السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة، عمري 22 عاما، أعاني من الوسواس القهري منذ الطفولة وإلى الآن لم أشف منه، تعرضت منذ فترة لقصة صعبة نغصت عيشي ومنعتني من ممارسة حياتي بشكل جيد، ومشكلة الوسواس هي أنه يجبرني على التعرف على الشباب والتكلم معهم رغم أنني لا أحب ذلك، وأخاف الله وأحب أن أرضيه دائما، لكنني إذا لم أستجب نغص عيشي وأتعب صحتي! كنت أستجيب لهذا الوسواس اللعين وأتكلم معهم؛ حتى لا يرهق صحتي ويضغط علي أكثر، تعرفت على شاب يصغرني بأربع سنوات، أحبني وتعلق بي رغم أن كلامي معه كان عاديا جدا؛ فشعرت نفسي قد تورطت في علاقتي معه، وسمعت تهديدات الوسواس لي أني إذا تركته سوف يضايقني بشدة!
كنت قد وضعت حدودا بيني وبينه حتى أحمي نفسي من أي خطأ قد يحصل، لكنه قد تطرق معي إلى الحديث الجنسي، فكنت أصده دائما، وأكره نفسي؛ لأني قد تورطت في هذه القصة، ولم أستطع أن أفعل شيئا، فقط كنت أصده ولا أنفذ ما يريد، وشعرت بضيق كبير في صدري بوجودي معه، وكنت أخاف تسلط الوسواس علي؛ فكنت أبقى ولا أتركه وأصده في نفس الوقت إلى أن أتى ذلك اليوم الذي حدثني فيه جنسيا مرة أخرى، فوسوس لي الشيطان وحادثته كما أراد، ثم تكلمنا بالهاتف اليوم التالي، وبعدها تركني ذلك الشاب وقال: إنه يحب أخرى غيري، وأنني كنت خطأ بالنسبة له، ثم تسلط علي الوسواس وأرغمني على فعل أشياء لا أريدها؛ كالبقاء مع الشاب، أو شتمه، أو مسامحته، وأمور غريبة ومزعجة لا أريد القيام بها.
عانيت جدا وطرحت بالفراش عدة أيام، وبدأ الوسواس يقتل كل شيء حولي، صرت أبكي كالمجنونة ولا أفعل شيئا غير النوم والبكاء، وأحيانا أدعو عليه بشدة، أتتني أفكار انتحارية، وأنه لا جدوى من العيش من دونه، لم يدعني الوسواس وشأني.
في هذه القصة أرى الكثير من الكوابيس عنه في منامي، وأستيقظ باكية ولا أستطيع فعل أي شيء؛ فقد أكل وسواسه رأسي ولا أستطيع التخلص منه بسهولة، حاولت شغل نفسي والتعرف على أصدقاء جدد فلم ينجح الأمر، مع العلم أنني إلى الآن أتعالج سلوكيا ودوائيا دون أي نتيجة تذكر.
يا شيخ لقد تعبت هذا الحال، وأريد أن أرتاح، هل من نصيحة دينية تقدمها لي تفيدني للخلاص من هذا الوضع؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ sal حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.
الذي يظهر لي أنك تتابعين في العيادة النفسية أو مستشفى الطب النفسي في مؤسسة حمد الطبية، وأنا أؤكد أن الخدمات خدمات ممتازة، وأنت ذكرت أن العلاج معك لم ينجح حتى الآن، وأقول: العلاج -إن شاء الله- يفيد وينجح، وعلى الأقل يمنع التدهور، وأنا أعمل في مستشفى الطب النفسي، وليس لدي مانع أن تقدمي نفسك للعيادة؛ وسوف أقوم -إن شاء الله- بفحصك بالرغم من مشاغلي الكثيرة.
الذي تحدثت عنه وأسميته وسواسا قهريا هذا ليس وسواسا، هذا نوعا من الاستدراج الشيطاني، ونفسك يجب أن تكون قوية ويجب أن تكون مستبصرة، لا تجدي لنفسك أي نوع من التبريرات وتقولي إن هذا الفعل ناتج من الوسواس لا، الوسواس لا علاقة له بهذا الأمر، قد تكون لك وساوس لكن لا توجد وساوس تجر الإنسان للقيام بمثل هذه العلاقات المشينة، أنا أقدر مشاعرك جدا، لكن لا بد أن أنبهك لحقيقة الأمر، هذا الذي تتحدثين عنه ليس وسواسا، وأنا أنصحك بأن تتوقفي الآن عن هذه العلاقات ودون أي تردد، ولن يحدث لك أي سوء، فلا تستجيبي لتهديد لهذا الشاب أو لغيره، أقطعي الطريق أمامه تماما، وإن شاء الله حين تقدمين نفسك لي في العيادة سوف أضع لك البرنامج العلاجي الذي يساعدك -بإذن الله تعالى-.
