خسرت زوجتي وأصحابي بسبب عصبيتي!

0 3

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كل عام وأنتم بخير.

سؤالي للأطباء: أشعر بتعكر في المزاج، وصعوبة بالغة في التعامل مع زملائي في العمل، والجميع يصد عني بسبب عصبيتي الشديدة وحساسيتي المفرطة.

أفهم الأمور على غير سياقها، وأنا رجل زعول أغضب بسرعة، وإذا لم يرد أحد على اتصالي، أقول بالتأكيد لا يريدني، ولا أستطيع أن أحسن الظن بأحد. حتى عندما أرسل معايدة ولا يرد أحد، أقول في نفسي: هذا لا يريدني!

وسبحان الله، لا أستطيع أن أجلس في مجلس أو في العمل إلا وأنا خائف من ردود الأفعال التي حولي؛ لذلك لا يوجد لدي أصحاب، فقط زملاء عمل وهم أيضا يصدون عني ويحتقرونني. الحياة لا طعم لها بالنسبة لي.

أحسد الناس على سفرهم وجلوسهم في الاستراحات؛ لأني غير مرحب بي ودائما متوتر جدا. أقضم أظافري، ولدي عصبية تجعلني أتسرع في اتخاذ القرارات الخاطئة التي أندم عليها، ودائما أشك بأن زملائي يخونونني بتشويه سمعتي عند الرئيس بخطابات أو مكالمات سرية. لا أثق بنفسي، ودائما يتجنب أبي وأمي التحدث معي في أي شيء خوفا من أن أغضب.

أنا إنسان صعب جدا وعصبي جدا، أرتاح فقط عندما أغضب وأضرب أحدا أو "أفش" غضبي في أحد، أو أغلق الهاتف في وجه أحدهم.

خسرت زوجتي بسبب عصبيتي، وكنت أضربها، وأنا المخطئ لأني إنسان حار وعصبي وضيق الصدر، ولكن والله تعبت من نفسي وكرهت نفسي. أجلس بالساعات في البيت ولا أخرج لأحد.

وعندما أقرر الخروج لأحد، تصيبني شكوك بأن الجميع من خلال نظراتهم يقولون: شكله متعاط أو "مرفع"، بسبب أني كنت متعاطيا للكبتاجون قديما، والحمد لله التزمت ولي عشر سنين تائب وعندي عيال، ولكن لا زالت الثقة معدومة بسبب أني كنت مشهورا أولا بالتعاطي، والناس حتى بعد التزامي ومع أخلاقي العصبية صاروا يحتقرونني، وأحيانا إذا ضحكت وأكثرت الضحك، يبتسم بعضهم ابتسامات خفيفة وكأنهم يقولون: هذا "مرفع".

والنوم لا أستطيع أن أنام إلا بخمس حبات بنادول نايت آكلها، ولك أن تخيل يا دكتور؛ منذ 13 سنة كل يوم خمس حبات بنادول آكلها وإلا ما نمت.

الآن، من خلال اطلاعي على حالات كثيرة في شبكتكم الموقرة، بدأت باستخدام إيفكسور 75، ولي الآن عشرون يوما تقريبا آخذ حبة واحدة في العصر، وأيضا نصف حبة دواء ريميرون قبل النوم.

سؤالي: هل وفقت في ذلك؛ حيث إني أحس الآن بتحسن بسيط أم أزيد الجرعة، أم أخطأت بشيء من الدواء؟ علما بأني اشتريت كمية كبيرة من دواء الإيفكسور، اشتريت إيفكسور 75 وإيفكسور 150. وهل يوجد تعارض بين الـ (إيفكسور) والـ (ريميرون)؟ وهل أضيف دواء ثالثا، أم أكتفي بالإيفكسور والريميرون؟ الآن صار لي تقريبا عشرون يوما من استخدام الإيفكسور والريميرون.

أرجو الشفقة والنصح لي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبوعبد العزيز حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك –أخي الكريم– في إسلام ويب، وأنا سعدت جدا بمشاركتك الأولى هذه، واستشارتك متكاملة جدا، الشيء الوحيد الذي لم تذكره هو عمرك، لكن أعتقد أنك فوق الثلاثين.

أخي الفاضل الكريم: الذي استخلصته من اطلاعي على هذه الرسالة القيمة أنك لا تعاني من مرض نفسي حقيقي، لكن هناك ظواهر، أعتقد أن شخصيتك تحمل سمات الاندفاع والقلق وسرعة الاستثارة، وربما يكون لديك شيء من الظنانية وسوء التأويل.

