طفولة أبي القاسية وذكرياته الأليمة أثرت على سلوكه الحالي ساعدوني؟

0 240

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

عاش أبي في صغره مع والد جائر، وأم مطلقة، نشأ في ظروف قاسية، كان ينام في الشوارع ويعمل وهو بعمر 10 سنوات، كان جدي يأخذ كل أموال والدي، ولا يعطيه فلسا واحدا للأكل، لا أستطيع شرح كل شيء، لأن المعاناة طويلة.

المشكلة أن أبي اليوم وصل إلى الأربعين، وما زال عالقا في الماضي، رغم أنه يساعد والده الآن، ويعطيه المال، لكنه طوال الوقت يتذكر الماضي، ويقارن نفسه بأولاد جدي الذين بعمره من زوجة أبيه، جدي يعطيهم المال الذي يعطيه أبي، وقلب أبي يتقطع لهذا السبب.

حسب اطلاعي لأعراض الاكتئاب ثنائي القطبة، فالأعراض موجودة بوالدي، لأنه يمزح ثم فجأة وعلى أبسط الأمور يهتاج غضبه بطريقة غير مفهومة، يضرب، ويصرخ، ويكاد ينفجر، وحينما تراوده الحالة ينام في النهار، ويسهر في الليل، لا يرغب بالعمل، ولا يرغب بلقاء الناس، طول الوقت يغضب منا ويقول: (أنتم لا تهتمون بي، وأنا كارهكم، وأنتوا ما فيكم خير)، ولا يرغب بالأكل، وفي بعض الأحيان لا يتناول الطعام لمدة يومين، ويتحجج بإنقاص وزنه، وفجأة يقطع الرجيم ويأكل بشكل مبالغ، ويزداد وزنه.

أشعر بأنه يعيش في يأس، لا نتمكن من إسعاده مهما فعلنا، أرجوكم ساعدوني، من المستحيل أن يذهب أبي إلى الطبيب النفسي، أو يعترف بأنه يعاني هذه الأعراض، والدي يرفض الرقية الشرعية، يقول بأن عصبيته لأننا نتعامل معه بشكل سيء، هل هناك علاج خفيف يحسن حالة أبي النفسية، ولا يكون العلاج إدمانيا، وأستطيع خلط الدواء مع الشراب دون علمه؟

علما أن هذه الأعراض تستمر مع أبي أحيانا لمدة شهر أو شهرين، ثم يعود طبيعيا ويضحك، ويكون سعيدا، ثم يعود للدوامة بعد فترة.

أفيدوني، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سندس حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكرك على التواصل مع إسلام ويب، واهتمامك بأمر والدك هذا، والأعراض التي تظهر عليه ربما تكون مرتبطة بنوع من التقلب المزاجي، والذي لا نستطيع أبدا أن نشخصه على ضوء المعلومات المتوفرة، أنه يعاني من اضطراب وجداني ثنائي القطبية، لأن هذا التشخيص له معايير التشخيصية، فلن يكون أبدا من الإنصاف أن نسميه بهذه المسميات دون أن يتم فحصه.

لكن ما سرد في رسالتك من معلومات مقدر جدا، ويضعني بالفعل في موقف أستطيع من خلاله أن أقول أنني على درجة معقولة من اليقين، أستطيع أن أقول أنه يعاني من تقلبات مزاجية، هذه التقلبات المزاجية ليس من الضروري أبدا أن تكون اضطرابا وجدانيا ثنائي القطبية، وقد يحتاج بالفعل لنوع من العلاج الدوائي البسيط، لكن قطعا نحن لا نصف أي دواء للمريض دون علمه، هذا تحتمه أخلاق المهن الطبية، أنا أقدر تماما حسن مقصدك، ونيتك الطيبة لمساعدة والدك، لكن قطعا التزامنا بأخلاق المهنة، لا يمكن أبدا أن يحيد عنه.

هذا لا يعني نهاية الطريق فيما يتعلق بعلاج والدك، يمكن للطبيب الباطني أو طبيب الأسرة أن يقوم بكتابة أحد الأدوية البسيطة، هناك مضادات القلق، محسنات المزاج كثيرة ومعروفة وموجودة، ومعظم الأطباء يعرفونها تماما، أقنعي والدك بالذهاب إلى الطبيب الباطني من أجل إجراء الفحوصات العامة، والتأكد من ضغط مستوى السكر، وبعد ذلك يمكن أن تخطري الطبيب بما يعانيه من توترات وعصبية وتقلبات مزاجية، ويمكن للطبيب أن يصف له شيئا بسيطا يساعده، فالأمر يمكن أن يحل من هذه الناحية، وهذا هو الذي أراه، وهذا هو الذي أنصح به.

قطعا ستكونين أنت وأخوتك أكثر صبرا في تحمل الوالد وإعطائه حقه وبره هذا مهم جدا، وموضوع معاناة في الصغر وما واجهه من قسوة تربوية من جانب والده، هذا الأمر يجب أن لا نثيره كثيرا، لا نستطيع أبدا أن نحكم على ما مضى -أيتها الفاضلة الكريمة-، نعم نعرف أن المخاشنات التربوية، عدم الموازنات التربوية يكون لها بعض الآثار السلبية، لكن من مضى يجب أن لا نحكم عليهم أحكام شديدة وقاسية، لأن المبدأ الفطري والجبلي يقول أن الآباء والأمهات يحبون أبناءهم حبا فطريا، لا يمكن لأب أو أم أن تعمل دون مصلحة أبنائها هذا غير موجود أبدا، لكن قد تكون المنهجية خاطئة في بعض الأحيان.

فإذا هذا باب يجب أن نغلقه ولا نشغل أنفسنا به كثيرا.

بارك الله فيك وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات