السؤال
السلام عليكم
كل عام وأنتم بخير يا دكتور محمد عبدالعليم، وأتمنى أن تكون بأتم الصحة والعافية، ويعلم الله أنني قد اشتقت لكلامك الجميل الذي يحفزني كثيرا.
أما بعد؛ فباختصار شديد: لقد تغلبت على الوساوس الاجترارية، والأفكار الشريرة التي كانت تراودني بشكل كبير، ولقد اكتشفت أن الموضوع هو مجرد شعور بالخجل والخوف، أحاول أن أعوضه بالغضب، ولقد تغلبت عليه بالتجاهل التام، والتفكير الإيجابي.
الآن عدت للعلاج النفسي بعد قطع السيروكسات بشكل مفاجىء سابقا، وبدون تدرج،؛ لأنني أصبت بقرحة في المعدة، وتشجنج في العضلات، ودوخة مستمرة، ونسيان وسرحان، ووصل الأمر إلى أنني أخطىء في أمور بسيطة بسبب كثرة النسيان، وتشتت التركيز بسبب الوسواس القهري والقلق.
فأصبحت أخلط كثيرا في أسماء إخوتي، وأنسى أغراضي كثيرا، وأصبحت أعاني من حساسية بالجسم، واضطراب في القولون عموما.
أفيدكم بأني وقعت بالصدفة على ما يسمى باضطراب الشخصية الاجتنابي، وأجزم أنه هو جزء مما أعاني منه بسبب الحساسية النفسية، وأفيدكم أنني أصبحت أمارس الرياضة بانتظام، وأدخل إلى المسبح لمدة نصف ساعة حتى خمسة وأربعين دقيقة، وأمشي نصف ساعة على الآلات الرياضية، وأمارس رياضة الحديد، وأجلس مع الأهل يوميا، وأخرج مع صديقي بشكل شبه يومي للرياضة؛ ولكن مع كل ذلك فإن الفائدة محدودة في مواجهة القلق.
لذلك بدأت منذ ثلاثة أيام بعقار لوسترال بجرعة 50 غرام، وأقسم أنني شعرت بتحسن من أول يوم بالأعراض الجسدية والقلقية الاجتماعية، وكأن ماء باردا سكب على رأسي، وسأستمر على هذه الجرعة لمدة أسبوع، ثم أريد رفعها إلى 100 غرام لمدة شهر، وقد أرفعها إلى 200 غرام؛ لأن الوسواس شديد، أو أستمر على جرعة 100 غرام مع عقار آخر كالدوجماتيل مرتين يوميا؛ لأنه يعالج القولون والقلق سويا، ولكني لا أعلم كم الجرعة.
فما رأيك يا دكتور؟ هل سيساعد هذا المزيج من الأدوية؟ أم أكتفي برفع جرعة الزولفت وحدها في علاجي من الوساوس والقلق الذين أثرا على صحتي الجسدية؟
وشكرا لك.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبدالله الحربي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في إسلام ويب، ويسعدني تماما أن أبادلك نفس المشاعر الطيبة، ونحن أيضا اشتقنا لرسائلك الجميلة التي تثري استشارات الشبكة الإسلامية، فلك –أخي الكريم– التحية والتقدير باسم العاملين بالموقع.
أخي الكريم: أنا اطلعت على رسالتك بكل تمحص ودقة، والذي أعجبني فيها أنك بالفعل تعرف الداء وتعرف الدواء، وهذا أمر يفرحني كثيرا، هنالك واقعية في التعامل مع حالتك، وهذا أمر جيد، وهذا يعني أنك بفضل الله تعالى وصلت لمرحلة ممتازة من التكيف والتواؤم والنضوج النفسي، فيا أخي الكريم: هذا يجب أن يكون محفزا لك.
موضوع الشخصية الاجتنابية أو التجنبية: هذا –أخي الكريم– ليس مستبعدا، وكثير من الناس لديهم شيء من أعراض هذه الشخصية: الشخصية الوسواسية، الشخصية القلقية، الشخصية التجنبية، الشخصية الاكتئابية، الشخصية الحدية، كثيرا ما تكون هنالك بعض السمات، وليس من الضروري أن تكون كل السمات موجودة، وهذه التشخيصات –أخي الكريم– تعتبر من الناحية الإكلينيكية والسريرية مهمة، لكن من الناحية العلاجية أنا أراها ليست رئيسية، هذا لا يعني أن نتجاهلها، لكن يجب أيضا ألا نشغل أنفسنا بها.
أنت –أخي الكريم– تطبق تطبيقات سلوكية ممتازة جدا، نمط حياتك أصبح إيجابيا، تفكيرك أصبح أيضا إيجابيا، وهذا كله إن شاء الله تعالى يصب في مصلحتك.
أخي الكريم: أريد منك بالفعل أن تستمر على نفس النهج العلاجي الذي أنت تسير عليه الآن، ودائما حقر القلق والوساوس، ودرجة معقولة من القلق أو الوساوس ليست سلبية، بل هي مطلوبة، لأن الذي لا يقلق لا ينجح، والذي لا يوسوس لا ينضبط، فاقبل شيئا من هذه الطاقات النفسية، وما هو زائد أو سيئ منها تخلص منه من خلال تحقيره.
الرياضة مهمة جدا، والحمد لله تعالى أنت ملتزم بممارستها، الدراسات العلمية كلها الآن تتجه نحو أهمية أن يلتزم الناس بالرياضة.
بالنسبة للعلاج الدوائي: طبعا هو شق مهم في علاج مثل حالتك، لكن لا أريدك أبدا أن تندفع وتتناول جرعات قد لا يكون هنالك حاجة حقيقية لها، وعقار (لسترال) بجرعة مائة مليجراما سيكون كافيا جدا بالنسبة لك، لكن استمر على هذه الجرعة لمدة ستة أشهر على الأقل، بعد ذلك خفضها إلى خمسين مليجراما لمدة ستة أشهر أخرى، وهذه هي الجرعة الوقائية، ثم اجعلها خمسة وعشرين مليجراما يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم يمكنك التوقف عن تناول الدواء.
أما بالنسبة للـ (دوجماتيل) فتناوله بجرعة كبسولة صباحا وكبسولة مساء لمدة شهرين، ثم كبسولة صباحا لمدة شهر، ثم توقف عن تناوله.
أنا متفائل جدا، وحقيقة سعيد أن أتلقى رسالتك هذه، تفاؤلي حقيقة يرتكز على أني أرى أن بشريات العلاج والشفاء واضحة جدا في حالتك.
أخي الكريم: أشكرك كثيرا على رسالتك هذه، وعلى ثقتك في شخصي الضعيف، وأسأل الله لك العافية والشفاء، وكل عام وأنتم بخير.