ويا أخي الكريم: هذه ليست أمراضا، أرجو أن تتفهم ذلك جيدا، إنما هي ظواهر، وحتى لم تصل حالتك إلى ما نسميه باضطراب الشخصية أبدا، لكن السمات التي تحملها أتفق معك أنها تجعل الإنسان في صعوبات اجتماعية، يصعب عليه بناء نسيج اجتماعي حقيقي، يصعب عليه الثقة بالآخرين.

فأنا أقدر مشاعرك جدا، وأبشرك –أخي– أن هذه الحالات تعالج بصورة ممتازة جدا.

أولا: أريدك أن تكثر من الاستغفار، ما أعظمه، صدقني – أخي أبو عبد العزيز – الاستغفار يفتح صمامات الأمان في النفس البشرية، ويغلق صمامات الشر والغضب.

وأريدك –أخي الكريم– أن تطلع على ما ورد في علاج الغضب في السنة النبوية المطهرة، من كلام عظيم أرشدنا إليه سيدنا رسول الله الكريم، لم أجد أفضل منه سلوكيا، هذا ليس مبالغة أبدا، فأرجو أن تكون حصيفا وتلم بهذا العلاج النبوي، كيف تغير موقعك، كيف تتفل ثلاثا على شقك الأيسر، كيف تطفئ نار الغضب بالوضوء وتصلي ركعتين.

أخي الكريم: أحد الإخوة الذين أعرفهم هنا بالدوحة يثق في كثيرا، وهو رجل صاحب مركز، ولكنه غضوب جدا، جالسني وتحدثنا وطلب أدوية وخلافه، وتحسن على الأدوية، لكن حين طبق العلاج النبوي انقشع عنه كل شيء، وقد أقسم لي أنه قد طبق العلاج النبوي بكيفية التعامل مع الغضب مرة واحدة، وبعد ذلك بدأ حين يستشري عنده الغضب أو يبدأ يتذكر ما ورد في السنة المطهرة، وهو: مجرد التذكر – تذكر خطوات التغلب على الغضب –؛ فيسكت عنه الغضب.

النقطة الثانية: أن تعبر عن ذاتك، لا تحتقن – أخي أبو عبد العزيز – لا بد أن نعبر عما بداخلنا، النفس تحتقن كما تحتقن الأنف. ولا بد – يا أخي الكريم – أن تضع نفسك في مكان الشخص الذي تغضب في وجهه، لا، ما لا تقبله لنفسك لا تقبله للآخرين، واستمع لنصيحة النبي ﷺ حين جاءه رجل فقال أوصني فقال له: (لا تغضب، لا تغضب، لا تغضب)، وقال: (إني لأعلم كلمة لو قالها هذا لذهب عنه ما يجد: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم)؛ لأن الغضب من الشيطان، والشيطان لا يسكت عن الإنسان إلا بأن يستعيذ الإنسان بالله تعالى من هذا اللعين.

الإنسان لا بد أن يحب وأن يحب حتى يعيش حياة نفسية إيجابية، ولا يمكن حقيقة للإنسان أن يحب أو يحب إذا كان غضوبا، فاحرص على ذلك، احرص على أن تتجنب الغضب، وألا تغضب.

الرياضة اجعلها متنفسا عظيما، مارسها أخي الكريم؛ فهي تقوي النفوس قبل الأجسام، وتزيل كل الشوائب السلبية، اجعلها جزءا من حياتك، فإنها جميلة.

بعد ذلك أقول لك أخي الكريم: اجعل لنفسك أهدافا، انخرط في عمل اجتماعي، انخرط في عمل دعوي، انخرط في عمل خيري، كل هذا يعود عليك بالخير الكثير، وطور نسيجك الاجتماعي، الصلات الاجتماعية مهمة جدا، صلة الرحم ذات أمر عظيم في حياتنا.

بالنسبة للعلاج الدوائي: لا أعتقد أنك في حاجة للـ (ريميرون Remeron) ولا للـ (إفيكسور (Effexor)، لا، أنا أعتقد أن الإفيكسور لوحده بجرعة خمسة وسبعين مليجراما كافيا، لكن تناول معه الـ (سوركويل - Seroquel) وليس الريميرون.

السوركويل - والذي يعرف علميا باسم (كويتيابين - Quetiapine سوف يساعدك في طرد الأفكار الظنانية، ويحسن من نومك، والجرعة هي مائة مليجرام ليلا، لكن ابدأ تدريجيا، ابدأ بخمسة وعشرين مليجراما، ثم بعد أسبوع اجعلها خمسين مليجراما، ثم بعد أسبوعين اجعلها مائة مليجرام، استمر عليها لمدة ستة أشهر على الأقل، بعد ذلك خفضها إلى خمسة وعشرين مليجراما، ثم بعد شهر توقف عن تناوله.

هذا هو الذي أنصحك به، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، وأشكرك على الصلة بإسلام ويب.

مواد ذات صلة

الاستشارات