السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
أنا فتاة بعمر 25 سنة، تقدم لخطبتي زميلي في العمل منذ ثلاثة أعوام، كان يحبني كثيرا، وهو من عائلة ومنطقة مختلفة، له عادات وأفكار مختلفة، ونسبه مختلف، فأنا من سكان المدينة، وهو من منطقة تسمى الشرقية، والارتباط صعب بين المنطقتين.
تقدم الشاب وتشاورت مع الوالد والوالدة، ولم يكن لديهم أي ممانعة، لكن إخواني وأخواتي اعترضوا، ومع ذلك تمت الخطبة، لأنه ذو خلق، مشكلته بأنه يكذب كثيرا، وأعطاني وعودا فارغة خلال فترة الخطبة، والدي أصبح ينزعج منه، وافتعلت أخواتي المشاكل مع هذا الشاب كي يطلقني، ما زاد الطين بلة أنه كان يكذب في ردوده، كنت في حيرة بين اختيار أهلي أو خطيبي.
علما أن أهلي كانوا يريدون التبرأ مني لو أنني بقيت معه، رجحت بالميزان كفة أهلي؛ لأن رضا الوالدين أهم من كل شيء، فهل ما حدث يعتبر ظلما للشاب؟ وهل ما حدث بسبب القضاء والقدر الذي يجب أن أرتضيه؟ فأنا أشعر بأنني مظلومة.
ولكم خالص تقديري.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نشكرك على تواصلك مع موقع الشبكة الإسلامية، ونسأل الله أن يصلح حالك، وأما الجواب على ما تقدم في طلب الاستشارة فيمكن أن يكون الجواب كالآتي:
بداية يجب أن تعلمي أن المرأة لا تقدر على تحديد دين وأخلاق رجل أجنبي عنها، لأن المرأة يغلب عليها العواطف، والذي يقدر على معرفة دين وأخلاق الرجل هم الرجال من مثله، ولهذا جعلت ولاية المرأة في النكاح بيد رجل من أقربائها و-الحمد لله- أن هذا الشاب الخاطب علم حاله في أثناء الخطبة، فظهر أنه يكذب ويخلف الوعد، وهذا يدل على سوء أخلاقه، وبما أنه قد فسخت الخطوبة فهذا خير لك، وقد أحسن أهلك في هذا، وعلى هذا فليس في فسخ الخطبة أي ظلم على هذا الشاب، لأنه من المعلوم أنه في فترة الخطبة لكل طرف الحق في الفسخ، وأنتم لكم سبب وجيه في الفسخ، فعلى ذلك لا حرج عليكم شرعا، وليس ظلما.
أما سؤالك: وهل هو من القضاء والقدر الذي يجب أن أرضى به؛ لأنني أشعر دائما أني مظلومة لما حدث؟ فالجواب عن هذا، أن كل ما يحدث للإنسان من خير أو شر كله بقضاء الله وقدره، ويجب عليك شرعا أن ترضي بما قدر الله تعالى، وفيما يظهر لي أنك لست مظلومة فيما حدث، لأنك قد عرفت حال هذا الخاطب، و-الحمد لله- الذي قدر لك أن لا تتزوجيه، فاحمدي الله على ذلك.
أما قولك عن الشاب الخاطب: وكان يحبني كثيرا، لا ينبغي لفتاة مسلمة أن تتعلق بشاب أجنبي، لأنه لا يجوز شرعا أن تلتقي به، بل لا تسمح له أن يعبر لها عن مشاعره نحوها، حرصا على سلامتها من الوقوع في مداخل الشيطان، والإغراء لكل طرف بالآخر، فقد نهانا النبي -صلى الله عليه وسلم- عن أن يختلي رجل بامرأة، حيث قال: (لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم)، [رواه البخاري برقم 5233]، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ألا لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان)، [رواه أحمد وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 2546].
لأنه يخشى أن تجر تلك اللقاءات إلى ما يغضب الله تعالى من الوقوع في الحرام -والعياذ بالله- وهذه العلاقة بين الفتيان والفتيات عادة دخيلة على شباب وفتيات المسلمين، وهي من التقليد لأعدائنا، ولا يوجد حب صادق قبل الزواج وإنما هي مجرد رغبة في الزواج، وسبب كذب هذا الحب أن كل طرف يبدي أحسن ما لديه قبل الزواج، ويستر عن الآخر أسوأ ما لديه، وبعد الزواج تظهر الحقيقة، فعلى هذا دعوة الحب الحقيقي ينبغي البحث عنها بعد الزواج، وبعد أن يسلك الطرفان السبل الشرعية لتحقيق الزواج عند ذلك تحصل بينهما المودة التي هي الحب، بل في بعض الأحيان قد تجبر الفتاة على الزواج بمن لا تريده ثم بعد الزواج تكتشف أن الزوج فيه خير كثير فتحبه.
وفقك الله لمرضاته.