السؤال
أريد استشارة بها حل شاف لما أعانيه الآن من حيرة واختلاف في المشاعر، فأنا فتاة عمري الآن 25 سنة، مرت بي كثير من المشاكل، ومن الاختبارات الإلهية، والحمد لله، أراد الله أن يخرجني منها على خير بتوفيق من عنده، وأولها أنني خطبت مرتين قبل ذلك، ولكن فسخت الخطوبة؛ لأن شخصيتي قوية، وأنا أريد في من أرتبط به أن يكون قوي الشخصية مثلي تماما، أو أقوى مني، لكنهم كانوا عكس ذلك، ولم يحصل نصيب معهم.
وجاء الآن دور الاختبار: فأنا داومت على الصلاة والعبادة والدعاء إلى الله بأن يرزقني بزوج صالح يعينني على ذكره وشكره وحسن عبادته، فأرد الله أن يرسل لي شابا صالحا يحفظ من القرآن نصفه، ولا يريد غير إرضاء الله والعفاف، ومستواه المادي والاجتماعي جيد ومناسب لي، إلا أنني عندما رأيته في بادئ الأمر لم أشعر معه بالقبول لشكله، وهو أيضا به إعاقة في رجله -عافاه الله وشفاه- وأنا -والحمد لله- على قدر كبير من الجمال، وأرتدي الحجاب الشرعي، واستخرت الله ولم أشعر بشيء تجاهه أو بالبعد عنه، أنا معجبة بتدينه إلا أني متخوفة من أن تمتلكني الهواجس بعد الزواج بأنه غير ملائم لي من حيث الشكل والموضوع، وأخاف إن رفضته لذلك العيب أن يعاقبني الله بتأخر الزواج أو عدمه، فماذا أفعل في ذلك، وهو ينتظر مني ردا؛ لأنه يتعجل في أمر الزواج؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ جنة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فنسأل الله أن يقدر لك الخير ويسدد خطاك، ويلهمنا جميعا رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا!
فإن مقياس القبول للزوج هو صلاح الدين، وكل عيب ونقص بعد ذلك فإن الدين يجبره، وقد أحسن من قال:
وكل عيب فإن صلاح الدين يجبره وليس لكسر قناة الدين جبران
وإذا كان هذا الشاب يحفظ نصف القرآن، وهو مع ذلك ميسور وله وضع اجتماعي جيد، ولا يريد غير إرضاء الله، فماذا ننتظر أو نريد بعد ذلك؟
ولا أظن أن شكل الرجل يحدد مكانته، ولن نستفيد من رجل جميل المظهر ولكنه خبيث المخبر، وجمال الشكل عمره محدود، وقد يتعرض الإنسان لحادث أو مرض فيفقد مظاهر الحسن والجمال، ولكن كمال الأخلاق يسعد صاحبه في الدنيا ويرفعه في الآخرة إلى أعلى الدرجات، وأحب الناس إلى نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأقربهم منه مجلسا هم أصحاب الأخلاق الفاضلة، والله تبارك وتعالى يعطي الدين لمن يحب أما الدنيا فإنه يعطيها لمن يحب ولمن لا يحب؛ لأنها لا تزن عند الله جناح بعوضة.
وليس من مصلحتك تكرار الرفض للخطاب، ولن تجدي شخصا بلا عيوب، ولكن كفى بالمرء نبلا أن تعد معايبه، والإنسان ما ينبغي أن يحكم بالنظرة الأولى، ولكن لابد أن يصدر الرأي بعد تأمل وموازنة بين الإيجابيات والسلبيات، وأرجو أن تحرصي على تكرار صلاة الاستخارة، وهي طلب الدلالة إلى الخير ممن بيده الخير، ولأهمية الاستخارة فقد كان رسولنا ـ صلى الله عليه وسلم ـ يعلمها لأصحابه كما يعلهم السورة من القرآن، والمسلم يستخير ربه ويستشير الصالحين والصالحات ثم يتوكل على رب الأرض والسماوات، وإذا كان المستشار على معرفة بالرجل فإن رأيه سوف يكون أقرب للسداد.
ولا عقوبة عليك إذا كان الرفض لعدم ارتياحك النفسي له، ولكن المسلم يحسن الرد ويتجنب إحراج الآخرين، ولا يجوز لنا أن ننتقص أحدا من الناس لشيء خلقه الله فيه، فإن العدل سبحانه قد يعافيه ويبتلينا في أنفسنا أو في أعز الناس إلينا، وإنما يعاقب الإنسان إذا سخر من عباد الله وذكر عيوبهم وانتقص من قدرهم في مجالس الناس، وقد قال عليه صلاة الله وسلامه: (بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه).
ونصحي لك أن تحكمي عقلك، وتختاري بعد الاستخارة والاستشارة، وتذكري أن رحلة الحياة الزوجية ممتدة، وتعترضها أزمات ومواقف لا يحسن التعامل معها إلا من أصلح علاقته بالله، ولا تهتمي بكلام الناس فإن رضاهم غاية لا تدرك، وأكثري من اللجوء إلى الله وواظبي على طاعته.
ونسأل الله لك التوفيق والسداد.