هل أستحق من زوجي كل هذه المعاملة بسبب ما فعلت؟

0 217

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عندي مسألة اختلفت فيها مع زوجي وتكاد تصل إلى الطلاق، أتمنى من حضرتكم تفيدوني بالحكم الشرعي، وقد يسخرنا الله سبحانه للهداية والاستقرار.

والدي يعالج في أمريكا له سنوات، وبالفترة الأخيرة اشتد مرضه وكان وحده بدون مرافق، وقبل 3 أشهر قرر زوجي أن نكون معه، وبالفعل سافرنا وأقمنا معه وتركنا ابنتنا الصغيرة عمرها سنة عند أهل زوجي وأهلي أحيانا.

اليوم جاءت خادمة لتنظف الشقة كعادتها كل أسبوع، وأحيانا تحضر معها رجلا 0لمساعدتها، ودائما عند وجوده أجلس في غرفتي ولا أخرج؛ لأن زوجي قد أمرني بأن لا أخرج بينما يتواجد الرجل في الشقة، ولكن بالأمس كان الرجل موجودا في الشقة وكعادتي جلست بالغرفة إلى أن بقيت نصف ساعة تقريبا أو أقل على رحيلها، فإذا بوالدي يتصل علي يطلب مني أن أتواجد في الصالة لأساعده على إعداد الطعام، وزوجي كان نائما، ولم أود إيقاظه فارتديت عباءتي وحجابي وتسترت جيدا، ولم تظهر مني أي زينة وخرجت لمساعدة أبي، ثم طلب مني أن أجلس مع الخدم لحين يذهب إلى البنك لسحب المبلغ للخدم، والبنك يبعد عن سكننا 10 دقائق، فجلست على طاولة الطعام بينما الخادمة كانت أمامي في المطبخ، والرجل في الصالة يقوم بعمله، وزوجي نائم بالغرفة.

انتهى الرجل من عمله بعد نصف ساعة تقريبا، خرج من الشقة وبقيت أنا مع الخادمة إلى أن أتى والدي وأعطاهم حقهم وانصرفوا.

بعد ذلك دخلت إلى الغرفة وإذا بزوجي قد اشتاط غضبا ووبخني لأنني جلست مع الرجل وحدي بدون والدي أثناء خروجه للبنك، وانهال علي بالغضب، والكلمات البذيئة، والسب والشتم الموجه لي ولأبي ولأهلي، وقام بالتشكيك في تربيتي مدعيا أني بنت بلا أخلاق، وأني بنت (كلمة قوية لا أستطيع كتابتها) لأني كنت في خلوة مع الرجل "مع العلم بوجود الخادمة معنا، ولم يربطني بالرجل أي حديث" ولكنه كان غاضبا جدا مدعيا أني لم أمتثل لأوامره وأني فاسقة، لم أرد عليه بالبداية واكتفيت بالأسف ثم خرجت من الغرفة.

وبعدها دخلت مرة أخرى وقلت له بأسلوب متزن كيف لك أن تسبني وتسب أهلي؟ وماذا علي أن فعل؟ هل أسكت؟ هل يجب أن أرضى على هذا؟ لم يعجبه حديثي وأكمل غضبه وشتمه، وبعدها قام بضربي على يدي، مع العلم أنه دائما يشتمني ويشتم أهلي، ويضربني ضربا مبرحا إذا اشتد النقاش، مدعيا أنه يجوز له فعل ذلك؛ لأني مذنبة وأستحق الضرب والشتم.

وبعدها قال أنا سأرجع إلى الكويت، لن أحتمل وجودي معك، وقومي بتجهيز الحقيبة، فغضبت كثيرا في داخلي فقلت له (سافر) بازدراء وبأسلوب لا يعجبه، متعمدة أن أزيده غضبا لأنه قهرني جدا، فقام بضربي ضرب مبرحا، ازداد قسوة حين قلت "حسبي الله ونعم الوكيل" وبعدها بدأت بتوظيب حقيبته وسيغادر غدا ((اليوم بتوقيت الكويت))، وفي الكويت سيقوم بإجراءات الطلاق.

السؤال: هل أنا مذنبة شرعا في جلوسي بنفس المكان مع الخادم الرجل مع وجود الخادمة، وزوجي بالغرفة نائم؟ هل هذه خلوة محرمة كما يدعي زوجي؟ وهل هو مذنب في ردة فعله وشتمه وضربه الذي اعتاد عليهما؟

لقد اتفقت مع زوجي على كتابة هذه الرسالة وقال لي: أرسليها للموقع، وأعلميني بإجابتهم.

نحن نريد طرفا ثالثا صالحا حكيما أن يحكم بيننا ولم أجد خيرا من فضيلتكم.

