ضاعت حياتي ومستقبلي تدمر بسبب رائحة الفم!

0 297

السؤال

السلام عليكم.

أنا شاب عمري 25 سنة، أعاني من رائحة الفم منذ 3 سنوات، حيث ظننت في بداية الأمر بأنه أمر بسيط، وأن زيارة لطبيب الأسنان كافية، وبالفعل ذهبت، وكانت هذه النهاية لبداية حياتي، فقد كنت سعيدا في حياتي، وأدرس في الجامعة، وعلاماتي عالية، وطموحاتي كانت كبيرة جدا، ولكن في لمح البصر انتهى كل شيء بسبب مشكلة لم ولن أجد لها حلا.

فبعد ذهابي لطبيب الأسنان أعطاني علاجا وأخبرني بأنه يلزمني إجراء عملية، وأن المشكلة ستنتهي بهذا الشكل، وفعلا أجريتها، وظننت بأن المشكلة انتهت، ولكنها لم تنته، فبدأت أشك بالموضوع، وذهبت إلى عدة أطباء بعدها، ولكني لم أستفد شيئا، فقد كانوا يحولوني مرة على طبيب المعدة، ومرة على طبيب الجهاز التنفسي، وأعاني علاجا ولكن بلا فائدة.

وبسبب تكاليف العلاج كنت أستدين، وكتبت كمبيالات خلال سنتي الجامعية الرابعة، حيث قطعت مشوارا طويلا ولم يتبق إلا فصل واحد، ولكن لأن أوضاعي المالية تدهورت تركت الجامعة، وانتهى حلمي الذي حلمت به مذ كنت صغيرا، وطوال حياتي أحلم باللحظة التي أتخرج بها وأفرح أبي وأمي، وكل ذلك بسبب مشكلة رائحة فمي الكريهة، فقد ضيعت مبالغ مالية كبيرة على الأطباء، وآخر شيء تم وصفه لي هو الأعشاب (200 دينار) ولم أستفد شيئا أيضا، فاعتزلت الناس والحياة، وحتى أهلي، وأصبحت لا أخرج من البيت حتى للصلاة، فقط من البيت إلى العمل، ومن العمل إلى البيت، لدرجة أن أقاربي وجيراني يظنونني مسافرا، فأنا أحرج من الفجر ولا أعود إلا في الليل.

أصحابي كلهم تخرجوا وتزوجوا وأنا لا شيء، دراستي تركتها، حياتي دمرت، أصبحت بلا هدف، أنتظر موتي بسبب رائحتي الكريهة.

أعاني من ديون ضخمة، ودخلت السجن وخرجت بسبب ذلك، على الرغم من أني لم أعتد على أحد في حياتي.

حياتي بلا معنى، موتي أفضل للجميع، وفي الحقيقة انتهت حياتي منذ 3 سنوات، فأصبحت دائما مكتئبا وحزينا، ونكرة بلا معنى، وقد فكرت بالانتحار مرات عديدة، ولكني أخاف الله، 3 سنوات وأنا أتعذب، ولم أعد آكل ولا أشرب إلا ما يبقيني على قيد الحياة، فكل يومين آكل مرة واحدة، ولكن الحمد لله، وأملي بالله كبير، ولا أتمنى أن يعاني أحد مما عانيت منه، منذ سنوات لم أضحك، ولم أبتسم، ولم أتكلم مع أحد حتى الرجل الذي أعمل عنده.

كم تمنيت أن أموت وأن تنتهي قصتي وعذابي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ وسيم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا بك -أخي الكريم- في موقع استشارات إسلام ويب.

لا شك -أخي الكريم- أن رائحة الفم هي من أكثر الأمور المزعجة، وتجعل المريض يشعر بالحرج، ويتجنب الاختلاط بالناس، ولكن لكل داء دواء-بإذن الله-.

ويتوجب عليك مراجعة الطبيب لوضع التشخيص الصحيح للبخر الفموي، ومعرفة المسبب، ووضع خطة العلاج الصحيحة للتخلص من الرائحة الفموية.

إن من أهم أسباب البخر الفموي المتعلقة بجوف الفم هي:
- النخور السنية.
- أو التهابات اللثة.
- أو الجيوب اللثوية.
- أو الأسنان المطمورة جزئيا ضمن اللثة.
- أو الحشوات القديمة.
- أو التعويضات الثابتة أو المتحركة (التيجان والجسور)، أو الخراجات السنية، أو بعض أمراض اللسان، كظهور الفطور على اللسان.
- أو اللسان المتشقق الذي يصبح عرضة لتجمع فضلات الطعام وتخمرها، وبالتالي حدوث الرائحة الفموية.

لذلك يجب إجراء فحص دقيق لجوف الفم، وإزالة الحشوات أو التركيبات المشكوك بها، وإجراء صور شعاعية للفكين والأسنان، ووضع تشخيص صحيح للمسبب، وبالتالي يمكن وضع خطة علاج صحيحة، وإنهاء المشكلة الموجودة -بإذن الله-.

