السؤال
السلام عليكم
أنا تكلمت معكم عن موضوع الانترنت: بأني لا أريده في البيت بسبب الفتنة، والتي فتنا بها كثيرا، وأم زوجي تريده في البيت، وتكلمت وقلت لها: لا أريده بسبب الحرام، وهي كل شهر لا ترد على كلامي وتدخله في البيت!
قلت لها هذا الشهر مستحيل أن تدخلوه في البيت، وحلفت لها إذا ادخلتموها سأكسر جهاز الانترنت، علما أن زوجي كذلك لا يريده، ودخل الشهر وأدخلوه وكسرته وتشاجرنا أنا وهي، وأسمعتني كلاما سيئا، وهي تفكر أني أريد أن أفرق بينها وبين ابنها، وهو زوجي، وأنا متضايقة من تفكيرها، هل آثم على تصنيف تفكيرها وعلى تصرفي هذا؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ leanahmad حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
لقد وضع لنا نبينا الكريم عليه الصلاة والسلام قاعدة عظيمة في قوله: (ما كان الرفق في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه) فعليك دائما بالرفق.
استعمال النت فيه منافع ومنها التواصل مع الأصدقاء والأهل، والدعوة والوعظ عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وله أضرار على السلوكيات والأخلاق، ومنها ما يعرض عبر المواقع الإباحية، عياذا بالله تعالى.
الموضوع يحتاج إلى تقوية الإيمان بالله الذي يولد الرقابة الذاتية، والخوف من الله تعالى أن يدخل إلى المواقع محرمة.
لقد صار الإنترنت من كماليات الإنسان التي تحقق له منافع عظيمة لو استخدمت استخداما صحيحا، وهي أشبه ما يكون بالتلفزيون.
أشكر لك غيرتك على حرمات الله تعالى، ونسأل الله تعالى أن يكتب لك الأجر، ولكن ينبغي أن يكون أسلوب الحوار والإقناع هو المتبع في مثل هذه الحالة، لأن الترك حين يكون عن قناعة يؤجر عليه الداعي والمدعو، أما إن ترك من دون اقتناع فإنه لا يؤجر، لأنه يبقى في قلبه الرغبة، وإذا تمكن في وقت آخر دخل إلى تلك المواقع.
جاء شاب إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ائذن لي بالزنا، فقال له أدن فدنى فوضع يده على صدره ثم قال له أترضاه لأمك؟ قال: لا، فقال: (وهكذا الناس لا يرضونه لأمهاتهم)، أترضاه لأختك؟ قال: لا، فقال: (وهكذا الناس لا يرضونه لأخواتهم)، ثم دعا له، فذهب عنه ما كان يجد في صدره من حب الزنا، والشاهد من هذا هو أنه لم يعنفه ولم يتكلم معه بكلام قاس، وإنما حاوره وأقنعه بالترك، وهذا هو المطلوب.
لا أدري هل هنالك من يدخل إلى المواقع المحرمة من المقيمين معكم في البيت، أم أن المسألة مبنية على الظن؟!
إن كنت بنيت المسألة على مجرد الظن فلا أرى من المناسب ما فعلته، لأنه تسبب في إحداث مشكلة حقيقية بينك وبين أم زوجك، وربما بين زوجك وأمه، ولمعالجة الوضع لا بد أن تعتذري لها وأن تبرري لها أسباب فعلك، وتعيدي العلاقة إلى طبيعتها مع الاستمرار بالوعظ والتذكير، فإن كانت مصرة على بقاء النت في البيت فأعيدوه وعليها تحمل كل التبعات.
إصلاح فكرها وتفكيرها يتم عبر تعليمها وتوجيهها برفق وحكمة، وتبصيرها بعيوبها بطريقة لا تستفزها، وحبذا لو كان عن طريق صاحباتها ممن تثق بهن وتقبل مشورتهن.
إن كان هنالك من تيقنتم أنه يدخل إلى المواقع المحرمة فلا بد أن تخبروها بذلك من أجل أن تقوم بالنصح والتوجيه، ما لم فإنها تتحمل المسئولية أمام الله، وإثم من يدخل تلك المواقع، لأن إخراج النت دون قناعة من الأم على أقل تقدير سيتسبب في إيجاد شرخ كبير في أوساط الأسرة، وهي مفسدة قد تكون أكبر من مفسدة بقاء النت.
بإمكانك أنت وزوجك أن تبتعدا بأنفسكما عن استعمال النت، وبهذا تسلمان من التبعة، وتضرعوا بالدعاء بين يدي الله تعالى، في حال سجودكم، فأقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، وسلوا الله تعالى أن يصلح شأنها ويبصرها بعيوبها وأن يديها إلى سواء السبيل.
أخبري زوجك أن يقترب من أمه أكثر، وأن يبرها ويصلها ويهدي لها بعض الهدايا الرمزية التي تشعرها بقربه منها، حتى لا تشعر أنك غيرته أو أنك سحبت فلذة كبدها منها، واستأثرت به.
احتسبي الأجر عند الله، والزمي الاستغفار فإنه من أسباب زوال الهموم، كما قال عليه الصلاة والسلام: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا).
تعاملي مع الناس بأخلاقك لا بأخلاقهم، واشتغلي بإصلاح عيوبك عن النظر في عيوب الناس، واستعيذوا بالله من الشيطان الرجيم الذي يسعى للتفريق بين الأسر عبر التحريش بينهم فقد ثبت في الحديث الصحيح (إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون ولكن رضي بالتحريش بينهم).
نسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد إنه سميع مجيب.