وأشكركم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك -أختنا الكريمة- في الشبكة الإسلامية وردا على استشارتك أقول: فمن حسن خلق زوجك ونبله أنه قرر أن تسافرا إلى أمريكا للبقاء مع والدك حيث يتلقى العلاج، والأصل أن ذلك غير واجب عليه، طاعة المرأة المطلقة بعد زواجها لزوجها وليس لوالدها، وكان من الواجب عليك بعد أن حذرك زوجك من الخروج أن تمتثلي لأمره، وأن تعتذري لوالدك بأن زوجك نهاك عن الخروج، وبإمكانه أن يوقظه من النوم للجلوس مع الخدم.

صحيح أنه لم تكن هناك خلوة محرمة مع الرجل -كون الخادمة كانت موجودة معكما في الصالة- ولكن المخالفة لأمر زوجك قائمة.

زوجك يحبك كثيرا، ويغار عليك، وجميع كلامه القاسي معك كان في وقت غضب وليس من قلبه، صحيح أنه أخطأ في العبارات والكلمات التي وصفتها بأنها بذيئة، وتشكيكه في تربيتك وأنك بدون أخلاق وإدخال أهلك في الموضوع، والسبب في ذلك أن الشيطان كان حاضرا بسبب غضبه الشديد، وأنا لا أشك أنه غير راض عن نفسه ولا عن تصرفه ذاك، خاصة بعد أن هدأت أعصابه، ولذلك حذر النبي -صلى الله عليه وسلم- من الغضب، فقد أتاه شخص فقال أوصني يا رسول الله فقال له: (لا تغضب) فكرر عليه فقال: (لا تغضب) والحمد لله أن زوجك لم يتلفظ بالطلاق في تلك الحال، فالشيطان يؤز الرجل في حال الغضب كي يوصله إلى الطلاق.

لقد أحسنت حين اعتذرت له وخرجت من الغرفة، لكنك غلطت مرة أخرى حين دخلت مجددا للغرفة وقمت بلومه على كلامه وإن كان بأسلوب متزن وهادئ، لأن معالجة القضية لا يمكن أن تكون في نفس الوقت، فزوجك في ذلك الوقت لا يزال غاضبا، وكان الواجب أن تتركي اللوم وحل القضية للوقت المناسب، حيث يكون ذهنه صافيا، ولربما كان سبقك بالاعتذار، فالغضب جمرة نار تغلي في القلب، ومن شدة غضب نبي الله موسى عليه السلام حين خالف أصحابه أمره ألقى الألواح وفيها كلام الله حتى تكسرت.

لا يجوز للزوج أن يشتم زوجته الشتم المقذع، ويجوز له أن يضربها في حال عدم نفع الوعظ والهجر في المضجع، ويشترط أن يكون ضربا غير مبرح حتى قال بعض أهل العلم يضربها بعود السواك، أما الضرب باليد واللكم أو الضرب بالعصى وما شاكل ذلك فلا يجوز.

والخلاصة أن الخطأ مشترك بينكما، وأنصح كل واحد منكما أن يجلس مع نفسه جلسة محاسبة ومكاشفة ليعرف خطأه، وليترك كل منكما حظوظ نفسه، وليعتذر من صاحبه ولا تكرروا هذه الأخطاء مرة أخرى، ولتتعانقوا من جديد فاتحين صفحة بيضاء نقية ناظرين إلى مستقبلكم ومستقبل أولادكم، فالطلاق ليس حلا أبدا، ولم تصلوا إلى حد أن العيش معا صار مستحيلا.

أتمنى من كل منكما أن يغض الطرف عن بعض الهفوات والزلات، فالحياة لا يمكن أن تكون بدون أخطاء، ومعالجة السلوكيات الخاطئة لا يكون بالأسلوب الخطأ، والرفق ما كان في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه، لا تعالجوا الخطأ في حال وقوعه ولا في حال الغضب، واتركوا ذلك إلى الوقت المناسب، وكلما كان النقاش هادئا وهادفا وصلتم إلى الحل المناسب، ومن حسن الخلق في حال الاختلاف أن يتنازل أحد الأطراف، والفضل لمن بادر منكما.

أكثرا من الاستغفار، وذكر الله تعالى، وتلاوة القرآن الكريم، والصلاة على البشير النذير عليه الصلاة والسلام فذلك من أسباب تفريج الهموم، وكشف الكروب، ومن أسباب جلب الحياة الطيبة، وطمأنينة القلب، ومطردة للشيطان الرجيم.

أسأل الله لكما التوفيق، وأن يؤلف بين قلبيكما ويسعدكما، إنه سميع مجيب.

مواد ذات صلة

الاستشارات