الأفكار الانتحارية أفكار لعينة وشيطانية، والحياة طيبة، وكل الذي أقوله لك: لا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما، أكثري من الاستغفار، واستعيني بالله تعالى.
أنت صغيرة في السن، لديك -إن شاء الله تعالى- فرصة عظيمة لتعيشي حياة طيبة، فقط أنت مطالبة بأن تحتاطي بنفسك وبتفكيرك وبسلوكك وبمهارتك، وسوف تجدين أنك بالفعل قد تغيرت أحوالك وأفكارك، وعشت حياة طيبة -بإذن الله تعالى-.
استشارتك سوف تحول إلى أحد الإخوة المشايخ ليعطيك النصائح والتوجيهات والإرشاد المطلوب، والذي يجب أن تأخذي به.
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.
-----------------------
انتهت إجابة د/ محمد عبد العليم استشاري أول الطب النفسي.
وتليها إجابة د/ مراد القدسي مستشار العلاقات الأسرية والتربوية.
-----------------------
نشكرك على تواصلك مع موقع الشبكة الإسلامية، ونسأل الله لك الشفاء العاجل، وأن يصرف عنك كل سوء.
وأما الجواب على ما ذكرت؛ فهذه الوسواس والكوابيس المزعجة وما تجدين من ضيق شديد، وتسلط شيء يدفعك إلى ما يغضب الله تعالى، هذا كله من وجهة نظري هو مس من الجن أو سحر، ويلزم عليك الرقية الشرعية، وقد تظهر علامات أخرى من خلال القراءة، وأبشري بخير، ففك السحر أو المس ممكن -بإذن الله تعالى-.
ومما يمكن أن ننصح به يكمن في الآتي:
_عليك الاستعانة بالله تعالى، وكثرة الذكر وخاصة أذكار الصباح والمساء وأذكار النوم، وعليك بكثرة الاستغفار، وعليك بالدعاء والتضرع إلى الله تعالى، فالشفاء بيد الله تعالى.
_ عليك بالمحافظة على الصلوات والنوافل وقيام الليل؛ فهذا بلا شك من الأسباب الشرعية للخلاص من هذه الأدواء.
_ ننصحك أيضا أن تخرجي الصدقة للمحتاجين قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "داووا مرضاكم بالصدقة" فالصدقة لها أثر عجيب في تفريج الهم -بإذن الله تعالى-.
_ ومما ننصح به الحذر من الذهاب للسحرة والمشعوذين لفك السحر أو المس، فهذا لا يجوز شرعا، وإنما عليك بالرقية الشرعية من القرآن والسنة وما ثبت عن السلف الصالح، ويمكن أن ترقي نفسك بنفسك، وتكون الرقية الشرعية بالآتي:
_ اقرئي الفاتحة عدة مرات ثم انفثي على اليد وامسحي الجسد ومكان الألم.
_ قراءة الفاتحة وآية الكرسي والمعوذات على ماء و شربه، أو الاغتسال به، بشرط أن لا يسقط في مكان النجاسات.
_ اقرئي سورة البقرة على الأقل كل ثلاثة أيام مرة في البيت، وإذا شعرتي بالتعب فيمكن أن تستمعي لها من صوت أي قارئ. قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " اقرؤوا سورة البقرة فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا تستطيعها البطلة" قال معاوية: "بلغني أن البطلة السحرة" رواه مسلم برقم 804.
_ خذي عسلا طبيعيا واقرئي عليه.
_ اقرئي سورة الفاتحة وآية الكرسي والمعوذات 3 مرات، ثم كلي منه.
ومن الرقية التي يمكن أن ننصح بها: خذي قليلا من الماء وأضيفي عليه ملحا وأوراق سدر مطحونة، ثم يقرأ عليه:
_ الفاتحة سبع مرات.
_ آية الكرسي سبع مرات.
_ أول خمس آيات من سورة البقرة سبع مرات.
_ سورة الكافرون سبع مرات.
_ سورة الإخلاص سبع مرات.
_ سورة الفلق سبع مرات.
_ سورة الناس سبع مرات.
_ آيات السحر.
_ آيات الحسد.
ثم يشرب منه قليلا، ويغتسل به بعد أن يوضع في الثلاجة ليكون باردا -إذا استطعت- ويغتسل به عدة مرات حتى يكاد ينتهي، ثم ما تبقى لا يرمى في الحمام بل يكب في مكان طاهر.
_ حاولي التحلي بالصبر، ولا تستعجلي فلعل المرض قد يتأخر الشفاء منه لبعض الوقت.
_ ولا بأس من الذهاب إلى قارئة بالرقية الشرعية، ولا بأس من الذهاب إلى قارئ ولكن لا بد من وجود محرم.
_ وإذا لم تظهر علامات السحر أو المس فإن علاج الوسواس أن تكثري من الذكر وقراءة القرآن والاستغفار، وحضور مجالس العلم، والاستمرار في الأمور النافعة، وقطع التفكير وعدم الالتفات والاسترسال لداعي الوسواس.
وفقك الله إلى كل خير.