السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله ألف خير دكتور محمد عبد العليم، أسأل الله أن يسعدك في الدنيا وفي الآخرة، وأن يرزقك من حيث لا تحتسب.
أنا شاب، طرحت عليك استشارتي الأولى رقم 2320695، وأعجبتني الإجابة، وانتفعت بها كثيرا، وأسأل الله أن يكتب أجرك، ويرفع قدرك، فبعد معاناتي من وسواس الموت، أصابني اكتئاب بسيط -كما ذكرت في الإستشارة الأولى-، وبعدها بفترة أصابني وساوس المرض، لأنني اعتقدت أنني أعاني من مرض ما، وعندما رأيت نفسي نحيفا، ولكن في الواقع إن وزني كان ينقص ويزيد فقط في الغرامات، عندها ارتحت كثيرا، وبدأ يذهب عني وسواس المرض، وفجأه شعرت بالتهاب في الحلق، وبحة بسيطة في الصوت، فأصابني قلق من أن يكون مرض خطير -لا سمح الله-، فعندما ذهبت للمستشفى تبين أنه التهاب بسيط.
بعدها تقريبا بيومين أصابني انسداد في الأنف، فأصابني القلق مرة أخرى من الإصابة بمرض خطير، ولكنه تبين أنه زكام طبيعي، الشعور بالخوف الذي يأتيني من أي مرض يصيبني دمر حياتي، مما جعلني أكره الجلوس مع زملائي، أو أذهب للعمل، وأفضل الجلوس في البيت فقط، وفي كل مرة أتفقد جسمي خوفا أن أصاب بأي ورم أو مرض، ودائما أقرأ في الإنترنت عن هذه الأمراض، وإن سمعت بإصابة أي شخص بمرض السرطان تزيد دقات قلبي، وأشعر بالخوف والقلق، ويأتيني ألم في بطني، مع العلم أن ضغط الدم عندي -ولله الحمد- ممتاز، ونبضات قلبي أيضا ممتازة، ووزني يختلف في الصعود والنزول في بعض الغرامات، وبعض المرات أصاب بفقدان الشهية لساعات قليلة فقط.
أتاني وسواس المرض عندما شعرت ببرودة في أطرافي، وحكة في الرأس، وفقدت شهيتي للأكل، فعندها بدأت معاناتي، وأنا لا أعلم ما هي هذه الأعراض التي دمرت حياتي تماما، فكل مرة تجدني أجلس في غرفتي أقرأ عنها فقط، والأعراض هي دوخة بسيطة جدا نادرا ما تأتيني، وخمول وكسل وغثيان، وأشعر بحرارة في جسمي، وعندما أقيس حرارتي بالميزان أجدها طبيعية جدا، واضطرابا في المعدة، وألما أسفل البطن يأتيني بعد الأكل أو عند الاستيقاظ من النوم، وعند الخوف والقلق، ويرافقه إسهال -أعزكم الله-، وضيق التنفس عندما أفكر في هذه الأعراض والأمراض، وأشعر بألم في صدري من الجهة اليمنى يأتي ويذهب.
هل هذه أعراض قلق نفسي، أم أنها بسبب الاكتئاب، وهل أعاني من وسواس المرض، وكم المدة التي أحتاجها لكي تزول هذه الأعراض؟ وهل أحتاج للذهاب إلى الطبيب أم لا، وما هو العلاج؟
أفيدوني بتشخيصكم لحالتي، جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Abdualaziz حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
أقول لك جزاك الله خيرا على كلماتك الطيبة، والتي أسعدتني تماما، وأسأل الله تعالى لك التوفيق والعافية والشفاء.
أيها الفاضل الكريم: كل التفاصيل التي أوردتها في رسالتك هذه أساسها هو القلق النفسي، والقلق النفسي هو الطاقة التي تولد المخاوف وكذلك الوساوس، الآن حالتك حالة نفسوجسدية، أعراض جسدية متعددة دون وجود مرض عضوي حقيقي، ولكنها مزعجة، وكلها مرتبطة بقلق المخاوف الوسواسي، كل التأويلات حول السرطان وخلافه هي أمر شائع جدا، النفس البشرية ضعيفة.
أنا لا زلت أصر أن علاجك هو التجاهل، وأن تجعل حياتك إيجابية، تدير حياتك بصورة إيجابية من حيث استثمار الوقت، وعدم ترك مساحة للفراغ، التواصل الاجتماعي، ممارسة الرياضة، الغذاء المنضبط، هذه كلها تصرف الانتباه عن هذه الأعراض، أما إذا تفرغ الإنسان وانكب على ذاته، وبدأ يبحث في كل صغيرة وكبيرة فيما يشعر به، تضخمت الأمور وتجسدت وزادت حدتها.
الذي أنصحك به هو أن تذهب إلى طبيب باطني تثق فيه، لمرة واحدة، لإجراء الفحص والكشوفات الطبية العامة، وبعد ذلك أرجو ألا تراجع طبيبا آخر، أنا لا أريد أن أحرمك من مراقبة صحتك، لكن أريد أن أبعدك حقيقة عن الأعراض النفسوجسدية، وقلق المخاوف الوسواسي، وبعد أن يطمئنك الطبيب لا مانع أبدا أن تقابله مرة واحدة كل ثلاثة إلى أربعة أشهر، لمجرد إعادة الفحص، وهذا وجد من أفضل الطرق.
إذا صرف الانتباه من خلال -ما ذكرناه- من أنشطة مختلفة وطريقة جديدة في التفكير، وكذلك إجراء الفحص الدوري المتباعد، هذا هو المطلوب.
ويا -أيها الفاضل الكريم-: وجدنا أن أذكار الصباح والمساء عظيمة، عظيمة جدا، لأن أذكار الصباح والمساء حصن المسلم، فأذكار الصباح تنقلك إلى عالم الطمأنينة، كل اليوم، وبعد ذلك تدعمها بأذكار المساء، وأيضا تحملك وتنقلك نقلة عظيمة جدا، وتختم بعد ذلك بركعتين وركعة الوتر ثم بأذكار النوم، أمور عظيمة جدا تحفظ الإنسان وتجعله في حصن حصين، فاحرص على هذا النمط الحياتي الجميل، وأنا وصفت لك فيما مضى الترتبزوال، أعتقد أنه سوف يساعدك حتى في زوال هذه الأعراض، ولا أعتقد أنك في حاجة لأحد الأدوية القوية والتخصصية لعلاج قلق المخاوف الوسواسي.
* أما حول سؤالك: هل أنك تعاني من وساوس المرض؟ نعم أنت تعاني من قلق المخاوف الوسواسي.
* وكم مدتها عادة لتزول؟ هذا يعتمد عليك، إن طبقت التطبيقات التي ذكرتها لك، الأمر ينتهي في خلال شهرين إلى ثلاثة، ليس أكثر من ذلك أبدا، ولا تستعجل حقيقة إزالة هذه الأعراض بصفة تامة وفي وقت قصير، لا، التحسن التدريجي الثابت والقوي هو الأفضل، يعني أنت حين تجعل منهج حياتك على الأسس التي ذكرتها لك، هذا سوف يكون واقيا لك بأن لا ترجع لك هذه المخاوف ذات الطابع الوسواسي.
بارك الله فيك وجزاك خيرا، وبالله التوفيق والسداد.