السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
متزوجة منذ 3 سنوات، رزقني ربي بطفلة، زوجي غامض جدا ونقيض شخصيتي تماما، وعموما مشكلتي هي أني بالصدفة وجدته يتابع حسابات شاذة لأولاد منتكسين عن الفطرة، ويعلق عليهم ويتغزل فيهم، ويقول كلاما عمره ما قاله لي، فبدأت كل فترة أفتح حساباته وأنا أدري أن هذا غلط، لكني أريد معرفة ماذا ينظر؟
سلوكه معي سوي جدا وحتى في علاقته الجنسية غير مقصر، و غير ممكن أن أشك واحدا بالمائة أنه شاذ، السؤال هل متابعته لمثل هذه الحسابات تدل على انتكاسة عن الفطرة؟ والحسابات التي يراها إباحية، ولو كانت بنات أهون بكثير من أنها بين أولاد، ماذا أفعل؟ هذه الأيام بدأ يقنعني أنه يجب أن أحمل، لنأتي بأخ لابنتي، وأنا خائفة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سما حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -أختنا الكريمة- في الشبكة الإسلامية، وردا على استشارتك أقول:
الأصل في التعامل بين الزوجين الثقة، والتفتيش والتنقيب عما فعل مدخل من مداخل الشيطان الرجيم يفسد به الحياة الزوجية، وأنت قد ذكرت ذلك في استشارتك فقفي عند هذا، وإياك أن تستمري في ذلك.
إنني أشعر بمعاناتك النفسية جراء ما اكتشفت من فعل زوجك، وهذا أمر طبيعي جدا؛ إذ أن المرأة تريد من زوجها أن يكون مثاليا، وبعيدا عن مثل هذه الأفعال المخلة بالآداب.
من أسباب غموض شخصية زوجك البيئة والتربية التي نشأ فيها وعليها، فهنالك كثير من الرجال يحب أن تكون شخصيته كذلك، ومعالجة ذلك ليس أمرا مستعصيا، وذلك يكون بشكل تدريجي من خلال النقاش الهادئ للتوصل إلى معرفة كيفية تفكيره، وما يريد أن يفعل والدوافع التي تدفعه لذلك مع التسديد والتصويب.
زوجك بشر يصيب ويخطئ ويطيع ويذنب فلا تتعاملي معه على أنه ملك لا يقع في المعاصي، فطبيعة البشر الذنوب كما قال نبينا عليه الصلاة والسلام: (كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون) ويقول أيضا: (لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون فيغفر الله لهم).
ضعف الإيمان سبب من أسباب الوقوع في المعاصي فاجتهدي في تقوية إيمانه وربطه بالله تعالى من خلال أداء الفرائض، والإكثار من النوافل، وأعظم ذلك تلاوة القرآن الكريم، وصيام النوافل، وسماع المحاضرات والمواعظ المرققة للقلوب؛ لأن قوة الإيمان تورث مراقبة الله تعالى وتحجز عن الوقوع في المعصية.
عالجي هذا الانحراف بهدوء تام، وستدركين تغيره من خلال تصرفاته كأن يكون معتادا أثناء مشاهدة ذلك أن ينتقل إلى مكان معين، أو تكون له هيئة معينة، أو تتغير ملامح وجهه، ولعلك قد أدركت شيئا من ذلك من خلال تصرفاته.
لا تخبريه بما اكتشفت أبدا فضلا عن أن تتكلمي مع آخرين، بل استريه وعالجيه دون أن يشعر بأنك اكتشفت شيئا.
لا تغيري تصرفاتك معه، بل اقتربي منه أكثر، وابتدئيه بالكلام العاطفي، وخاصة بنفس العبارات التي يعلق بها على تلك المناظر، وتفنني في تحضير طعامه، وتجملي له، وأحسني توديعه واستقباله، وهيئي سبل راحته في بيته.
مشاهدة مثل تلك المقاطع المنحرفة لا تدل على انتكاسة زوجك فقد يكون دافع الفضول هو الذي أوصله لها وسول له الشيطان ونفسه الأمارة بالسوء الاستمرار في مشاهدتها وصولا إلى التعليق عليها، ولا فرق أختنا الكريمة بين مشاهدته لمقاطع أولاد أو بنات فكل ذلك محرم.
أرجو أن تكون لكما جلسة علمية كل يومين أو ثلاثة أيام؛ تتدارسون فيها كلام الله تعالى وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، وأقترح لكما تفسير العلامة السعدي، وشرح رياض الصالحين للعلامة ابن عثيمين رحمهما الله، فمن خلال المناقشة تستطيعين التوجيه برفق خاصة ما يتعلق بآداب النظر، ومراقبة الله تعالى والتخويف من عقابه ومداهمة الموت للإنسان، وهو مقيم على بعض المعاصي وهكذا.
لو تمكنت من استخراج بعض المقاطع من محاضرات مسموعة أو مرئية مؤثرة حول آداب النظر، ومن ثم ترسليها إليه بطريقة عفوية، وليس دفعة واحدة، ولا بشكل مرتب، وإنما بين الحين والآخر فذلك حسن بإذن الله.
لا أعتقد أن هنالك رابطا بين حثه لك على الحمل وما يشاهده؛ فطلبه أمر طبيعي، وعلى كل فترتيب الإنجاب يعود إليكما، وما اتفقتما عليه، وعليك الاجتهاد في حسن التربية وفقك الله.
أرجو أن تحافظا على ورد يومي من القرآن الكريم، مع المداومة على أذكار اليوم والليلة، وملازمة الاستغفار والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم؛ فذلك من أسباب جلب الطمأنينة للنفس وإزالة الهموم، ويجلب لكما الحياة الطيبة.
نسعد كثيرا بتواصلك في حال أن استجد أي جديد، ونسأل الله تعالى أن يصلح زوجك، ويلهمه رشده ويقر عينيك باستقامته، ويسعدك في حياتك معه إنه سميع مجيب.