السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عمري 21 سنة، غير متزوجة، مشكلتي هي أني أصغر واحدة وجميع المسؤولية علي! وأعاني عدم احترام إخواني ويغيظونني بأولادهم بحكم أن أبي كبير في السن ولا يعطيني حنانا، وأمي لا تبالي لذلك، وأخواتي متزوجات، وأمي رافضة زواجي واستقراري وخلاصي من المضايقات من إخواني وزوجاتهم وأولادهم، ورفضت شقيق صديقتي من غير أسباب مقنعة، وحاولت بالإقناع وبالأحاديث، وأختي الوسطى تحدثت معها، والجميع يتحدث معها، فهي تقول بأني آكل وأشرب، ماذا أريد أكثر من ذلك؟!
وأنا هنا تضايقت جدا، فلماذا لا تريد أن تفرح بي ولا تفرج علي من الضغوط، علما أنها بدأت تؤثر على نفسيتي، فمنذ 4 سنوات أعاني من الدورة الشهرية وعدم انتظامها، وأمراض عديدة، كما أني الآن أعاني من غضب داخلي، تعبت من التصنع، وأن أتماشى مع الأمور ولا أغضبها، ولا أريد العقوق بها أو بوالدي.
فالآن أتمنى أن أخرج الغضب، أتمنى رؤية دم، وأن أضرب شخصا، هل هذا طبيعي؟ وما الذي علي فعله؟ فهي ترفض زواجي وتقول عنادا، لماذا عناد؟ وما الحل معها، فأنا أخاف أن أرفع العضل، وأنا جالسة في البيت يلحقني أذى منهم، هل أذهب بها إلى شيخ متدين ينصحها أو طبيب نفسي؟ وكيف أقنعها بذلك؟ علما أن الزواج ضروري لي، فالحرام كثير ولا أود ذلك.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ reem حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فهنالك من الآباء والأمهات من تتمنع من تزويج البنت الأخيرة؛ لأنها تريد من يعينها على أعمال المنزل وأعبائه، وهذه بالطبع حجة واهية، وليست الحياة أكلا وشربا فقط، فهنالك عواطف وغرائز في الإنسان تحتاج إلى أن تشبع، وإشباعها قد يكون أحيانا أهم من الأكل والشرب.
أتوقع أن محاورتك لوالدتك برفق ولين، والتذلل بين يديها، وتحريك عاطفة الأمومة فيها، وصب الدمع بين يديها سيكون له دور كبير في حل مشكلتك.
* لا تبتعدي عن والدتك، ولا تجعلي تصرفاتها تولد عندك صدودا وإعراضا عنها، وجفوة في التعامل، وقسوة في الألفاظ، ووحشة في القرب منها، فذلك هو ما يريده الشيطان الرجيم من قطع الأرحام والتحريش بينهم.
* أقترح عليك أن تنظري في أقرب أخواتك إليك، وتطلبي منها إقناع أقرب إخوتها إليها بقضيتك ومعاناتك، وبضرورة التحدث مع والدك وأمك، وهكذا حتى يقتنع الجميع، فإن اقتنعوا جميعا وإلا فأغلبهم ومن ثم تهيئون لجلسة مع والديك ومحاولة إقناعهم.
* أقترح عليك أن تقتربي من أهل بيتك أكثر وخاصة والدتك وتتفاني في خدمتها وتوددي لها بالكلام الطيب، وقومي بخدمة والدك والتذلل بين يديه، وتطلبي منه الرضا والدعاء، فذلك سيكون سببا في ترقيق القلوب بإذن الله.
* اقتربي من إخوانك وتوددي إليهم، وأشعريهم بحبك لهم، واجعليهم يحسون بك وبمعاناتك، وتحدثي إليهم، ولا تنتظري أن يأتوا إليك، وابدئي بأقربهم مودة لك، ولا أعتقد أن العاطفة تجاهك قد نزعت من قلوبهم، فأنت أختهم ورحمهم.
* انظري في أسباب عدم احترام إخوانك لك فقد تكون ثمة أسباب، ويمكن التعرف على تلك الأسباب من خلال مناقشتهم في الأوقات المناسبة، فإن عرفت الأسباب عملت على تلافيها.
أعتقد أن ثمة خلل أو حلقة مفرغة في أسرتك، فلا بد أن تجتهدي في معرفتها؛ لأن اكتشافها سيكون سببا في لم الشمل وجعل أفراد الأسرة يحس بعضهم ببعض ويجتهدون في الوقوف مع من له معاناة معينة.
* أتمنى أن يكون لك الدور الأبرز في جعل أسرتك كالجسد الواحد الذي إن اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر.
* توثيق الصلة بالله لدى والديك والاجتهاد في تقوية إيمانهم أمر ضروري، فضعف الإيمان يولد القسوة في القلوب ويثمر أعمالا وتصرفات قاسية.
* يمكنك أن تشركي أخوالك أو خالاتك في حال فشل محاولات إخوانك، وإن شاء لن يفشلوا وذلك أن تسري إليهم بمعاناتك وتطلبي منهم أن يقنعوا والدتك بطريق لا تشعرها أنك طلبت منهم ذلك.
* اجتهدي في التعرف على أقرب صديقات والدتك ممن تثق فيهن وتستمع لنصحهن فتشركيها في إقناع والدتك بدون أن تشعرها أنك تحدثت معها.
* احذري من الشيطان الرجيم الذي يحاول أن يشحن صدرك على أفراد أسرتك كي تصبحين عدوانية تودين إنزال الضرر بهم فقولك: (إنك تتمنى أن تخرجي الغضب وتتمني رؤية دم أو ضرب شخص) مؤشر لذلك، فاستعيذي بالله من الشيطان الرجيم.
أنت -يا ابنتي- لا زلت في عمر الزهور بحسب استشارتك، فلا تتعجلي في أمر الزواج، ونصيبك سيأتيك لا محالة، وإن وقفت الدنيا كلها في وجهك.
* اجتهدي في إصلاح علاقتك مع الله، ووثقي صلتك به، واجتهدي في تقوية إيمانك، فمن صلح حاله مع الله أصلح الله ما بينه وبين الناس.
* الزمي الاستغفار وأكثري من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- فذلك من أسباب تفريج الهموم وكشف الكروب، كما قال عليه الصلاة والسلام: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا)، وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إذا تكف همك ويغفر ذنبك).
* تضرعي بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجد، وتحيني أوقات الإجابة كالثلث الأخير من الليل، وسلي الله تعالى أن يفرج همك، وأن يلين قلب والدتك، ويصلح علاقتك مع إخوتك، وأن يرزقك الزوج الصالح الذي يسعدك، وكوني على يقين أن الله سيستجيب لك وسيحقق لك مناك.
* أكثري من تلاوة القرآن الكريم، وحافظي على أذكار اليوم والليلة يطمئن قلبك، كما قال تعالى: (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ۗ ألا بذكر الله تطمئن القلوب).
نسعد بتواصلك في حال أن استجد أي جديد، ونسأل الله تعالى أن يفرج همك، وأن يعطيك من الخير ما تتمني، ويصرف عنك كل مكروه إنه سميع مجيب.