السؤال
السلام عليكم
أنا شاب بعمر 20 عاما، أعاني من عدم الثقة بالنفس، وأحس أني ليس لدي شخصية، وأحاول دائما أن أقلد شخصية أخرى أرها، سواء رأيتها في مجتمعنا أو في التلفاز، وأقلد كل تصرفات تلك الشخصية منذ كنت صغيرا كان الناس يقولون عني مجنون، لكن بحمد لله قد تغيرت نظرت الناس لي مع مرور الوقت لأني وعيت على تصرفاتي، وبقت أشياء في لم تتغير، وهي أني أقلد أي شخصية أراها كما قلت لكم مسبقا، وإحساس بدرجة أني عندما أتكلم مع أحد ويضحك، أحسه يضحك علي.
لدي مشكلة أخرى وهي أنه دائما تخرج من لساني كلمات أندم عليها، وكثيرا ما أخطئ في تصرفاتي، وأرى بعض الناس يضحكون علي ويحاولون أن يسخروا مني بتصورهم أني مجنون، فقد تركت دراستي لجامعية لهذا السبب، لأني كنت أدرس كلية إعلام في مدينة بعيدة عنا، وكنت أسكن هناك في أقسام داخلية، كان معي في الأقسام 10 طلاب أتيت معهم لم أتكلم، ودائما أحب السكوت، وعندها شعرت أني في نظرهم ضعيف الشخصية، لأنهم كانوا يقولون عني فقير، وتعني بالمصطلح الاجتماعي ضعيف الشخصية أو هادئ.
قلت سأحاول أن أكون شخصية اجتماعية وقوية أمامهم، وهنا كانت الطامة الكبرى، فعندما أتحدث أخطئ بكلامي وتصرفاتي، ولا جيد التكلم مثل الناس الذين لديهم شخصية قوية.
كذلك أرى الطلاب الذين معي يمزحون بينهم بكلمات، وعندما يمزح شخص منهم معي بكلمة وأمزح معه أحسه لا يتقبل، وينزع والمزاح هو الذي دمرني، فقد أنزعج من نصفهم، وطلبوا من مشرف أن يخرجني من الغرفة التي هم فيها، وعندما وضعوني في غرفة أخرى يئست جدا، وقلت في قلبي سأكون مضحكة وسخرية لهم، والسبب تصرفاتي الغريبة أو أخطائي في التحدث، وتركت الدراسة أي أجلتها إلى السنة القادمة أدرس في مدينتي، ولكن بقيت لي ذكريات أليمة جدا، وعندما أتذكر ما حدث لي أحزن حزنا شديدا، وأفكر أحيانا بالانتحار، خصوصا عندما أذكر أخطاء الماضي.
أرجو منكم أن تجدوا لي العلاج أو تنصحوني، فأنا أتقبل النصائح، ولأني يئست جدا من الحياة الاجتماعية، وبدأت أعيش دائما مع الخيال لكي أنسى الواقع.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أرشد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
شكرا لك على التواصل معنا والكتابة إلينا ببعض معاناتك، أعانك الله وخفف عنك بعض هذه المعاناة، وهو بالإجابة جدير.
نعم مع الأسف يمكن للناس ألا يرحموا أو يتقبلوا من هو مختلف عنهم بطريقة من الطرق، وأنا آسف أنك تركت دراسة الجامعة لهذا السبب، وإن أشار لشيء فإنه يشير لحجم المعاناة التي عشتها، وأكيد لم يكن القرار بالسهل عليك بأن تترك دراسة الإعلام في الجامعة، فأكيد أن هذا كان حلم حياتك.
ما حدث قد حدث، وأصبح تاريخا، فما العمل الآن؟
لا شك أنك تعلمت الدروس الكثيرة من كل هذه الأحداث، مما سيعينك على التغيير المطلوب في الجزء القادم من حياتك.
مما لا شك فيه أنك تعلمت أن إرضاء الناس غاية لا تنال، وأن على الإنسان أن يعيش بالطريقة التي يراها صحيحة، بشرط أنه لا يخالف الدين ولا العرف، وأما الفروق بين الناس وطبائعهم وشخصياتهم، فلكل منهم حياته الخاصة.
من الدروس أيضا أن الذي لا يعجب الناس فيك أو في شخصيتك، إنما هي مشكلتهم وليست مشكلتك، وهذه نقطة هامة، بمعنى أن كل شيء لا يرضاه الناس فيك أو لا يتقبلونه منك، وربما يسخرون منك، فاسأل نفسك هل هذه مشكلتي أو مشكلتهم؟
إذا اعتقدت بأنها مشكلتك فاسأل نفسك لماذا؟ وهل بإمكانك تغييرها؟
وإذا كانت مشكلتهم فالتغيير يجب أن يتم من طرفهم وليس من طرفك، وكما حدث معك عندما غير الناس نظرتهم السلبية لك، بعد أن كانوا ينادونك بألقاب السخرية والاستهزاء.
يمكنك هنا الاستعانة بقول الرسول الكريم ناصحا لنا: (استعن بالله ولا تعجز) فلابد من الكفاح، ولا بد من بعض المعاناة، وهكذا هي الحياة، كر وفر، ومرة لنا ومرة علينا، حتى تحقق الحلم الذي كنت تحلم به، وهذا يوصلني لنقطة مهمة أردت أن أتحدث معك فيها، وهي: هل بإمكانك العودة لمتابعة دراسة الإعلام بشكل من الأشكال، وليس بالضرورة في نفس الجامعة، فهذه العودة ستعطيك بعون الله شعورا عظيما بقوة شخصيتك، وسترمم كل الجراح السابقة، وتضعك من جديد على طريقك الذي اخترته لنفسك.
لا شك أن العلاقة القوية بالله تعالى، من خلال الصلاة وتلاوة القرآن، ومن خلال الأنشطة المفيدة وخاصة الرياضة والنظام الصحي السليم، فكل هذا سيعزز من ثقتك في نفسك، ويعينك على تقوية شخصيتك بالشكل الذي تحب.
وفقك الله، وإن شاء الله نسمع أخبارك الطيبة الإيجابية.