السؤال
السلام عليكم.
قريبتي عمرها ٢٧ سنة، تعاني من قلق وخوف شديد، والخوف من الخروج من المنزل، ومقابلة الناس، وتصاب برجفة، وهذا الأمر لم يحدث بشكل مفاجىء، بل بسبب تراكمات وضغوطات من تسلط أختها الكبرى عليها، حيث ألغت شخصيتها، وتحكمت بعلاقتها مع الناس، من ترضى عنهم تتواصل معهم، ومن تكرههم تقطع علاقتها بهم، تعاملها معها قاس وعنيف، وغالبه كلام حطمها وهز ثقتها بنفسها.
تحرم من أبسط حقوقها، بسبب أختها، فتمنع من التواصل مع القريبات والصديقات، وتمنع من الخروج من المنزل، إلا في حالة خرجت هي معهن -أي الأخت الكبرى-!
وصل بها الحال إلى ما ذكرته لكم من خوف وقلق، وأصبحت تتمنى الموت، لتتخلص من هذه الحياة، وتقول: لم أعد قادرة على التحمل، نفذت طاقتي ولا أستطيع التحمل والصبر، أصاب برجفة وخوف غير طبيعي، أخاف من ظلي، أخاف من الخروج ومواجهة الناس، أخاف من كل شيء، أتمنى أن أموت.
نصحتها ووعدتها بأنني سأتواصل مع دكتورة، -بإذن الله- يكون لديها حل وعلاج لحالتها، فقالت: يا ليت، أنا مستعدة لتنفيذ كل ما تقوله الدكتورة بالحرف، أهم شيء أتغير وأعيش مثل الناس.
أتمنى أن أجد لديكم حلا وعلاجا لها، كيف تعالج خوفها وقلقها؟ كيف تستقل بشخصيتها؟ كيف تنهي تجبر أختها عليها؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حياة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أشكرك على اهتمامك بأمر الآخرين، فهذا هو سؤالك أو استشارتك الثانية بالشبكة الإسلامية، وكلها تتعلق بصعوبات تواجهها قريباتك، فلك الشكر والتقدير، وجزاك الله خيرا.
بعض الناس بالفعل قد يتسلطون على الآخرين بشكل مقصود أو غير مقصود، والذي يعيب مجتمعاتنا أننا إذا فرضت هذه العلاقات على إنسان ما لا يحسن التحاور ولا يحسن التخاطب مع الطرف الآخر، ومن ثم نبدأ في التقاط السلبيات فقط في هذه العلاقة، وننسى الإيجابيات، وقطعا توجد إيجابيات مثلما توجد سلبيات.
هذه الأخت الكريمة ليس من الضروري أن تستقل استقلالا تاما بشخصيتها، فأختها الكبرى ربما يكون لديها بعض الإيجابيات التي يجب أن نحاول رصدها للاستفادة منها. أنا شخصيا أنصح بذلك.
والأمر الآخر الذي أنصح به هو: أن يحدث نوع من التواصل مع الأخت الكبرى، عن طريق أحد الأقرباء أو الأصدقاء بالنسبة للطرفين أو أي شخص له علاقة وطيدة بالأخت الكبرى، ويلفت نظرها بصورة لطيفة، بأنها هي تريد الخير لأختها، لكن قطعا منهجية الإرشاد أو التوجيه التي تقوم بها أدت إلى تشوهات كبيرة في البناء النفسي لهذه الأخت، وجعلها تكون في حالة خوف ورعب وضعف مريع في شخصيتها.
أعتقد أن هذا منهجا مقبولا، الأخت الكبرى قد لا تقبل الذي يقال لها، لكن سوف تفكر فيه، وسوف تتأمله، لأنه نوع من لفت النظر المؤثر جدا، لا أقول أنها سوف تأخذها العزة بالإثم، ولن تعترف أمام الطرف الذي سوف يوجه النصح، لكن أقول أنه بطبيعة الإنسان ألا يعترف بأخطائه، خاصة المتعلقة بالمناهج التربوية.
والأمر الآخر: أريد من هذه الأخت المنكسرة والخائفة أن تتحدث مع أختها، تحدثها عن أعراضها التي تعاني منها، دون أن تتطرق للأسباب، تقول لها: (أنا أشعر بكذا وكذا وكذا، وأريدك أيتها الفاضلة الكريمة أن تأخذيني إلى الطبيب النفسي ليساعدني) وأنا متأكد من خلال المقابلات والحوارات التي سوف يجريها الطبيب النفسي مع المريضة، سوف يستكشف الأسباب، ومن ثم يضع الخطة الإرشادية الصحيحة التي تفيد هذه الفتاة وأختها.
من خلال هذه المفاتيح الإرشادية أعتقد يمكن أن نصل إلى حلول تفيد هذه الفتاة، وأنت من جانبك كوني مؤازرة، وشدي من أزرها، وحاولي أن تذكريها أيضا بشيء من الإيجابيات التي تتسم بها أختها، فلا أعتقد أنها كلها سلبية.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.