وفي حال استمرار البخر الفموي بعد نفي وعلاج الأسباب الفموية السنية يجب البحث في مسبباتها، سواء كانت بسبب الجهاز الهضمي أو التنفسي، وعمل بعض التحاليل الدموية لنفي بعض الأمراض المرافقة للبخر الفموي تحت إشراف الطبيب المختص.

كما يمكنك العودة الى الاستشارة "2308269" والاستشارة "2266230 ".

أسأل الله لك التوفيق والسداد.

مع أطيب الأماني.
________________________________________________

انتهت إجابة الدكتور/ أنس عطية -استشاري أمراض الفم والأسنان والوجه-.
وتلها إجابة الدكتور/ محمد عبد العليم -استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان-.
_________________________________________________

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

لقد قمت بتدارس رسالتك، وكذلك الإجابة الشافية التي أفادك بها الدكتور/أنس العطية.

ومن جانبي -أيها الفاضل الكريم- أقول لك: إن الجانب النفسي موجود في حالتك، فأنت أصبحت متكدرا، وأصبحت تفتقد التوافق والتكيف مع حالتك هذه، وقطعا أزعجني حين تحدثت عن الانتحار، والذي لا أرى سببا له أبدا، أنا أقدر مشاعرك، لكن يكفي أن نتمثل ونقتدي ونستجيب لقول الله تعالى: {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما}، والأمر الذي تعاني منه ليس مصيبة، الأمر هذا يمكن أن يعالج بصورة فاعلة جدا، وسوف يقوم الأطباء ببذل المزيد من الجهد لمساعدتك.

أنا أقدر أنك قد صرفت الكثير من المال على هذه العلة ولم تصل إلى نتائج حتى الآن، أسأل الله أن يسهل أمرك، وأن يقيد لك الأسباب والطرق التي تحل هذه المشكلة.

وفي ذات الوقت لا تعطل حياتك، لا يمكن لشيء مثل هذا أن يعطل حياة الإنسان، الحياة يجب أن تسير على مستوى الدراسة، على مستوى الإنتاجية، على مستوى التفاعل الاجتماعي، على مستوى العمل، وهذا كله يجب أن يسير حتى وإن كانت هناك أمور ومشاكل مثل هذه.

وهناك أمر هام جدا لابد ان نتطرق له، وأرجو ألا تأخذ ما أقوله لك بحساسية:

أنا كطبيب نفسي عرضت علي حالات كثيرة لأشخاص يشتكون من البخر الفموي هذا، وأشخاص يشتكون من رائحة كريهة تصدر من أجسادهم -أو هكذا يعتقدون- واتضح في معظم هذه الحالات أن هنالك مبالغة ووساوس متعلقة بهذا الموضوع، يعني قد يكون هناك شيء من البخر الفموي ناتج لأحد الأسباب التي ذكرها الأخ الدكتور/ أنس العطية، لكن يحدث تضخم نفسي، هذا نسميه بـ (التضخم النفسي) بمعنى: أن المشاعر تصبح فيها مبالغة، ومتكاثرة، ومتكاتفة، وتزداد، وهذا يشغل حيزا كبيرا في فكر الإنسان ويزيد من وسوسته. هذا جانب لابد أن نقدره.

لا أقول لك: أنت متوهم، لا، أنت لست متوهما، لكن أرى وأتلمس -ولخبرتي السابقة لحالات مماثلة- لا يمكن أبدا أن ننكر الجانب النفسي، لذا أنصحك أن تتناول دواء جيدا يساعد في علاج مثل هذه الحالات.

الدواء يعرف باسم (بموزايد Pimozide) هذا اسمه العلمي، واسمه التجاري هو (أوراب Orap)، تتناوله بجرعة اثنين مليجرام يوميا، يضاف إليه عقار (فافرين Faverin) والذي يعرف علميا باسم (فلوفكسمين Fluvoxamine).

الأوراب تتناوله بجرعة اثنين مليجرام يوميا لمدة أربعة أشهر، ثم تجعل الجرعة اثنين مليجرام يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم تتوقف عن تناوله.

أما بالنسبة للفافرين فالجرعة المطلوبة هي خمسين مليجراما، تتناولها ليلا بعد الأكل لمدة أسبوعين، ثم تجعلها مائة مليجرام ليلا لمدة ثلاثة أشهر، ثم تخفضها مرة أخرى إلى خمسين مليجراما ليلا لمدة شهرين، ثم خمسين مليجراما يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

كلا الدوائين من الأدوية الفاعلة والسليمة، وأنا متأكد أنها سوف تساعدك في حالة الكدر والتوتر وعدم القدرة على التكيف، وفي ذات الوقت أعتقد أنك سوف تستشعر هذه الرائحة الكريهة أقل حدة مما كانت عليه، وأتمنى أن تختفي تماما.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات