السؤال
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
أنا فتاة عمري 25 عاما، مشكلتي تنحصر في الفراغ الكبير الذي لا أجد ما أفعله فيه إلا التفكير، والذي هو نقمة حيث يرهقني، وأفكر أنني لم أتزوج، وتركت عملي بسبب النميمة والكذب، وحاليا ليس لدي أي هدف في الحياة لأسعى إلى تحقيقه، والحصول على عمل ليس أمرا سهلا، وحلم حياتي الزواج والأمومة.
أنا مواظبة على الصلاة، وأدعو ربي أن يرزقني الزوج الصالح، ولكن في بعض الأحيان ينتابني شعور أنه ربما لم يكتب الله لي الزواج، وأني أرهق نفسي بالتفكير والتمني لشيء لن يأتي.
قرأت مرة أن لا أربط سعادتي بشيء معين، فمن الممكن أن يهلكني الله به، فهل هذا صحيح؟ فأنا حلمي أن أكون زوجة، فهل ممكن أن يعاقبني الله على الأمنية والإلحاح في الدعاء؟ وأشعر بالحزن الشديد على عدم استجابة دعائي، هل هذا يعني أني غير راضية بالقدر، وأني أغضب الله؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ salwa حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
حياة الإنسان تسير وفق قضاء الله وقدره، بل أمور الكون كله قال تعالى: (إنا كل شيء خلقناه بقدر)، وقال عليه الصلاة والسلام: (قدر الله مقادير الخلق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء)، ولما خلق الله القلم قال له: اكتب، قال: وما أكتب؟ قال: (اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة)، وقال عليه الصلاة والسلام: (كل شيء بقضاء وقدر حتى العجز والكيس)، والكيس الفطنة.
الزواج رزق من الله يأتي في الوقت الذي قدره الله للإنسان، وبالشخص الذي كتبه أن يكون شريكا للحياة، فلا تستعجلي الرزق، فإنه لا يقدر أحد على تقديمه وتأخيره، وكوني على يقين بأن رزقك سيأتيك، وأنت لا زلت صغيرة، والزواج لا يفوت بالترك، ولا يأتي بشدة الحرص، فكوني مطمئنة.
استمري بالإلحاح على الله بالدعاء، واجتهدي في أن يتوفر فيك أسباب استجابة الدعاء، وأن تنتفي الموانع، فإن حصل ذلك استجاب الله لك كما وعدنا الله بقوله: (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم ۚ)، وقال: (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب ۖ أجيب دعوة الداع إذا دعان ۖ فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون).
الله تعالى يحب العبد الذي يلح عليه بالدعاء؛ لأنه يظهر التذلل والضعف والانكسار بين يديه سبحانه وتعالى.
سعادة الإنسان لا ترتبط بالأمور الدنيوية، فتلك سعادة آنية أو جزء من السعادة، فكم من غني وصاحب جاه ومتزوج وحاصل على أفضل الوظائف، لكنه لا يحس بأي سعادة، فالسعادة الحقيقية تكمن في تقوى الله تعالى.
كيف يعاقب الله عبده على دعائه بأمر مشروع، وهو سبحانه من أمر العباد بدعائه، فقال: (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم ۚ إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين)، بل العكس هو الصحيح، والآية ناطقة بأن الله يعذب العبد إن ترك دعاءه.
العبد قد يهلك فيما يتعلق به، إن جعل تعلقه بذلك الشيء مثل أو أكثر من تعلقه بربه، أما التعلق الطبيعي فلا يكون سببا في الهلاك، وهذا أمر جبل عليه الناس، فالمرأة متعلقة بزوجها وأولادها، والرجل يحب المال والجاه والشرف، والموظف يحب وظيفته، وهكذا.
لا تستعجلي استجابة الدعاء، فقد أخبرنا النبي -صلى الله عليه الصلاة والسلام- أن الدعاء إما أن يستجيب الله لصاحبه، وإما أن يصرف عنه من الشر مثل ما دعا، وإما أن يدخر له أجر دعائه إلى يوم القيامة.
حذر النبي -صلى الله عليه وسلم- من الاستعجال في الدعاء، فيقول دعوت فلم يستجب لي، فقال ما معناه: (لا يعجل أحدكم في الدعاء فيقول دعوت فلم يستجب لي فيترك الدعاء).
قد يصاب المرء بالحزن لفوت أمر من الأمور، ولا يلزم من حزنه أن يكون غير راض بقضاء الله وقدره، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لما مات ابنه إبراهيم: (إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقك يا إبراهيم لمحزونون)، فعليك بالدعاء المأثور: (اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن...).
عليك بآداب الدعاء فهي من العوامل التي تساعد في استجابة الدعاء، وستجدينها في موقعنا والمواقع الأخرى.
التحقي بحلقة لتحفيظ القرآن الكريم وتدريس العلم الشرعي، وأشغلي نفسك بكل مفيد، وساعدي أمك في أعمال المنزل وبري بها وبوالدك، واطلبي رضاهما ودعاءهما، فدعوة الوالد لا ترد.
أسأل الله لك التوفيق، وأن يرزقك الزوج الصالح الذي يسعدك في هذه الحياة، والله الموفق.