السؤال
السلام عليكم..
جزاكم الله خيرا على نشر العلم وحل المشاكل.
لي أخت واحدة ليست أكبر مني بكثير، كنا مترابطين، ومع الوقت تفرقنا إلى أن صارت العلاقة شبه سطحية، هي لا تقبل العتاب، وتغضب لأقل الأسباب، ولها أسباب، وتهول الأشياء، لم تقف بجواري في أهم مراحل حياتي من خطبة وكتب كتاب وزواج، وأيام كثيرة مرت بي لا وجود لها.
قلبي امتلأ منها، وأصمت وأنسى، ولكن عندي قناعة أنها لم تكن لي الأخت التي تمنيت، أو قامت تجاهي بما يجب بين الإخوة، ولم أبتعد، حاولت الحفاظ على الكلام معها رغم سطحية ردودها، وحاولت التواجد في أي ظرف لها قدر استطاعتي، زاد غضبي منها، مع شكوى أمي منها، وعدم الشعور بها وبمرضها، كنت أحكي مع أمي عبر وسائل التواصل، وتشتكي أمي فأغضب وأتكلم عنها بالسوء.
تجسس شخص على إيميل أمي وعلى كلامي أنا وأمي بخصوص أختي وزوجي، ويوجد قرائن أنه زوج أختي والله أعلم، حيث أرسل بشكل مستعار لزوجي يريد الوقيعة بيننا، وأختي حانقة وغاضبة مني، وتنظر أن لها كل الحق أن أعذرها، واعتذرت لها، وحاولت أن أذكرها بأننا إخوة، وعفا الله عما سلف، وهي لا تسمح لي بالعتاب وتبتعد، مع علمي أنها تركت زوجها يتجسس على أمي ويهدد أختها، ويريد الوقيعة بيني وبين زوجي، وهو لم يساندني في يوم، كان فقط يضايقني بكلامه، أحيانا إذا تواجد بيننا حديث من الأصل تشاجر مع أبي كثيرا وكنا نسترضيه لأجلها، كنت أود أهله من أجلها، ولم أواجهها بالقرائن بأنه تجسس على أمي، وأحدث الفتنة بيننا، لكي لا يزيد الأمر سوءا.
أنا أعلم أني أخطأت، ولكني كنت أحكي مع أمي، ولا أعلم ماذا أفعل معها؟ فكلما تكلمت معها تعود لذكر الكلام، وقلتي كذا وحكيت كذا، وأكرر الاعتذار، ولكن ضقت ذرعا لأنها لا ترى يوما بأنها مخطئة في حقي، ولا تصمت لأجل ما فعله زوجها من الفتنة بيننا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حفيدة خديجة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
تعامليها بأحسن مما عاملتك به. وقولي بلسان الحال ما قاله الأول بلسان المقال في قوله:
فإن الذي بيني وبين بني أبـي وبين بنـي عمـي لمـختـلف جـدا
فإن أكلوا لحمي وفرت لحومهم وإن هدموا مجدي بنيت لهم مجدا
ولا أحمل الحقد القديم عليهم وليس كريم القوم من يحمل الحقدا.
كما يجب عليك -أختي الكريمة- التحلي بمزيد من الصبر والحلم، والدفع بالتي هي أحسن كما قال تعالى: (ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم * وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم).
ولا تعجبي أو تقلقي إذا وجدت بعضا ممن تحبين من أسرتك أو أصدقائك لا يبادلك نفس الشعور, إذ الكمال لله تعالى, وأما البشر فقد طبعوا على النقص والضعف والجهل والعيب.
ومن ذلك سوء الظن والفهم والمعاملة من دون موجب أو مبرر شرعي، إلا ما يكون أحيانا نتيجة طاعة الشيطان الرجيم والنفس الأمارة بالسوء والهوى، أو التحريش من جهة زوج أختك كما ظهر لك بحمد الله تعالى، فنعمة من الله أن تظهر لك قرائن وعلامات تكشف الجهة التي تقف وراء هذا التحريش.
وأما بصدد (زوج الأخت)، والذي يظهر أنه رأس المشكلة –هداه الله وأصلحه-: فلا بد من القيام بواجب نصحه ووعظه بشدة سواء من جهتك أو من جهة من تثقين بعلمه ودينه وأمانته ونصحه من فضلاء أهله وأقاربه في بيان حرمة التجسس في قوله تعالى: (ولا تجسسوا)، وحرمة التحريش بين المؤمنين, فالأقارب والأرحام من باب أولى. (إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب, ولكن بالتحريش بينهم) رواه مسلم.
وأما بصدد أختك: فإن خطأها وإن كان أظهر من خطئك في الكلام عنها عند أمك، والتي لا ينبغي المبالغة فيها؛ كونها كانت شكوى لأمكما وليست لجهة خارجية بخلاف ذنب زوجها في التجسس –لو ثبت–؛ ولذا فالواجب عليك الاعتذار لها حرصا على تنقية الأجواء وتصفية العلاقات وإرغام المحرشين، والاستمرار في سعيك الكريم لإصلاح ذات البين، فإن حصل فبفضل من الله والحمد لله, وإن لم يحصل فحسبك أنك أديت واجبك (إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنـا التواب الرحيم).
واعلمي -أختي الفاضلة- أن الحياة طبعت على البلاء، فلا بد من الإيمان بالقدر، ومواجهتها بالشكر والصبر، والإقبال على الله، واللجوء إليه بالدعاء والذكر وقراءة القرآن، فإن (قلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء) رواه مسلم.
أسأل الله أن يفرج همك، ويشرح صدرك، وييسر أمرك، ويجمع شملك مع أهلك وأحبتك على خير.