكار!

فهيا أيها الشاب الطموح، ارفع من ثقتك في نفسك، ودع مواهبك تخرج للخارج، ولعل الله ينفع بك عباده بما وهبك من قدرات وإمكانات.

وفقك الله وحفظك من كل سوء.

مواد ذات صلة

الاستشارات